الأرض
الثلاثاء 1 يوليو 2025 مـ 03:37 صـ 5 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الصوب الزراعية.. سلاح الزراعة الذكي في مواجهة المناخ

الصوب الزراعية
الصوب الزراعية

في ظل التحديات المناخية المتزايدة التي تواجه القطاع الزراعي، برزت الصوب الزراعية كإحدى الركائز الأساسية لحماية المحاصيل وتحقيق استقرار في الإنتاج، خصوصًا في أوقات التقلبات الحادة في درجات الحرارة، سواء صيفًا أو شتاءً.

الدكتور محمد العشري، الباحث بقسم الزراعات المحمية بمركز البحوث الزراعية، أكد أن الصوب الزراعية لم تعد مجرد خيار زراعي، بل أصبحت ضرورة وطنية لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية على النبات والتربة، كما أنها وسيلة عملية لزيادة كثافة الإنتاج في وحدة المساحة، عبر زراعة محاصيل خارج نطاق مواسمها التقليدية، بجودة أعلى، وكفاءة أعلى في استهلاك الموارد.

التعامل مع الشتلات.. زراعة بعقلية الطبيب لا المزارع التقليدي

العشري شبّه عملية تدريب الشتلات داخل المشتل ببرامج تطعيم الأطفال ضد الأمراض، مشيرًا إلى أن تعريض النباتات لضغوط بيئية بسيطة في البداية يساعدها على بناء "مناعة" ضد الصدمات البيئية المستقبلية عند نقلها إلى الحقول أو الصوب.

وحذر من مغبة توفير بيئة مرفهة مفرطة داخل المشتل، موضحًا أن الشتلة التي تنمو في ظروف مثالية قد تصاب بصدمة حادة عند نقلها إلى بيئة زراعية أقل راحة، مما يضعف فرص نجاحها ويؤثر سلبًا على الإنتاج الكلي.

الصوبة الشتوية.. الأفضل إنتاجًا والأقل تكلفة

وأشار الباحث إلى أن زراعة العروة الشتوية داخل الصوب تُعد الأنسب اقتصاديًا، حيث يمكن التحكم في ظروف النمو دون الحاجة إلى أنظمة تهوية أو تبريد معقدة، بعكس الزراعة في فصل الصيف، والتي تستنزف الكهرباء والموارد بسبب الاعتماد على مراوح وشفاطات لخفض درجات الحرارة داخل الصوبة.

وأوضح أن انخفاض التكاليف في العروة الشتوية لا يعني التضحية بالإنتاج، بل على العكس، فهي تحقق معدلات إنتاجية ممتازة وجودة تؤهل المحاصيل للتسويق محليًا وتصديريًا، شرط الالتزام بالضوابط الفنية والتقنيات الصحيحة.

التجهيز الجيد للصوبة مفتاح النجاح والإنتاجية

وفيما يتعلق بتجهيز الصوبة للعروة الشتوية، شدد العشري على أهمية إزالة بقايا المحاصيل السابقة وتطهير التربة بشكل دقيق من خلال الغسل المتكرر ثلاث مرات، مع فاصل زمني خمسة أيام بين كل مرة، لتقليل نسبة الأملاح وضمان بيئة صحية للزراعة.

بعد الغسل، يُنصح بتهوية التربة وتشميسها باستخدام المحراث، ثم تشكيل الخطوط والمصاطب تمهيدًا لعملية الزراعة. وأكد العشري ضرورة استخدام مكونات التسميد الشتوي المناسبة، مثل سبلة الدواجن، والسوبر فوسفات، وسلفات النشادر، وسلفات البوتاسيوم، والكبريت، وسلفات المغنيسيوم، مع التقليب الجيد لها داخل التربة.

الحذر من "كومبوست" ملوث والنيماتودا المدمرة

وحذر العشري من استخدام الكومبوست الحيواني مجهول المصدر، نظرًا لاحتمال احتوائه على آفات يصعب السيطرة عليها، مثل "النيماتودا"، التي قد تدمر المحصول بالكامل. مشيرًا إلى أن الصوب الزراعية لا تسمح بتكرار تجربة الزراعة كما في الحقول المفتوحة، إذ يصعب تغيير مكان الصوبة بعد بنائها، مما يفرض على المزارع اتخاذ جميع الاحتياطات منذ البداية.

الهجن والتنوع المناخي.. مفاتيح لتحقيق إنتاجية عالية

وتطرق العشري إلى ضرورة اختيار الهجين المناسب لكل عروة زراعية، خاصة في ظل وجود أربع عروات رئيسية داخل الصوب: الشتوية، الخريفية، الربيعية، والصيفية. وأكد أن لكل صنف من البذور مواصفات حرارية خاصة يجب أن تتماشى مع درجة الحرارة المتوقعة خلال فترة الزراعة، لضمان تحقيق أفضل إنتاج في الوقت المثالي.

الزراعة المحمية.. خطوة نحو تحقيق الاكتفاء والتصدير

واختتم العشري حديثه بالتأكيد على أن الصوب الزراعية تمثل أداة استراتيجية لإحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي المصري، سواء من حيث الإنتاج أو الجودة، كما تفتح أبواب التصدير أمام المحاصيل المصرية بفضل الهجن عالية الإنتاجية، ما يعزز الأمن الغذائي ويدعم الاقتصاد الوطني.