الجمعة 29 مارس 2024 مـ 05:12 مـ 19 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

من يعوّق زراعة االنبتة السحرية اقتصاديا وعلاجيا في مصر؟

فدان ”ستيفيا” يعادل إنتاج 80 فدان بنجر سكر .. فلماذا لا نزرع الأول؟

نبات الاستيفيا في الأرض المستدامة
نبات الاستيفيا في الأرض المستدامة

أكد علماء زراعة مصريون، وباحثون في المركز القومي للبحوث، ومركز البحوث الزراعية، وجامعات مصر، أن استثمار البحوث المتاحة لديهم حاليا، لزراعة بنات الـ "ستيفيا" وتصنيعه، يعد الحل الأمثل لأزمة السكر في مصر، كبديل طبيعي واقتصادي مربح لزراعة البنجر وقصب السكر.

وقال العلماء بناء على أبحاثهم، إنهم تأكدوا من أن صلاحية التربة المصرية، والمناخ، في عدة مناطق مصرية، لزراعة الـ "ستيفيا"، كما أثبتت تجاربهم أن جرام واحد من مسحوق الـ "ستيفيا" يعادل 250 جم سكر من الناتج عن بنجر السكر أو قصب السكر.

وبناء على هذه النتائج، تم التأكد من أن كيلو جرام واحد من مسحوق الاستيفيا تعادل 250 كيلو جرام من السكر العادي المتداول في السوق المصرية، مع الفارق في أن الأول يعد علاجا طبيعيا لمرضى السكري، بينما الثاني يفاقم الحالة الصحية للمرضى، ويمنع عنهم استخدامه، سواء في الأكل أو الشراب.

في هذا التقرير، معلومات وافية عن الـ "ستيفيا" زراعيا، واقتصايا، وصحيا.

إلى التفاصيل:

 
 الاستيفيا يمثل الحل السحري لما يعانيه المصريون من مشاكل مع مرض السكر، وما يتلوه من مضاعفات صحية تنفق عليها الدولة والمواطنون الكثير من ميزانيتهم؟
 كما يمثل هذا المحصول السكري العشبي، الحل الاقتصادي القادر علي القضاء علي أزمة السكر التي تتكرر كل عام تقريبا في مصر، وننفق المليارات من أجل سد العجز بين الإنتاج والاستهلاك سنويا عبر الاستيراد.
 وعلى الرغم من النتائج المؤكدة التي توصل إليها البحث العلمي في مصر، يظل هذا الحل السحري الطبيعي مجرد أبحاث علمية مهملة، يشقى بها باحثوها، وتكمن المشقة في الاستفادة من زراعة هذا النبات، في عدم وجود مستثمر يتحمس للمشروع، ويغامر ببناء مصنع لا يتكلف الكثير، لأن بناء المصنع يتطلب زراعة 5000 فدان بالاستيفيا على الأقل.
 ويعد نبات "الاستيفيا" المستحضر المـُحلي لكثير من دول العالم، لكن اليابان تعد أكثر الدول استخداما له، كما تعد أولى الدول التي أجرت عليه أبحاثا متخصصة، نجحت من خلالها في التوصل إلى أعلى تركيز للمادة الفعالة في أوراق النبات.
وتعتبر دولة "باراجواي" الموطن الرئيسي لنبات الاستيفيا، حيث عرفته منذ عدة قرون قبائل "الدانديوز"، وهم السكان الأصليون لأمريكا الجنوبية، وتستوطن الجزء الشمالي الشرقي لدولة بارجواي.
 والاستيفيا نبات عشبي معمر اسمه العلمي " ستيفيا ريبوديانا بيرتوني"، وجاءت تسميته تخليدا لذكري ثلاثة من أهم علماء النبات الذين أجروا أبحاثا عن النباتات بصفة عامة، وأولهم العالم الإسباني " بيتر جيمس استيفيا "، والعالم الثاني هو "أوفيدو ريبوديان" عالم الكيمياء الطبيعية من باراجواي، والثالث هو العالم "سانتياجو بيرتوني" - من باراجواي أيضا، وكان أول من قام بتصنيف الاستيفيا وقدمها للعالم في صورتها النهائية.
ولم تتوقف الأبحاث عند هذا الحد، بل توالت علي مدى سنوات طويلة، ونجحت في الوصول إلى الكثير من المعلومات حول مركبات هذا النبات واستخداماتها، وإجراء التعديلات لتحسين مواصفاتها والوصول لأقصى درجة للاستفادة منها صناعيا. وكانت اليابان أكثر الدول اهتماما بهذه الأبحاث، حتى أصبحت على رأس الدول المنتجة لخلاصة الاستيفيا، والمصدرة لتكنولوجيا التصنيع الخاصة بهذا النبات.
الاستيفيا في مصر:
دخل نبات الاستيفيا مصر في التسعينيات من القرن الماضي، وأجريت عليه الكثير من الأبحاث التي توصلت نتائجها لصلاحية زراعة هذا النبات في بعض الأراضي المصرية، والتأكد من صلاحيته للزراعة في التربة المصرية، وسلامة استخدامه كبديل للسكر والمحليات الصناعية، حيث ثبت أنه لا خطر منه على مرضى السكر والضغط وكافة الأمراض المعروف تأثرها بزيادة نسبة السكر في الدم أو نقصها.

وعلى الرغم من وجود علماء مصريين أجروا الكثير من الأبحاث على هذا النبات في كليات الزراعة والمركز القومي للبحوث، ومركز البحوث الزراعية، إلا أن الأبحاث لا تزال حبيسة الأدراج، بسبب غياب الوعي عند المستثمرين بأهمية هذا النبات وفوائد زراعته علي المستوى الشخصي للمستثمر، وعلى المستوى القومي.
 وعن الفوائد التي يمكن أن تجنى من الاستثمار في هذا المشروع الوطني، قال الدكتور أحمد مصطفي نصار، وهو من أوائل المتخصصين المهتمين بالأبحاث عن الاستيفيا في مصر، إنه عرف هذا النبات للمرة الأولى عام 1993، من خلال خبير ألماني جاء إلى مصر في إطار مشروع تعاون بين شركة دولية وأخرى مصرية لزراعته في مصر، "وزرعناه بشكل تجريبي لإجراء الاختبارات العلمية والصحية، وبإشراف من المتخصصين في بحوث أمراض النباتات، وخرجنا بحزمة توصيات عند استزراع الاستيفيا في كل إقليم من أقاليم مصر، و أصبح لدينا بيت خبرة متكامل حول هذا النبات، بما لدينا من نخبة من الباحثين في الإنتاج الفسيولوجي والتكنولوجي والوقاية".

وأضاف الدكتور أحمد مصطفى، أن هذا النبات يصلح للزراعة في الحدائق المنزلية وشرفات المنازل أيضا، ولا يتطلب رعاية خاصة، سوى الرعاية العادية التي تحتاجها نباتات أخرى مثل النعناع والريحان.

ويصف الدكتور أحمد مصطفى طبيعة "الاستيفيا"، فيقول إنه حين يصل ارتفاع النبتة المنزرعة إلى 40 سم، يتم قطعها بعد ترك مسافة 10سم من الجذر، حتى يعاود الإنبات مرة أخرى، كما يروى النبات على فترات حسب احتياجاته المائية، التي تحددها نوع التربة، ودرجة حرارة الجو، وتستخدم منه الأوراق والسيقان، حيث يتم تجفيفها في الظل حتى لا يتحول لونها إلى الأسود، وبعدها تفرك لتتحول إلى مسحوق يحفظ في برطمان جاف ومعقم.

وعند زراعة الاستيفيا في الأرض، يتم حرث الأرض في خطوط مستقيمة، وتترك مسافة ما بين 40 إلى 50 سم بين الشتلات، وتضاف له بعض الأسمدة الآزوتية، كونه محصولا عشبيا يعتمد في اقتصادياته على النمو الخضري.
 وعن القيمة الاقتصادية لنبات الاستيفيا وما يضيفه للاقتصاد المصري في حالة زراعته على نطاق واسع، قالت الدكتورة سامية المغربي أستاذ بحوث المحاصيل السكرية، إن مصر تعاني من فجوة في استهلاك السكر، تتمثل في الفارق بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، وتتم تغطية هذه الفجوة بالاستيراد من الخارج لكمية تصل إلى 900 ألف طن كل عام، ويبدأ سعر الكيلو عند استيراده حاليا من من 6 جنيهات، بينما يبلغ سعر بيع الكيلو الواحد من أوراق الاستيفيا الخام 3 دولارات، وفي حالة زراعته في مصر يحصِّل الفلاح على نحو 60 جنيهاَ في الكيلو.

وتضيف الدكتورة سامية المغربي، أن زراعة فدان واحد من الاستيفيا تعادل زراعة 80 فدانا كاملة من بنجر السكر، ما يعني أن زراعة الاستيفيا ستوفر لمصر الكثير من العملات الصعبة وتسد العجز في استهلاك السكر، كما توفر كميات مياه كبيرة، من تلك التي تستهلك في زراعة قصب السكر، وحتى البنجر.
وعن التداول التجاري للاستيفيا كمُحلِ طبيعي، قالت الدكتورة سامية المغربين إن الجرام الواحد من الاستيفيا يعادل ربع كيلو سكر، ولأنه من الصعب على المستخدم العادي تحديد الكمية بالجرام، تم خلط بودرة الاستيفيا الخام بمادة "الديكستران" من أجل تسهيل استخدامها على الإنسان، "وعادة ما يتم استيرادها من الخارج، حيث تقوم بعض الشركات باستيراد العبوات جاهزة من الخارج، وأحيانا تقوم باستيراد البودرة الخام للاستيفيا وتقوم بخلطها وتعبئتها في مصر، أو تقوم بتعبئتها في أكياس صغيرة مثل التي تباع من أجل الريجيم".
وأضافت المغربي أن الاستيفيا يعد من النباتات المعمرة، وتظل في الأرض لمدة تتراوح ما بين خمس وسبع سنوات، ويؤخذ منه "حشة" كل ثلاثة أو ستة أشهر، حسب طبيعة التربة والمناخ، لأن الجو البارد يؤخر عملية "الحش" - جني المحصول -، وتجود زراعته في أماكن مثل توشكي وسيناء والأماكن حديثة الاستصلاح، ويمكن زراعته بالبذور أو العقل أو التفصيص.

وأعربت الدكتورة سامية المغربي عن أسفها، لعدم تعميم زراعة الاستيفيا، أو تصنيع مسحوقه "البودرة" محليا، بسبب عدم إنشاء مصنع خاص للتصنيع، وذلك لعدم دراية رجال الأعمال والمستثمرين بأهمية هذا المحصول السحري، "وبالرغم من أننا أصبحنا بمثابة بيت خبرة كبير وعلى استعداد كامل لإمداد المستثمرين بالدراسات اللازمة لإقامة المصنع وزراعة المحصول، إلا أن أحداَ من المستثمرين لم يقدم علي إقامة هذا المشروع أو الاستثمار فيه رغم بساطته، حيث أن تكنولوجيا التصنيع موجودة ويمكن أن تستورد من الصين واليابان ، إلا أن إقامة المصنع ستتطلب مساحة مزروعة بالمحصول لا تقل عن 5000 فدان لضمان استمرار عمله طوال العام.
استخدامات نبات الاستيفيا 

 -يستخدم ورق نبات الاستيفيا الذي يعرف باسم "الورقة الحلوة"، أو "ورقة العسل"، كورقة كاملة في تحلية المشروبات كالعصائر والمشروبات الساخنة.
 ـ يستخدم في تحضير المشروبات الغازية التي تعتمد على عصائر الفاكهة، والمياه الغازية التي اشتهرت أخيرا، بخلوها من السكر والسعرات الحرارية.
 ـ يستخدم الاستيفيا أيضا في تصنيع المربات الصحية، والشربات الآمن لمرضى السكر، "فعند تجربة محلى الاستيفيا كبديل للسكروز في تصنيع مربى الجزر والتفاح و الفراولة، تبين أن العينات التي تحتوي علي 50% من محلى الاستيفيا نالت قبول المحكمين بنفس درجات القبول للعينات المصنعة بالسكرو".
ـ يستخدم أيضا في تصنيع البسكويت بأنواعه المختلفة والكيك،  "فعند استخدام نسبة 50% من محلى الاستيفيا كبديل للسكروز في تصنيع البسكويت، نال قبول المحكمين ".
ـ يستخدم الاستيفيا في تحضير مشروبات اللبن والزبادي الحلو، وإنتاج أنواع من اللبان الخالي من السكر، وتصنيع الحلويات الشرقية الآمنة صحيا لمرضى السكر.
استخدامات طبية لمحلى الاستيفيا

ـ يستخدم كنظام غذائي لأي شخص يعاني من مشاكل في سكر الدم.
- يساعد علي تقوية الهضم.
ـ يستخدم كعلاج طبيعي للإنفلونزا ونزلات البرد واحتقان الحلق.
ـ ثبت أن له تأثير إيجابي في تقوية عضلة القلب والأوعية الدموية.
- يستخدم في علاج الأمراض الجلدية، حيث أنه ذو تأثير فعال على إكزيما والتهاب الجلد.
ـ يساعد الاستيفيا على تجنب حدوث تسوس الأسنان وعلاج أمراض اللثة، كما ينع تكوين الجير على الأسنان.
 -يتمتع محلى الاستيفيا بالقدرة على منع نمو وتكاثر بعض البكتريا والكائنات الحية الدقيقة الممرضة، وثبت هذا الأمر باستخدامه في تصنيع منتجات معاجين الأسنان وغسول الفم.