الخميس 18 أبريل 2024 مـ 04:24 صـ 9 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

د عبد العظيم طنطاوي يكتب: المزارعين ضحية السياسات الزراعية والتسويقية للإنتاج الزراعى

قطاع الزراعة في مصر قطاع نشط يسهم بدور فعال في الاقتصاد المصري حيث يشارك بنسبة 20% من إجمالي الناتج المحلي ويستوعب ما يزيد علي 30% من العمالة المصرية، 14.8% من جملة الصادرات السلعية غير البترولية، كما يؤمن جانبا من خامات الصناعات الزراعية ، ويتيح فرص عمل لما يقرب من 27% من السكان ، إلا أن الزراعة المصرية تعاني أزمة حقيقية ، فمساحة الأرض المنزرعة التي تقدر 8.5 مليون فدان لا تكفي الاحتياجات الغذائية تحديداً ، إذ تبلغ مساهمة الإنتاج الزراعي 50% فقط من الحاجة لمحاصيل القمح والذرة والفول، 2% للعدس، 8 لزيوت الطعام، 68% للسكر واللحوم والألبان المجففة والزبد البقري ونظراً لندرة الموارد الطبيعية من أرض ومياه وانتشار الكثير من الأمراض والأوبئة النباتية والحيوانية وتوسيع دائرة الفقر الريفي، يتوقع أن تزيد الفجوة الغذائية مستقبلاً نظراً للمشاكل الزراعية والتسويقية التي تواجه المزارعين من عدم توفير مدخلات الإنتاج من أسمدة وتقاوي ومبيدات بالأسعار والجودة المناسبة .

هذا فضلا عن مشاكل تسويق مخرجات الإنتاج من المحاصيل المختلفة وترك المزارعين فريسة للتجار والوسطاء ومحتكري السلع الغذائية والمستفيدين من مصدري ومستوردي تلك السلع الغذائية، وهذا يؤدي إلي اتخاذ قرارات تسويقية غير مدروسة خاصة باستيراد وتصدير المنتجات الزراعية تصب في صالح تلك الفئة وتسبب ضرراً بالغاً بالاقتصاد القومي والمزارعين والمتاجرة بقوتهم , مما ينتج عن تلك السياسات عزوف كثير من المزارعين عن زراعة المحاصيل الإستراتيجية الهامة وهذا ينعكس علي زيادة الفجوة الغذائية وارتفاع فاتورة استيراد تلك السلع الغذائية مما يشكل عبئاً علي الموازنة العامة للدولة عام بعد الأخر .

تلك السياسات تؤدي مستقبلاً إلي أن تصبح مصر مستورداً كاملاً للغذاء بعد ارتفاع الفجوة الغذائية خلال السنوات السابقة إلي 67% من حاجة البلاد من الغذاء .
تواجه المنتجات الزراعية المصرية مشاكل تسويقية عند حصاد تلك المحاصيل والبستانية المختلفة ولكل محصول من تلك المحاصيل عقبات تسويقية تؤثر على دخل المزارع و يكون العائد من تلك الزراعات المختلفة بالسلب مما يؤدى الى هجرة المزارعين للزراعة والاتجاه الى مهن أخرى أكثر ربحية و بالتالى إنخفاض المساحات المنزرعة من المحاصيل المختلفة وزيادة الفجوة الغذائية و التى كانت تمثل 40% فى عام 2007 وأصبحت الأن تشكل 67% عجز فى إحتياجاتنا الغذائية والمتمثلة فى أهم المحاصيل الأستراتيجية وهى القمح ، الذرة الصفراء ، محاصيل الزيوت ومحاصيل البقول و اللحوم الحمراء ، وتتجه الدولة الى خفض تلك الفجوة بالأستيراد من الخارج بما يوازى حوالى 40% من حصيلة النقد الأجنبى مما يشكل عبء على الميزان التجارى المصرى وتدبير العملة الصعبة لتغطية تلك الأحتياجات .
السياسات التسويقية التي تتبع في تسويق محصول الذرة الشامية الصفراء والفول البلدي والمحاصيل الزيتية والبقوليات الأخرى تسبب خسائر للمزارعين وعدم تحقيق عائد عند زراعة تلك المحاصيل على سبيل المثال أثناء حصاد تلك المحاصيل ينخفض سعرها في السوق العالمي ويفتح الاستيراد لتلك السلع من الخارج لإحداث حالة من الإغراق وخفض أسعار منتجاتنا الزراعية المحلية، مما يؤدي إلي عزوف المزارعين عن زراعة تلك المحاصيل لفشل تسويقها وعدم وجود آلية لتسويق منتجاتنا الزراعية وقت حصادها واتجاه الحكومة إلي استيرادها من الخارج ، وانخفاض أسعار تلك المنتجات الزراعية في السوق العالمي متعمد من الخارج كل عام ولتحقيق خسائر من زراعتها بمصر يؤدي ذلك إلي عزوف المزارعين عن زراعة تلك المحاصيل الإستراتيجية وتتجه مصر إلي استيرادها من الخارج ،هذا مخطط محكم لتدمير الزراعة المصرية وهجرة المزارعين لأراضيهم والبحث عن مهنة أخري أكثر ربحية، ثم تعاود الأسعار إلي الارتفاع في السوق العالمي مرة أخري بعد انتهاء موسم حصاد تلك المحاصيل بمصر وتبدأ مصر في استيراد تلك السلع من الخارج مرة أخري بعد ارتفاع أسعارها كما يحدث في تسويق تلك المحاصيل كل عام .

هذا ما حدث هذا الموسم الزراعى الصيفى ، فى بداية موسم الزراعة أعلنت وزارة الزراعة البدأ فى تنفيذ الزراعة التعاقدية على محصول الذرة الصفراء لتحفيز المزارعين على زراعة الذرة الصفراء بدلاً من محصول الأرز لترشيد إستخدام المياه، وفعلاً فضل بعض المزارعين زراعة الذرة الصفراء بديلاً عن الأرز تجنباً لتحرير مخالفات زراعة الأرز أملا في التعاقد على زراعتة كما اعلنت وزارة الزراعة لصالح منتجى الدواجن، ولكن للأسف لم تصدق الحكومة بوعدها ولم يتم تنفيذ ما وعدت به من التعاقد مع المزارعين على زراعة الذرة الصفراء، وأنا واحد منهم وقد إتصلت بقيادات الوزارة بهذا الخصوص وللأسف لم يتم التعاقد على زراعة الذرة الصفراء وأضطر المزارعين الى بيعها كسلاج يصدر للخارج بأبخس الأسعار بسعر الفدان حوالى خمسة الاف جنيه لا تغطى تكاليف الخدمة والأسمدة والمبيدات والعمالة اللازمة والرى وغير ذلك من عمليات زراعية أخرى، والأدهى من ذلك البدأ فى استيراد الذرة الصفراء من الخارج بأسعار مخفضة من الأرجنتين، أمريكا ، أوكرانيا والبرازيل بأسعار حوالى (ثلاث ألاف وثلثمائه وخمسون جنيه للطن) أثناء حصاد الذرة المحلي وقد كان السعر أربعة الاف جنيه قبل حصاد الذرة والمقصود من ذلك أغراق مصر بالذرة المستوردة بأسعار رخيصة عن سابقها بحوالى ستمائة وخمسون جنيهاً للطن للعمل على خفض أسعار الذرة المحلى ويخسر المزارع كما يحدث كل عام وبالتالي يعزف المزارعين عن زراعة الذرة الصفراء ويتجه لزراعة الأرز مره أخرى لعدم صدق الحكومة فى وعودها ويضطر المزارعين الى زراعة الأرز لعدم وجود آلية عادلة ومحكمة لتسويق الذرة الشامية البيضاء والصفراء، فان فشل السياسات التسويقية يضطر المزارعين إلى زراعة الارز.

هذا يتكرر سنوياً دون وضع حل لتلك المشكل التسويقية التى تواجه المزارعين مما قد يتسبب في زيادة الفجوه الغذائية وزيادة الاعباء على الميزان التجاري لتغطية احتياجات البلاد من الغذاء.