الجمعة 29 مارس 2024 مـ 11:01 صـ 19 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تأثير المناخ على الزراعة

الدكتور إبراهيم غانم
الدكتور إبراهيم غانم

تعد الزراعة أهم الأنشطة الاقتصادية وأكثرها اعتمادًا وتأثرًا بالظروف المناخية، حيث أن عناصر المناخ المتمثلة في الاشعاع الشمسي ودرجة حرارة والرياح والرطوبة النسبية، لذلك من الظروري أن نحلل وندرس العلاقة بين المناخ والزراعة، فاعتمادا على النتائج المستخلصة من هذة العلاقة يمكن تحديد السماد الأنسب لخطط التنمية الزراعية التي تشكل جانبا هاما وأساسيًا في خطط التنمية الاقتصادية، فعلى سبيل المثال يمكن تعديل مواعيد زراعة بعض المحاصيل تبعا للتغيرات المناخية المحلية او تحديد مواعيد زراعة المحصول الواحد في كل إقليم على حدة بما يتوافق مع التغيرات المناخية المكانية، ويتصف المناخ ضمن مجموعة من العوامل الرئيسية التي تؤثر في تكوين التربة الزراعية، حيث أن له دورا هاما في تحديد خصائص العديد من انواع التربات وتعد الرطوبة ودرجة الحرارة اهم العناصر المناخية المؤثرة في تكوين التربة و ترجع أهمية الرطوبة الى ان المياة تمثل عنصرا يشارك في العديد من العمليات الطبيعية والكيميائية والحيوية التي تحدث في التربة فبدون عملية التحليل الكيميائي ويمكن  حدوث العديد من التفاعلات الكيميائية المعقدة في العناصر المخصبة للتربة والمفيدة للنمو النباتي يتضح من هذا العرض لعلاقة المناخ بالزراعة واثرة الكبير في المجال الزراعي الاهمية الكبرى للمعلومات المناخية التي تصف حالة المناخ.

 

يعد عامل المناخ من أكبر العوامل الطبيعية تأثيرًا في تحديد أنواع المحاصيل، حيث يحدد المناطق التي يمكن زراعتها بمحاصيل معينة، وأهم عناصر المناخ التي تؤثر في الإنتاج الزراعي :

1-   درجة الحرارة

2-   كمية الأمطار

3-   الرياح

4-   الضوء

5-   الرطوبة

6-   سقوط الثلج

7-   الصقيع

وتختلف أهمية كل عنصر من هذه العناصر من كل محصول إلى آخر ومن مكان إلى آخر، فقد تكون كمية المطر من أهم العناصر بالنسبة للمحصول معين، وقد تكون درجة الحرارة أو كمية الرطوبة أو الرياح اقوى اثر مادام يمكن توفير المياة صناعيا وقد يكون طول الفصل الخالي من الصقيع هو العامل الرئيسي وبعض المحاصيل يحتاج لفترة مشمسة بينما يحتاج لذلك بعض الاخر لغطاء من السحب في بدء النمو

درجة الحرارة:-

تحدد درجة الحرارة طول فصل النمو ونوع النباتات في الحرارة لها اهمية كبيرة في تحديد انتاج بعض الفلات والحصول على اقصى منفعه اقتصادية منها . وقد ادى هذا الى ظاهرة التخصص الزراعي وارتباط المحاصيل بدراجات الحرارة وكلما زادت قدرة النبات على تحمل درجات الحرارة المتفاوته كلما كان اوسع انتشارا.

ويجب الأ تقل درجة الحرارة عن حدها الادنى الازم للمحصول معين اثناء فصل النمو فكل محصول درجة حرارة مفضلة للنموه.

2- الأمطار

 

    الامطار تاثير كبير على نمو المحاصيل لانها المصدر الرئيسي للمياة العذبة اللازمة للنبات ولذلك تؤثر كمية المطر على الانتاج الزراعي بكمية الامطار الساقطة وفصل سقوطها ونظام سقوطها محدد نوع المحصول الذي يمكن زراعتة في المنطقة فالامطار تسقط على معظم الاقليم الموسمي صيفا ولذلك تزرع المحاصيل الصيفية كالارز كما تزرع المحاصيل الشتوية في اقليم البحر المتوسط كالقمح اعتمادا على الامطار الشتوية وتختلف الاحتياجات المائية للنباتات حسب نوع المحصول تبعا لاختلاف العروض التي يزرع فيها وكما تكون الامطار مفيدة للزراعة فاحيانا تكون ضارة كما حدث في الفياضانات المدمرة  

 

3- الرياح

 

للرياح اثار طيبة واخرى سيئة على الزراعة والانتاج الزراعي فمن اثرها الطيبة حمل حبوب اللقاح وادارة طواحين الهواء ومراوح توليد الطاقة الكهربائية والتي تعمل على رفع درجة الحرارة بمعدل 12 درجة تتسبب في اذابة الجليد ولذالك تفيد هذة الرياح في نضج بعض الزراعات في جنوب المانيا والنمسا كالتفاح والكمثري ومن اثار الضارة للرياح سرعتها الشديدة التي تسبب كسر سيقان بعض النباتات الضعيفة الى جانب دورها في تعرية التربة وخاصة في المناطق الجافة وعلى كل حال يظهر اثر الرياح في معدل التبخر والنتح من النبات وتلعب دورا كبيرا في عملية التلقيح

 

4-الضوء

 

   يؤثر الضوء على عمليةالتمثيل الضوئي الكلوروفيلي التي يمكن بواسطنها تحول الاملاح والمواد الذائبة التي يمتصها النبات من التربة الى عناصر غذائية تعمل على نمو النبات

 

وتساعد وفرة الضوء على التفريغ وزيادة قوة وصلابة السيقان وزيادة وزن النبات الكلي وعدد الحبوب ووزن الحبة كما يزيد الضوء من نسبة الجذور الى المحصول الكلي ويقلل من نسبة القش الى المحصول الكلي

 

5- الرطوبة

     للرطوبة اثر هام على بعض المحاصيل وفي قيام بعض الصناعات ولدرجة الرطوبة الجوية تاثير على كمية المياة التي تفقد من السطح الارض بالتبخير مما يؤثر على نمو النبات كما يزيد او يقلل من عملية النتجكل ذلك يؤثر على درجة النمو لشدة احتياج هذة النباتات الى الماء الموجودة في الارض

 

6- سقوط الثلج

إن سقوط الثلج وتراكمه وتحوله إلى جليد بفعل الضغط يقضي على الزراعات المختلفة، والثلج في حد ذاتة يعتبر طبقة عازلة تحمي التربة، وتعزلها عن درجة حرارة الهواء والثلج ضار بازراعة عندما يساعد على النمو بعض الحشاش الضارة بالمحاصيل التي يزرعها الانسان كما يحدث عند زراعة القمح السشوي والسيلم في شمال السويد ويترتب على سقوط الثلج على الارض اضرارا كبيرة حيث يسبب الفيضانات المدمرة عند ذوبانة

7- الصقيع

    لغير الصقيع من اخطر العوامل المناخية على النباتات، ويحدث الصقيع نتيجة تحول بخار الماء من الحالة الغازية الى الحالة الصلبة مباشرة ومن المرور بالسيولة وتزداد خطورة الصقيع اذا حدثت موجاتة خلال فصل الخريف اي في المراحل الاولى لنمو النبات قبل ان يكون في حالة تمكنة من المقاومة شدة البرودة، كما يكون الصقيع خطيرا جدا اذا جاء في اواخر فصل الربيع اي في وقت الحصاد وهو في هذة الحالة يضر بالثمار وقد يكون الضرر بسبب تجمد التربة ولذلك يحاول الزراعيون استنباط سلالات وفصائل نباتية تنضج فيء فترة زمنية قصيرة حتى لاتتاثر بالصقيع مما يساعد على امكان  التوسع في الزراعة شمالا.

يُتوقع أن يؤثر تغير المناخ على الزراعة في المنطقة العربية بطريقة أو أخرى.

 في مصر مثلاً، يُتوقع أن يؤدي تغير المناخ الى تخفيض الغلال الزراعية لمعظم المحاصيل، وأن تكون غلال القمح أدنى بما يصل الى 9 في المئة بحلول سنة 2030 وبنحو 20 في المئة بحلول سنة 2060. وعلى رغم هذا الانخفاض في مستويات الغلال، يتوقع أن يرتفع الدخل الشامل للمزارع نتيجة للارتفاع المتوقع في الأسعار العالمية للسلع، الذي سوف يستفيد منه المزارعون المعتمدون على السوق، فيما يسوء وضع مزارعي الكفاف وفقراء المدن والوضع الشامل للأمن الغذائي في مصر.

 في الأردن، يتوقـع ارتفاع مستويات استهلاك المياه بحلول سنة 2030 نتيجة النمو السكاني. لكن هذا البلد هو من الأكثر شحاً بالمياه في العالم، ولذلك فإن التوسع في الري محدود بشكل كبير ما لم يتم تطوير مصادر جديدة للمياه، مثل معالجة المياه المبتذلة وتحلية المياه المالحة، ومع أن الغلال الزراعية قد ترتفع قليلاً بسبب التأثيرات الإيجابية لازدياد تركيز ثاني أوكسيد الكربون، فإن القيود المائية الصارمة ستكون المحدد الرئيسي للإنتاج الزراعي، خصوصاً أن الأردن بلغ فعلاً حدّ قدرته التكنولوجية نظراً الى أن النظم الحديثة المكيفة الضغط تم تركيبها في جزء كبير من مساحته المروية.

 في لبنان، يتوقع أن ترتفع درجات الحرارة وتنخفض المتساقطات ويتراجع الغطاء الثلجي، ما قد يزيد حدوث موجات جفاف وحر وحرائق. وهذه سوف تؤثر سلباً على الغلال الزراعية، حيث تحدد بعض التقييمات انخفاضات في بعض الغلال تصل إلى 80 في المئة، خصوصاً المحاصيل الأكثر هشاشة مثل الشمندر السكري والكرز والعنب، لكن أيضاً القمح. وقد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة الى انقطاع إنتاج محاصيل المناطق المعتدلة التي ستحل مكانها محاصيل استوائية.

 في المغرب، تظهر التقييمات أن تغير المناخ سيعدل الى حد كبير أنماط الإنتـاج الإقليمي ويحدث صدمات للغلال، غالباً ما تكون سلبية، فيما يرفع أسعار السلع. ويتوقع أن ينخفض الإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 5 في المئة في أسوأ سيناريو. حوض نهر أم الربيع، الذي يحوي نصف قدرات الري في المغرب وحيث يتم إنتاج 60 في المئة من الشمندر السكري و40 في المئة من الزيتون و40 في المئة من الحليب، يعاني فعلاً من هطور أمطار أدنى من المتوقع منذ عقد أو أكثر، ما خفض المياه المخصصة للري بمقدار النصف. ونتيجة لذلك، بلغ ضخ المياه الجوفية أعلى مستوى، ما خفض منسوب المياه بما يزيد على 5 أمتار.

 في السعودية، يتوقع أن يكون لتغير المناخ أثر كبير على الزراعة والإنتاج الغذائي، وسبب ذلك الى حد كبير انخفاض توافر المياه. ويتوقع أن يتجلى أثر تغير المناخ من خلال ارتفاع معدلات الحرارة، بزيادة تصل إلى 3 درجات مئوية مع حلول سنة 2040، وازدياد تقلبية هطول الأمطار وارتفاع مستوى البحر. ويتوقع أن تؤثر هذه دراماتيكياً على الإنتاج الزراعي والغذائي، الذي يتأثر فعلاً إلى حد كبير بانخفاض مناسيب المياه الجوفية. وعندما يكون هناك انخفاض في المتساقطات، غالباً ما تجف الآبار مسببة تقلباً كبيراً في الغلال الزراعية.

 في السودان، تشير التوقعات الى تقلبية أكبر في إنتاج القمح وفق سيناريوات متنوعة لتغير المناخ، فضلاً عن انخفاض في المساحة المزروعة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وازدياد شح المياه. ولكن تشير التوقعات ذاتها الى زيادات محتملة في إنتاج الدخن والسرغوم (نبات كالذرة). لذلك، فإن الأثر على الأمن الغذائي الشامل في السودان سيكون مختلطاً في أحسن الأحوال.

 في سورية، من المتوقع أن تزداد أسعار الغذاء نتيجة تغير المناخ، ما يُفيد القطاع الزراعي، على رغم أن هذه الأسعار المرتفعة سوف تعوق النمو الاقتصادي الشامل. لكن في المدى الطويل، يرجح أن يبدي معدل النمو الزراعي اتجاهاً تراجعياً، ويعود ذلك في شكل كبير الى الأثر المشترك لانخفاض المتساقطات وارتفاع درجات الحرارة، ما يؤثر سلباً على الغلال الزراعية حتى مع التقليل من أهمية تأثير النزاع الدائر.

وفي اليمن، يشكل تغير المناخ قلقاً حقيقياً، إذ إن انخفاضاً في مستوى المتساقطات سيعرض الزراعة البعلية للخطر ويفاقم وضع الأمن الغذائي المتقلقل فعلاً.

 ويتوقع أن تتفاوت الغلال بسبب تغير المناخ، فتزداد غلال السرغوم والدخن في حين تنخفض غلال الذرة والقمح، لكن الأثر الشامل لتغير المناخ على الناتج الإجمالي المحلي الزراعي سيكون إيجابياً بسبب الارتفاع المتوقع في الأسعار العالمية، مع أن معظم المزارعين قد لا يستفيدون من هذه الأسعار المرتفعة لأنهم ليسوا مرتبطين بالسوق.