الخميس 9 مايو 2024 مـ 05:36 صـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

رئيس العربي للمياه: 18 دولة عربية تحت خط الفقر المائي

- أبو زيد: يجب إنشاء تحالف عالمي لدول المصب للعمل على حماية الحقوق المائية

- على أثيوبيا ومصر والسودان الانخراط في مفاوضات سد النهضة بشكل عاجل



قال الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه: «إن الأمن المائي يشكل تحدياً محورياً أمام تنمية منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقا واستقرارها. وكما تعلمون فإن التحديات الرئيسية فى المنطقة العربية تتمثل فى ندرة المياه، و تعرض المصادر المائية لظروف غير آمنة، وعدم توفر الأمن الغذائى، و صعوبة الوصول لمياه الشرب النقية وخدمات الصرف الصحي و المشاكل البيئية المتصاعدة، فضلا عن عدم كفاءة الهيكل الخاص بحوكمة مصادر المياه».

اوضح في كلمته خلال مؤتمر الأمن المائى فى ظل ندرة المياه (التحديات والفرص) أن التحديات تثير قدراً من الإهتمام يتجاوز حدود قطاع المياه بكثير، لذا يجب أن يتم تناول هذا الموضوع لا بين جمهور المتخصصين فحسب، بل أيضاً بين الأطراف الفاعلة وواضعي السياسات على الصعيد الإقليمي، ومن ضمنهم ممثلو الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني وشركات المرافق.

اوضح أنه نظراً لندرة المياه نسبياً، فإن المياه كانت دائماً مصدراً للفرص والمخاطر في المنطقة، متسائلا، فيم تختلف تحديات المياه في يومنا هذا عنها منذ عقد أو حتى قرن من الزمان؟ وكيف يمكن للأمن المائي أن يسهم في رفاهية المنطقة اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً، وفي مسارها نحو السلام والاستقرار؟

تابع ان الإجابة تكمن عن هذين السؤالين في التطور السريع الذي شهده السياق الاجتماعي الاقتصادي والبيئي والسياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو السياق الذي يتسم بارتفاع معدلات الزيادة السكانية (البالغة نحو 2 في المائة سنوياً) ولا سيما توسع المدن، حيث يتوقع أن يتضاعف عدد سكان المدن في المنطقة بحلول عام 2050 إلى ما يزيد عن 400 مليون نسمة.

أكد ان الاستهلاك المتزايد، مقروناً بعدم كفاية ترتيبات الحوكمة وضعف التنفيذ، إنما يؤدي إلى تزايد نضوب موارد المياه، ولا سيما المياه الجوفية، بمعدل غير مسبوق. يضاف إلى ذلك أيضاً أن الممارسات غير المدارة على محور الترابط بين المياه والطاقة والغذاء Water-Energy-Food Nexus إنما تساهم في الاستغلال المفرط للموارد المائية.

اشار الى ان تغير المناخ يشكل مجموعة أخرى من الضغوط على الوضع الحالى السريع التطور، حيث أن الآثار السلبية لتغير المناخ على كميات المياه المتاحة تستدعي تدابير عاجلة لتخصيص المياه واستخدامها بأسلوب أكثر حكمة، كما يسفر تغير المناخ أيضاً عن ظواهر مناخية متطرفة أكثر تكراراً وأشد قسوة، وهذا سيزيد بدوره مخاطر الجفاف والفيضانات، مما سيلحق ضرراً غير متناسب بالفقراء ويزيد من احتمالية النزوح القسرى للسكان.

تابع انه لما يؤسف له أن كثيراً من البلدان الأشد هشاشة هي في الوقت نفسه البلدان التي تعاني أشد المعاناه من الإجهاد المائي. وما يدعو للأسف أيضاً أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ظلت تعاني من الاضطرابات منذ سنوات وحتى الآن. ويكشف الصراع والإجهاد المائي مواطن ضعف نظم إدارة المياه الحالية، التي كانت ذات يوم تقدم الخدمات لمواطنيها لكنها الآن لا تستطيع أن تفعل ذلك وهم في أمس الحاجة إليها.

أما عن الفرص المتاحة اكد أنه على الرغم من أن تحديات الموارد ستظل مضنية، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أمامها فرصة للتوسع في استخدام ما هو متاح من موارد مائية غير تقليدية لتعويض العجز المائى، ويشمل الابتكار فى تنمية الموارد المائية غير التقليدية المشروعات التى تمت أو جارى تنفيذها لتضييق الفجوة بين العرض والطلب بالمنطقة العربية منها على سبيل المثال لا الحصر: مشروعات تحلية مياه البحر، إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه العادمة المعاَلجة، تنمية مصادر المياه الجوفية شبه المالحة لاستخدامها فى أنظمة رى الوديان، حصاد مياه الأمطار وغيرها.

اشار الى أن المجلس العربى للمياه بالتعاون مع الشركاء قد قام بتنظيم المنتدى العربى الخامس للمياه فى سبتمبر الماضى بمدينة دبى بالإمارات العربية الشقيقة، وقد كانت من أهم توصياته أن تكون إعادة الاستخدام الآمن والمستدام لمياه الصرف الزراعى والمياه العادمة المعاَلجة خياراً إستراتيجياً أساسياً يجب أن تتضمنه جميع الإستراتيجيات المائية الوطنية، وأن تتعاون جميع الجهات ذات الصلة في إعدادها وتنفيذها.

أكد على ضرورة أن تعمل الدول العربية على زيادة ما هو متاح من موارد مائية غير تقليدية لتعويض العجز المائي، حيث وصل عدد الدول المصنفين تحت حد الفقر المائي المعروف ب ١٠٠٠ م٣/فرد/عام من المياه السطحية والجوفية المتجددة إلى ١٨ دولة من ٢٢ دولة عربية، ووصل عدد الدول المصنفين تحت حد الفقر المضجع والمعروف ب ٥٠٠ م٣/فرد/ عام إلى ١٣ دولة.


تابع أن الترابط بين الأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة والمناخ لابد أن يكون محور الاستراتيجيات المائية الوطنية، كذلك إعادة استخدام مياه الصرف خيار استراتيجي أساسي يجب أن تتضمنه جميع الاستراتيجيات المائية الوطنية، والتي يجب أت تتعاون جميع الجهات ذات الصلة في إعدادها وتنفيذها، مع ضرورة دعم الجهود المبذولة في المنطقة العربية في مجال تحلية المياه المالحة، وتوطين تكنولوجيا التحلية، واستخدام الطاقة الشمسية في التحلية، والتي تشهد تقدم ملموس على مستوى خفض تكلفة التحلية في العديد من الدول العربية.

كذلك يجب تبادل الخبرات حول تكنولوجيات الري الحديثة وآليات التمويل والاستثمار والترتيبات المؤسسية اللازمة لمشروعات الري المحلية الصغيرة ودعم صغار المزارعين وتطوير زراعاتهم ونظم الري والزراعة المناسبة لهم، مع تقاسم المياه والمنافع ليكون على مستوى مياه أحواض الأنهار بأكملها وعدم الاقتصار على مياه الأنهار فقط، بما يحقق التنمية المستدامة للجميع.

شدد على ضرورة الدعوة لإنشاء "تحالف عالمي لدول المصب" للعمل على حماية الحقوق المائية لدول المصب والدفاع عنا، و الإسراع في انخراط أثيوبيا ومصر والسودان في مفاوضات جادة بهدف الوصول لإتفاق قانوني ملزم في أسرع وقت حول ملء وتشغيل سد النهضة، وهو ما أوصى به البيان الرئاسي لمجلس الأمن، والذي يعكس قلق المجتمع الدولي تجاه طول أمد المفاوضات.

حث أبو زيد الدول العربية على انشاء هيئات للتعاون المشترك بكل الأحواض المائية المشتركة تضم جميع دول الحوض المعنية من أجل التعاون في شتى مجالات المياه والغذاء والطاقة بالإضافة الى التعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي بين شعوب الحوض وإقامة المشاريع المشتركة بما يحافظ على حقوق جميع الدول في التنمية المستدامه مع عدم الإضرار بالحقوق المائية لأي دولة.

وفي ختام كلمته اكد أنه يتضح أن الأمن المائي يعني بما هو أكثر بكثير من مجرد التأقلم مع ندرة المياه. فهو يستلزم ضمان توفير مياه ميسورة التكلفة وعالية الجودة للمواطنين لتعزيز العلاقات بين مقدمي الخدمات والعملاء والمساهمة في المزيد من الشفافية والمساءلة.