خطورة الإجهاد الحراري على عنابر الدواجن.. كيف تحمي الطيور؟

كشف الدكتور صفوت كمال، أستاذ الميكروبيولوجي بـ معهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية بمركز البحوث الزراعية، عن أن الإجهاد الحراري يمثل أحد أخطر الأسباب التي تؤدي إلى نفوق الطيور وانهيار إنتاجيتها في مزارع التسمين والبياض، خاصة في فصل الصيف ومع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة النسبية في العنابر المفتوحة.
الإجهاد الحراري: القاتل الصامت في عنابر الدواجن
وأوضح: تعتمد الطيور، مثلها مثل البشر، على الحفاظ على درجة حرارة جسمها مستقرة بين 40.5 – 41.5 درجة مئوية. ومع ارتفاع حرارة الجو، تصبح عملية التخلص من الحرارة الزائدة مرهقة، ويبدأ الجسم في الدخول في سلسلة من التغيرات الفسيولوجية التي إن لم تُدار بشكل صحيح، تؤدي إلى نفوق جماعي داخل المزارع.
ما هو الإجهاد الحراري؟
هو ببساطة فشل الطائر في تحقيق التوازن بين الحرارة المكتسبة والمفقودة، مما يؤدي إلى ارتفاع حرارته الداخلية فوق المعدلات الطبيعية. حين تعجز الآليات الطبيعية عن التبريد، يدخل الطائر في حالة من التدهور السريع تنتهي بالموت، خاصة إذا ترافق ذلك مع أمراض تنفسية أو ضعف في المناعة.
آليات التكيف لدى الطيور: معركة بيولوجية ضد الحر
حين تحاصر درجات الحرارة العالية الطائر، يبدأ في استخدام سلسلة من الاستجابات الدفاعية:
اللهاث السريع لتعزيز التبريد بالتبخر، لأنه يفتقر إلى الغدد العرقية.
انخفاض النشاط الحركي لتقليل إنتاج الحرارة الداخلية.
امتناع عن الأكل لتقليص حرارة الأيض.
ابتعاد الطيور عن بعضها البعض وتقليل التلامس.
شرب كميات مضاعفة من الماء لتعويض الفاقد أثناء اللهاث.
نقل الدم من الأعضاء الداخلية إلى الأطراف (العُرف، الدلايات، الأرجل) لتبريد الجسم.
وأشار: ورغم هذه الآليات الدفاعية، فإنها لا تكون كافية دائمًا، خاصة في الطيور كبيرة الحجم والسلالات الثقيلة التي يغطي الريش 95% من أجسامها، مما يعوق التخلص من الحرارة بكفاءة.
النتائج الكارثية للإجهاد الحراري على الإنتاج
تحدث د. صفوت عن الآثار الاقتصادية الخطيرة لهذه الظاهرة، والتي تشمل:
انخفاض استهلاك العلف بمعدل يصل إلى 17% لكل 10 درجات مئوية فوق 20 درجة.
تراجع معدلات النمو وسرعة التسمين.
انخفاض إنتاجية البيض وتدهور جودة القشرة.
ضعف الخصوبة ونسب الفقس في مزارع الأمهات.
مشاكل صحية مثل الالتهابات المعوية، زيادة الجفاف، وارتفاع النافق.
قصور في وظائف الغدة الدرقية وتراجع واضح في مناعة الطائر.
صور تشريحية للإجهاد الحراري
عند فحص الطيور النافقة نتيجة الإجهاد الحراري، تظهر مجموعة من العلامات التشريحية المميزة:
نزيف تحت الجلد بسبب تمزق الأوعية الدموية.
احتقان بالكبد والرئة والطحال.
تمدد غير طبيعي في الأوعية المغذية للمخ.
ضعف واضح في العضلات وصعوبة في التنفس.
التعامل مع الإجهاد الحراري: بين الإدارة الجيدة والتغذية الذكية
وقال: الدكتور صفوت كمال، إن الوقاية تبدأ من التصميم الجيد للمزرعة، مرورًا بتحسين التهوية، والتبريد باستخدام الخلايا أو أنظمة الرذاذ والضباب، وحتى توفير مساحات كافية للحركة والتغذية.
المياه أول خط دفاع
يجب توفير مياه شرب باردة ونقية.
يُنصح بإضافة بيكربونات الصوديوم وكلوريد البوتاسيوم لمياه الشرب لتحسين التوازن الكهربائي في جسم الطائر.
قد يصل استهلاك الماء إلى 4 أضعاف المعدل الطبيعي في درجات حرارة 38 مئوية.
توقيت تقديم العلف مهم
يجب تقديم العلف في الصباح الباكر أو المساء لتفادي تزامن حرارة الهضم مع حرارة الجو.
التغذية المتوازنة: حائط الصد الأخير
تشير الدراسات إلى أهمية ضبط تركيب العليقة في فترات الحر، ومنها:
تقليل نسبة البروتين مع التوازن في الأحماض الأمينية.
إضافة الدهون لتحسين الطاقة وتقليل حجم العلف المستهلك.
رفع نسب الفيتامينات خاصة (A، D3، E، C، النياسين).
استخدام مضادات الأكسدة في الأعلاف.
تقديم مصادر كالسيوم في المساء لتحسين جودة قشرة البيض
معركة مستمرة ضد الحر.. وسلاحها العلم
أصبحت التغيرات المناخية وتطرف درجات الحرارة واقعًا لا مفر منه، لكن ما يزال بإمكان مربي الدواجن التصدي لخطر الإجهاد الحراري باتباع إرشادات علمية دقيقة وتحديث البنية التحتية للمزارع، والاعتماد على التغذية المدروسة والممارسات البيطرية السليمة. فالمعركة ضد الإجهاد الحراري لا تخص الطيور فقط، بل تتعلق أيضًا بأمن غذائي قومي ومصدر دخل لآلاف العائلات.