الثلاثاء 16 أبريل 2024 مـ 11:38 مـ 7 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

زراعه الاعشاب الطبيه والعطريه فى جنوب الوادى ....فرصه واعده للاستثمار

اذا القينا نظره نظره عامه عن موقع الاعشاب الطبيه فى خريطه الزراعه فى مصر نجد ان مساحة الأراضي التي تتم زراعتها في الوادي والدلتا بالنباتات الطبية والعطرية تختلف من عام إلى آخر ، وهى تتراوح ما بين 90-100 ألف فدان ، وقد نصل الى 120 الف فدان اذا اضيفت إلىها مساحه المناطق التى تنمو فيها الأعشاب الطبية بشكل فطري في المناطق الصحراوية عقب مواسم سقوط الأمطار‏، والتى لا يمكن حصر مساحتها‏. ونامل فى المستقبل القريب ان تستهدف خطة الدولة التوسع في المساحات المزروعة بالاعشاب الطبيه والعطريه بمصر لتصبح 250 ألف فدان او اكثر بحلول عام2030. وكما تشير الاحصائيات من الاعوام السابقه يصل اجمالى الدخل القومى من صادرات النباتات الطبيه وزراعتها حوالى 8-10 مليار جنيه؛ كما انها تدر دخلا مجزيا محليا علي سبيل المثال يبلغ سعر طن الريحان ٢٠ ألف جنيه أما النعناع يتراوح سعره ما بين ١١ إلي 15 ألف جنيه، البقدونس ١٥ ألف جنيه والشيح البابونج ٤٠ألف جنيه، بينما تتراوح أسعار النباتات الأخري ما بين ١٠ إلي ١٥ ألف جنيه فى الاسواق المحليه وقيم اعلى فى التصدير.

يتوفر لدى جنوب الصعيد الكثير من المقومات التى تساعد على ازدهار زراعة النباتات العطرية والطبية، بما يساهم فى مضاعفة الانتاج من النباتات الطبيه والعطريه التى تنمو بريا والتى يمكن استزراعها .. وتشكل هذه الثروة فى مجملها قيمة اقتصادية كبيرة.. انها وبلا ادنى شك كنوز تنتشر فى جنوب الصحراء المصرية تنتظر من يستثمرها .. ثروة هائلة من النباتات الطبية والعطرية.. التى يمكن استثمارها محليا او تصديرها..او استخدامها فى إنتاج دواء مصرى محلى الصنع متفرد من نوعه. لكن ما هى المقومات التى تساعد على انتاج الاعشاب الطبيه والعطريه كفرصه واعده للاستثمار فى جنوب الوادى ؟؟؟ ..وهذه يمكن تلخيصها فيما يلى :

= المناخ المناسب ووفرة أشعة الشمس على مدار العام ، مما يهيئ مناخ جيد لانتاج اعشاب عاليه الانتاج مع ماده فعاله عاليه الجوده وبكميات مناسبه.

= تمتد رقعة الزراعه فى جنوع الوادى إلى مساحات شاسعة من ساحل البحر الاحمر شرقا حتى حدود ليبيا غربا ومن محافظه قنا شمالاً إلى حدود السودان جنوبا حيث يتنوع المناخ فيها من المعتدل فى الشمال الى حار جنوباً مما يعطى مجالاً كبيراً أمام اختيار النباتات الملائمة لكل منطقه.

= توفر الأيدى العاملة القادره على المثابره وبذل الجهد والمدربة على عمليات الزراعة والجمع والتعبئه ومجمل عمليات الانتاج.

= توافر أنواع مختلفة من التربة المناسبة لزراعة عدد وفير من النباتات الطبية والعطرية، مثل الأراضى الطينية الثقيلة والرملية الخفيفة والصفراء والملحيه القابله للزراعه وغيرها.

= توفر مساحات شاسعة من الأراضى القابلة الاستصلاح رخيصة الثمن والتي يمكن استغلالها فى مجال إنتاج النباتات الطبية والعطرية. ومن اهم مناطق الاستصلاح (وادى النقره) وتضم مشروع بمساحه تصل الى 80 الف فدان تشمل عده قرى هي الحكمة والأمال والبراعم والمنار والكرامة، ويوجد مشروعا لنباتات الطبية والعطرية بقرية الحكمة التي تنتج بغرض التصدير إلى الخارج ومن أشهر المحاصيل التى تزرع بقرية الحكمة هى النعناع البلدى والنعناع الفلفلى والريحان والعطر حيث يتم زراعة النباتات الطبية والعطرية بأسلوب الزراعة الحيوية وتبلغ المساحة المنزرعة بالنباتات الطبية والعطرية قرابة ثلاثه الاف فدان وقابلة للزيادة؛ حيث يتم تصدير الإنتاج لأسواق دول الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية. وذلك علاوه على مشروع وادى الصعايدة فى شمال غرب محافظة أسوان وهو أحد المشاريع القومية لاستصلاح الأراضي الزراعية بمحافظة أسوان ويبعد عن مدينة أسوان حوالى 125 كم حيث يهدف إلى زراعة واستصلاح حوالى 30 ألف فدان للمنتفعين وشباب الخريجين يصلح اغلبها لزراعه النباتات الطبيه والعطريه .

= قربها من بحيره ناصر مما قد يسهل من وصول مياه الرى اليها وخاصه فى المناطق المجاوره للبحيره وقد قامت الدوله مشكوره بشق الترع والمصارف فى مناطق عديده وخاصه فى المناطق المستصلحه حديثا .

= توفر عدد من النباتات الطبية والعطرية التى تنمو برياً ولها أسواق فى الداخل والخارج مثل : الحبوب العطريه والحناء والكركديه والدمسيسه والدوم..الخ .... اما أراضي الاستصلاح الجديدة في توشكي ووادى النقره فهي أماكن واعدة لعدد من الأنواع من النباتات الطبيه والعطريه ‏,‏ خاصة التي تزرع دون استخدام كيماويات ( الزراعه العضويه) وتستخدم طرق الري الحديثة..ومن المستحسن زراعه نباتات جديده مثل: الهوهوبا - الجراندليا – المورنجا ذات العائد والقيمه الاقتصاديه العاليه.

=امكانيه اقامه عدد من الصناعات القائمه علي الاعشاب الطبيه والعطريه التى تلائم وتواكب الزراعه فى هذه المناطق مثل:

** اقامه مصانع لاستخلاص المواد الفعاله كالزيوت العطريه و المركبات الثانويه التى تدخل فى صناعات العطور والادويه مثل أدوية تسكين ألام المفاصل والالتهابات الروماتزمية وأدوية ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والمطهرات والمبدات النباتيه المصدر والمحليات الطبيعيه والألوان النباتيه ..الخ.

** انتاج الزيوت الثابتة حيث تحتوى بذور بعض النباتات التلى تجود زراعتها فى جنوب الوادى مثل السمسم والخروع والهوهوبا وبعض النباتات الشبه استوائيه والتى تحتوى على زيوت ثابتة تدخل فى تركيب بعض المستحضرات الطبية.

** اقامه محطات لتعبئه وتغليفالاعشاب الطبيه لزياده الجوده وتقديمها فى صوره تليق بالمستهلك المحلى والاجنبى مما يرفع العائد الاقتصادى لها.

وما دمنا تحدثا عن مقومات الانتاج فيجب ان نذكر مشاكل الانتاج والتصدير فى جنوب الصعيد ومقترحات حلولها ...حيث يعانى منتجى الاعشاب الطبيه فى جنوب الوادى مثلهم مثل غيرهم فى انحاء الجمهوريه من المعوقات الاتيه :-

1- غياب الخبره فى انتاج مثل هذه الانواع من الزراعه حيث لم يتعود المزارع فى جنوب الصعيد على زراعه الاعشاب الطبيه والعطريه على مدى واسع واستعاض عنها بزراعه محصول قصب السكر والحبوب وغيرها وذلك وجب تفعيل دور الإرشاد الزراعي فيما يخص كيفيه الزراعه ومقاومه إنتشار الأمراض و فيما يخص الزراعة العضوية و التسميد الحيوى و اعطاء حزمة التوصيات الفنية للمنتجين عن المكافحه الحيويه للافات.

2- ارتفاع تكلفة العمالة فى هذه المناطق البعيده و خاصه فى اماكن الصحراء المتطرفه وهذه يمكن التغلب عليها بانشاء مستوطنات لاقامه الشباب وتوفير وسائل المعيشه لهم .

3- مشاكل الاعداد والتجهيز والتى تتمثل فى بدائية المناشر التى تستخدم فى تجفيف الاعشاب والتى تجعل من المحصول معرض للأختلاط مع الأتربة و الغبار والأحوال الجوية المتقلبة كما إن عملية التجفيف تتم غالبا تحت أشعة الشمس الساطعه بشكل مباشر مما يؤدي الي خفض قيمه الماده الفعاله بالنباتات او فقدها او قد تتم في فصل الشتاء لذلك حيث تتعرض للرطوبة و الأمطار والتي من شأنها إتلاف الاعشاب او تقلل من جودتها و أحيانا خسارة المحصول. وهذه يمكن التغلب عليها بادخال تكنولوجيا التجفيف والتعبئه الاليه وانشاء مناشر حديثه متطوره عن طريق تدخل الدوله فى هذه المشاريع الانتاجيه.

4- وجود قانون يمنع إنشاء مناشر جديدة وذلك يعود الي أن بعض الأفراد من ذوى النفوس الضعيفه يستغلون تراخيص إنشاء مناشر في بناء منازل أو حظائر و يتاجرون فيها. ولذلك نامل فى إعادة إصدار قانون جديد يسمح بإنشاء مناشر حديثة وتوكيل مكتب مراقبة و متابعة إجراءات الانشاء حتي تتطابق مع مقاييس المناشر المطلوبة و المؤدية للغرض المرجو منها وعدم التلاعب.

5- مشاكل التسويق حيث يتم عادة التحكم و الآحتكار من قبل عدد قليل من التجار و هذا يؤدي الي حصول المنتج علي أسعار غير مجزية لا تغطي تكاليف الإنتاج وهذا ايضا تدخل الحكومة لحماية المنتج من استغلال التجار المحتكرين عن طريق انشاء جمعيات تعاونيه لاستلام وتصدير المحصول مع اعطاء المنتج عائد اقتصادى مرضى.

ان الاستثمار فى جنوب الوادى ما زال بكرا لم تنتهى فصوله بعد ويحتاج الى المزيد من الدراسات والبحث والتمحيص ..نسال الله تعالى التوفيق والسداد لكل القائمين بالعمل على تنميه هذه المنطقه الواعده للاستثمار

- بقلم الاستاذ الدكتور صلاح الدين محمد محمود

-استاذ الاعشاب الطبيه والعطريه بقسم البساتين كليه الزراعة جامعه الازهر بالقاهره...رئيس قسم البساتين السابق