التفاصيل الكاملة لواقعة المبيد الذي قتل أسرة كاملة في المنيا

لقى رجل مصرعه وستة من أبنائه الأشقاء من قرية دلجا بمركز دير مواس محافظة المنيا في واقعة غريبة آثارت جدلا واسعاً على مستوى الجمهورية حول أسباب حالة الوفاة الجماعية التي لحقت بهم في وقت واحد.
أصدرت النيابة العامة ، بيانا رسميا توضح فيه سبب الوفاة بعدما أظهرت تقارير مصلحة الطب الشرعي احتواء العينات المأخوذة من الأطفال على مادة فعالة شهيرة موجودة في أحد المبيدات المعروفة، فيما لم يذكر التقرير اسم المادة ولا الجرعة التي تم تناولها.
تعود احداث الواقعة التي بدأت بظهور أعراض مرضية متشابهة على الأطفال تمثلت في القيء، الحمى، التشنجات، واضطراب في الوعي، أعقبها وفاتهم تباعًا عقب نقلهم إلى المستشفى، وهو ما أثار شبهة وجود سبب غير طبيعي للوفاة، كما توفي والد الأطفال لاحقًا بعد أن ظهرت عليه الأعراض نفسها حتى وصفه البعض بالقاتل الصامت.
أشارت تقارير صحفية أن المادة التي عُثر عليها هي مادة كلورفينابير «Chlorfenapyr»، التي تؤدي للوفاة حسب أستاذ السموم بكلية الطب جامعة القاهرة، نبيل عبد المقصود.
قال المهندس اسلام معوض الباحث في كيمياء المبيدات، إن الكلورفينابير هو مبيد حشري أكاروسي واسع النطاق ينتمي إلى فئة البيرولات، ويستخدم لمكافحة مجموعة متنوعة من الآفات الحشرية والعنكبوتية في الزراعة والصحة العامة. يعمل عن طريق تعطيل إنتاج الطاقة داخل خلايا الآفات، مما يؤدي إلى شلّها وموتها.
أوضح معوض في حديثه لجريدة الأرض، أن كلورفينابير يعمل كسمّ أيضي، حيث يتم تحويله داخل جسم الحشرة إلى مركب أكثر فعالية ما يعيق عملية إنتاج ATP (أدينوسين ثلاثي الفوسفات) في الميتوكوندريا (مراكز الطاقة في الخلايا)، مما يؤدي إلى تعطيل وظائف الخلية وموت الحشرة.
قال د.إيهاب البلشى استشاري بمستشفى بركة السبع بالمنوفية مبيد الكلورفينابير هو تم تصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية كمبيد متوسط السمية يستخدم للأغراض الزراعية و ايضا لاغراض منزلية يمتاز مبيد الكلورفينابير بآلية عمل تختلف عن غيره من المبيدات الحشرية المعروفة.
أكد البلشي، يستخدم هذا المبيد للآفات الزراعية و المنزلية كالعنكبوت الاحمر و هو آفة زراعية كما يستخدم للقضاء على حشرات البق و القراض فى المنازل و فى الحيوانات حيث يعمل مبيد الكلوروفينابير على تعطيل مراكز الطاقة فى الخلية ثم يكمل عمله القاتل على الخلايا العصبية في الدماغ.
كشف ، عن ظهور حالة التسمم الناتجة عن هذا المبيد على مرحلتين المرحلة المعوية و تظهر فى هذه المرحلة أعراض معوية كالقئ و الغثيان و الحمى ثم تظهر المرحلة الثانية و هى المرحلة العصبية بعد فترة تسمى الفترة الساكنة و هى تختلف من دقائق الي عده ايام حسب عمر المريض و الجرعة المتناولة فى النهاية تظهر الأعراض العصبية مثل التشنجات و الهزيان ثم الغيبوبة الكاملة.
من جانبه أكد الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ السموم بجامعة المنيا أن هذا السم لا يوجد له ترياق او مادة مضادة إلى الآن مما يجعله خيارا مثاليا لحالات القتل بالسم ، كما انه يصعب الوصول إلى آثاره على الضحية و ايضا مع وجود فترة حضانة او سكون قبل ظهور الاعراض المميتة.
الجرعة لا الأعراض
قال الدكتور محمد حسيبه المدرس بكلية الزراعة جامعة الأزهر مبيد الكلورفينابير الذى يتحدث عنه الجميع على انه القاتل الصامت فلا يوجد فى المبيدات مادة اسمها قاتل صامت وقاتل متحدث اى مادة كيمائية هى مادة قاتلة ولكن الذى يحدد ذلك هى قيمة LD50 وهى جرعة المبيد التى تقتل 50% من حيوانات التجارب (الفئران والأرانب عادة) عند تطبيقه عليها فى ظروف تجريبية محددة ،وتقدر بالملليجرام من المبيد لكل كيلو جرام من وزن الجسم , وعلى اساسها يتم تحديد سمية المركب.
أوضح حسيبه، مركب الكلورفينابير قيمة الـ LD50 الخاصة به هى 441 ملجم/كجم للذكور و1152 ملجم/كجم للإناث عن طريق الفم مما يعنى ان لو تعرض له كائن وزنه 10 كجم يحتاج 4410 ملجم من المبيد علشان نسبة الموت تكون 50% دة فى حالة الذكور اما الإناث فيكون الجرعة المطلوبة 10152 ملجم يعنى تركيز المبيد لو 24% فيكون الجرعة التى تقتل الكائن الذى وزنة 10 كجم هى 18.375 سم من عبوة المبيد فى حالة الذكور و 42.3 سم فى حالة الإناث فى حالة التناول المباشر عن طريق الفم لكي يسبب الموت بنسبة 50% .
أعرب د.محمد، عن اندهاشه لما يقال بسبب ما يقال بسبب وزن كل طفل بالكيلو والجراعة اللازمة للقتل عند كل وزن بالجرام.
أضاف المدرس بكلية الزراعة جامعة الازهر، الملاحظ ان الجميع يتحدث عن طريقة التأثير الخاصة بالمبيد وتركين الجرعة تماماً مع ان المتحكم فى نسبة الموت هى الجرعة وليست طريقة التأثير.
أقرت منظمات متخصصة في السلامة والصحة المهنية بيانات ارشادية التعامل مع المخاطر الكيميائية بعد دراسة حالة حادثة المنيا ومبيدي الكلورفينابير وفق الكود المصري والمعايير الدولية مقدمةفي يوليو 2025، لتحليل أسباب الحادثة، ومناقشة إجراءات السلامة والصحة المهنية وفقًا للكود المصري والمعايير الدولية لمنع تكرار مثل هذه الكوارث.تأثيرات المبيدات البيئية والصحية.
أكد البيان أن الكلورفينابير يُسبب تسممًا حادًا عند الاستنشاق أو الابتلاع، وصعوبة الكشف عنه في تحاليل الدم تجعل علاجه معقدًا، كما حدث في حادثة المنيا. في حادثة سابقة بباكستان عام 2016، تسبب رذاذ الكلورفينابير على الطعام في وفاة 31 شخصًا.
تحليل الأسباب السلامة في حادثة وفاة أسرة المنيا.
أعزى المهندس حمادة عباس أخصائي السلامة والصحة المهنية، إلى التسمم بالكلورفينابير، بسبب استخدامه بشكل غير صحيح في المنزل أو في بيئة زراعية قريبة.
فتعرضت الأطفال الستة ووالدهم للمبيد، مما أدى إلى أعراض تسمم حادة لم يتمكن الأطباء من علاجها بسبب غياب ترياق وصعوبة تشخيص السمية خاصة عند رصد إخفاقات:سوء التخزين أو الاستخدام فربما استُخدم المبيد في المنزل بطريقة غير آمنة أو تُرك في متناول الأطفال.
أكد عباس، هناك أن نقص التوعية بسبب عدم معرفة الأسرة بمخاطر الكلورفينابير وطرق التعامل الآمن معه كذلك ضعف الرقابة و غياب الإشراف الكافي على استخدام المبيدات في المناطق الريفية.
وبحسب معايير السلامة والصحة المهنية المصرية والعالمية فإن الكود المصري وفقًا لقانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 (الباب الخامس) والقرارات الوزارية ذات الصلة، تشمل إجراءات السلامة والصحة المهنية في التعامل مع المخاطر الكيميائية يتوجب الكشف الطبي الدوري: يُلزم القانون إجراء فحوصات طبية أولية ودورية للعاملين المعرضين للمواد الكيميائية للتأكد من سلامتهم الصحية وقدراتهم الجسمانية والعقلية. يُصدر وزير العمل بالاتفاق مع وزير الصحة قرارات تحدد مستويات اللياقة الصحية المطلوبة.
تأمين بيئة العمل: يجب على أصحاب العمل توفير بيئة عمل آمنة، تشمل التهوية المناسبة، الإضاءة، ووسائل الحماية من المخاطر الكيميائية، مع توفير معدات الوقاية الشخصية (مثل الأقنعة والقفازات).
التفتيش والرقابة: تجري الجهة الإدارية المختصة تفتيشًا دوريًا للتأكد من الالتزام باشتراطات السلامة، مع أخذ عينات من المواد الكيميائية لتحليلها. في حالة وجود خطر داهم، يمكن إصدار قرار بإغلاق المنشأة أو إيقاف المعدات حتى زوال الخطر.
التوعية والتدريب: يُلزم القانون إعلام العاملين بمخاطر المواد الكيميائية وتدريبهم على إجراءات السلامة، مع وضع خطط طوارئ للتعامل مع التسربات أو الحوادث.
إزالة المخاطر: إذا امتنعت المنشأة عن إزالة المخاطر الكيميائية، يحق للجهة الإدارية تنفيذ الإزالة على نفقة المنشأة.
2. المعايير الدوليةاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 170 (1990): تُركز على تصنيف المواد الكيميائية، وضع ملصقات تحذيرية، وتوفير بيئة عمل آمنة. تشمل التوصيات التخزين الآمن، التدريب، ووضع خطط طوارئ.
معايير OSHA الأمريكية: تتطلب تصميم أماكن العمل لتقليل التعرض للمخاطر الكيميائية، استخدام أنظمة تهوية فعالة، وتوفير ملصقات تحذيرية واضحة.
توجيه Seveso الأوروبي: يُركز على منع الحوادث الكبرى من خلال تقييم المخاطر ووضع خطط طوارئ.
توصيات لمنع تكرار الحادث
أوصى خبراء السلامة والصحة بثتشديد الرقابة: حظر بيع المبيدات الخطرة مثل الكلورفينابير وحبة القمح دون تراخيص، ومراقبة توزيعها في الأسواق.
حملات توعية: تنظيم حملات في المناطق الريفية لتثقيف الأسر بمخاطر المبيدات وطرق التخزين الآمن.
تطوير أنظمة الكشف الطبي: البحث عن طرق لتحسين تشخيص التسمم بالكلورفينابير والفوسفين.
تعزيز التشريعات: فرض عقوبات على سوء استخدام المبيدات، مع تطبيق الكود المصري بصرامة.
تشجيع البدائل الآمنة: الترويج للمبيدات الحيوية أو طرق الإدارة المتكاملة للآفات (IPM) لتقليل الاعتماد على المواد الكيميائية الخطرة مع استخدامه وفقًا للتوجيهات والتعليمات الموجودة على الملصق لتجنب أي آثار جانبية غير مرغوب فيها.