مدير المتحف الزراعي: المتحف مدرسة حية لتاريخ الزراعة المصرية

قال العميد فؤاد قمحاوي، مدير المتاحف والمعارض الزراعية بالمتحف الزراعي المصري، إن المتحف يُعد ثاني أقدم متحف زراعي في العالم من حيث التأسيس، والأول عالميًا من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحته الكلية نحو 125 ألف متر مربع، تشغل المباني المتحفية منها 20 ألف متر مربع، فيما تمثل البقية حدائق غنّاء تضم نباتات نادرة، صوبًا زراعية، ومساحات خضراء مفتوحة، إلى جانب حديقتين مصممتين على الطراز الفرعوني.
وأكد قمحاوي أن المتحف لا يُعد مجرد صرح أثري أو علمي، بل هو تجربة معرفية وترفيهية متكاملة، تقود الزائر في رحلة زمنية تبدأ من الزراعة في عصور ما قبل التاريخ، حتى أحدث ما وصلت إليه العلوم الزراعية الحديثة.
متحف واحد.. وثمانية متاحف فرعية
وأشار قمحاوي إلى أن المتحف يضم ثمانية متاحف فرعية، وهي:
متحف المجموعات العلمية
متحف الثروة النباتية
متحف الزراعة المصرية القديمة
متحف القطن
متحف العصر اليوناني الروماني القبطي الإسلامي
متحف المقتنيات التراثية
متحف البهو السوري
متحف الصداقة الصينية المصرية
وأوضح أن المتحف يحتوي أيضًا على قاعات للعرض السينمائي والمحاضرات، بالإضافة إلى معامل متخصصة للترميم والتحنيط والصيانة، وورش فنية متكاملة لإنتاج النماذج التعليمية والأعمال الخشبية والديكورية.
متحف المجموعات العلمية
يُعد من أبرز المتاحف الفرعية، حيث يروي من خلال مجسمات وتماثيل تفصيلية قصة المجتمع الريفي المصري، من أفراح الفلاحين، إلى أسواق القرية، وصناعات يدوية مثل الفخار والسجاد والزجاج. ويضم نماذج مثل "صندوق الدنيا"، ومقهى شعبي تقليدي، إلى جانب مجسمات توضح أنماط التغذية، والأمراض المنتشرة بالريف، وطرق الوقاية منها.
ويقدم المتحف عرضًا علميًا لتكوين الجنين، أنواع الأراضي المصرية، مشاريع الاستصلاح مثل مشروع مديرية التحرير، نظم الري التقليدية والحديثة، السد العالي، والقناطر الخيرية.
في الطابق الثاني، يُعرض ثراء البيئة الحيوانية المصرية، من خلال محنطات للطيور البرية، الزواحف، الأسماك، والحيوانات، بالإضافة إلى هيكل عظمي لحوت يصل طوله إلى 14 مترًا، يُعد من الأقدم في الشرق الأوسط.
متحف الثروة النباتية
يضم المتحف عينات أصلية من محاصيل حقلية منذ عام 1938، مثل القمح، الشعير، الذرة، محاصيل زيتية وسكرية وبقولية، ومحاصيل بستانية من فواكه وخضروات، مما يجعله مرجعًا علميًا حيًا لتطور الزراعة المصرية.
متحف الزراعة المصرية القديمة
افتُتح رسميًا في 26 مارس 1996، ليحكي تطور الزراعة منذ عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية العصر الفرعوني. من أبرز مقتنياته:
تابوت نباتي لطفل عمره 5000 عام يُشبه تابوت سيدنا موسى.
تمثال الإله نيلوس المرتبط بفيضان النيل.
صومعة فخارية تعود إلى 5000 سنة.
عينات خبز وحلوى مصرية قديمة عمرها 3500 عام.
كما توجد قاعة البردي، وتعرض أوراق بردي حقيقية، حبال من سعف النخيل، وهياكل عظمية ومومياوات وطيور فرعونية، مما يجعلها عرضًا شاملًا للحياة الزراعية والبيئية في مصر القديمة.
متحف القطن
ينفرد المتحف بأندر مجموعة للأصول الوراثية لأقطان العالم، منذ عام 1934، ويحتوي على أصناف من أمريكا، روسيا، الهند، اليونان، وإسبانيا. ويوثق رحلة القطن المصري منذ عام 1818، من خلال وثائق، أقمشة نادرة، ونماذج آلات غزل، إلى جانب لوحة لمحمد علي باشا.
ويعرض المتحف نول يدوي من عام 1920، ولوحات لغزل القطن في ألمانيا (1540) واليابان، ومقتنيات قبطية وسورية تعود للقرن الثاني عشر.
متحف العصر اليوناني الروماني القبطي الإسلامي
يغطي حقبة ممتدة من عام 332 ق.م إلى 640 م، ويعرض تطور أدوات الزراعة، مثل المحاريث، وألواح التذرية. ويضم:
تمثال "الراعي الصالح".
أدوات قيشاني بزخارف نباتية.
مومياء تمساح.
هيكل عظمي لحمار يعود للقرن الخامس الميلادي.
يقدم المتحف عرضًا شاملًا لحيوانات النقل، المواشي، الطيور، الزواحف، والأسماك، مما يوضح أهمية الحيوان في الزراعة المصرية.
متحف المقتنيات التراثية
يضم المتحف مقتنيات نادرة من عصر الأسرة الملكية، مثل الأرائك المطعمة بالعاج، السجاد الأثري، قطع نسيج من كسوة الكعبة، مدافع، بنادق، باب قصر أثري من القرن التاسع عشر، باخرة المحروسة، ومكتبة تراثية فريدة تحتوي على نسخة أصلية من موسوعة وصف مصر المكونة من 22 جزءًا.
متحف البهو السوري
أُنشئ عام 1961 خلال فترة الوحدة مع سوريا، ويعرض الزي السوري التقليدي، الصناعات اليدوية، والأسماك والطيور السورية، إلى جانب قطع نادرة مثل القباقيب الخشبية المطعمة بالصدف.
متحف الصداقة الصينية المصرية
افتُتح عام 2013 لتعزيز العلاقات الثقافية بين مصر والصين، ويضم:
لوحة سور الصين العظيم
تماثيل جنود صينيين
صور لمدن ونباتات من البلدين
مقتنيات مهداة من شخصيات مصرية
الترميم والتطوير
أوضح قمحاوي أن المتحف أُغلق منذ عام 2017 لترميم شامل بإشراف وزارة الزراعة، حيث تم تطوير البنية التحتية ومعالجة المحنطات كيميائيًا بالتعاون مع وزارة الآثار وجامعة الفيوم، ليعاد افتتاحه جزئيًا في أغسطس 2025، تمهيدًا للعودة الكاملة أمام الجمهور.
وجهة ثقافية بامتياز
لفت قمحاوي إلى أن المتحف تحول إلى وجهة شعبية و"تريند" على وسائل التواصل الاجتماعي، لما يضمه من حدائق، مقتنيات نادرة، وتصميم معماري مبهر، مشيرًا إلى أن سعر التذكرة 20 جنيهًا للمصريين، و150 جنيهًا للأجانب، مع تخفيضات للطلاب والرحلات المدرسية بنسبة تصل إلى 50%.
المتحف.. مكتبة ومعرفة
يُعد المتحف مركزًا ثقافيًا متكاملًا، حيث تضم مكتبته أندر الكتب العلمية، وتُفتح أبوابها للباحثين وطلاب الدراسات العليا، وتوفر خدمة استعارة الكتب، لتكون مرجعًا مفتوحًا يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل.
تجربة لا تُنسى
واختتم قمحاوي بقوله: "المتحف ليس فقط مكانًا للتاريخ، بل تجربة عائلية فريدة"، حيث يمكن للزائر أن يجمع بين التعلم، التنزه، التصوير، والانبهار، في مكان يقع قلب الدقي، على بُعد خطوات من المترو، وقريب من دار الأوبرا، متحف الزمالك، والعديد من معالم القاهرة.