الكلاب الضالة تشعل الجدل في الشوارع المصرية
تتزايد حدة النقاش حول الكلاب الضالة في مصر، بعدما كشفت أمينة أباظة، رئيس جمعية حماية الحيوان، عن سلسلة من الحقائق الصادمة المتعلقة بإدارة ملف الرفق بالحيوان وتداخل المصالح التجارية مع العمل الخيري.
وأكدت أباظة أن العشوائية في إدارة هذا الملف تُحوّل الجهود الرسمية، رغم اجتهاد هيئة الخدمات البيطرية، إلى نتائج سلبية تهدد سلامة الإنسان وتُفاقم انتشار الكلاب بلا ضابط أو رابط.
وتوضح أباظة أن التعقيم والتطعيم ضد السعار يمثلان حجر الأساس في السيطرة على أعداد الكلاب وحماية المجتمع، معتبرة أن الصيد المنظم، والتحصين، والتوعية بثقافة الرفق بالحيوان ليست فقط إجراءات وقائية، بل “ضرورة” لإنقاذ الإنسان والحيوان معًا.
بيزنس على حساب الحيوان
فتحت أباظة ملفًا حساسًا حين أكدت أن الرفق بالحيوان تحوّل في بعض الحالات إلى “بيزنس” يستخدم فيه البعض التبرعات لشراء ممتلكات خاصة وبلوغ مظهر اجتماعي زائف، بينما يعاني الحيوان داخل ملاجئ مخالفة، يشتكي الجيران من روائحها وتكدّسها.
وطالبت بضرورة تدخل النيابة المختصة وجهاز الكسب غير المشروع ووزارتي الصحة والبيئة لضبط التجاوزات.
وترى أن غياب الضوابط سمح لغير المتخصصين بإنشاء جمعيات دون أي خلفية علمية، ما جعل حماية الحيوان تصطدم بحماية الإنسان بدلًا من أن تتكامل معها.
من يروّج للتطرف في الملف؟
تشير أباظة إلى أن بعض الجمعيات باتت تتعامل مع الكلاب باعتبارها مصدر رزق، فتتجاهل خطورة السلالات الشرسة أو الكلاب المصابة بالسعار حتى لو هاجمت طفلًا أو أودت بحياة شخص.
وتضيف أن التطرف في الدفاع غير الواعي عن الحيوان دفع الكثير من المواطنين إلى قتل الكلاب بطرق قاسية خوفًا من هجومها.
وتكشف عن أن سكان بعض الكمباوندات يلجؤون لأساليب تعذيب مثل رمي الكلاب في الصحراء بعد تكميم أفواهها، مؤكدة أن “القتل الرحيم”، المطبق دوليًا، أكثر رحمة وإنسانية من هذه الممارسات.
أصحاب المصلحة في الفوضى
توضح أباظة أن المستفيد الأكبر من تفاقم ظاهرة الكلاب الضالة هم مربّو السلالات الخطرة، الذين يعمل أغلبهم دون تراخيص، خاصة في القرى مثل شبرامنت.
وتشدد على أن دور جمعيات الرفق بالحيوان يجب أن يوازن بين حماية الإنسان والحيوان على حد سواء، كما يحدث في الجمعيات العالمية التي تعترف بخطورة بعض الأنواع وتحظر تربيتها.
هكذا تتعامل أوروبا وأمريكا مع الكلاب الضالة
تؤكد أباظة أن العواصم الأوروبية والأمريكية خالية من الكلاب الضالة، ليس لأن تلك الدول توفر “فنادق خمس نجوم” للحيوانات كما يشاع، بل لأنها تحتجز الكلب بين 3 و14 يومًا فقط للبحث عن مالكه، ثم تلجأ إلى القتل الرحيم إذا لم يظهر صاحب له، حفاظًا على السلامة العامة.
وتشير إلى أن السفارات الأجنبية في مصر ترسل بلاغات رسمية عند ظهور كلاب ضالة بالقرب منها، خوفًا على حيواناتها أو موظفيها.
لماذا تنتشر الكلاب الضالة في مصر؟
ترى أباظة أن تغذية الكلاب في الشوارع، وخوف الجهات المعنية من التدخل الفعّال، واستخدام أساليب غير إنسانية مثل “السم”، كلها عوامل ساعدت على تفاقم الظاهرة.
وتضيف أن ترك الكلاب تتكاثر مرتين سنويًا يزيد من أعدادها بصورة كبيرة، فضلًا عن بيع الكلاب في الأسواق الشعبية ثم التخلي عنها في الشارع.
آليات مقترحة للحد من الأزمة
تطالب أباظة بضرورة:
تقليل عدد تجار الكلاب.
إلزام كل كلب برقم مسجل على شريحة لتعقّب مالكه.
معاقبة من يرمي كلبه في الشارع.
اعتماد معايير الجمعيات العالمية مثل RSPCA وHumane Society وIFAW.
الاستفادة من مشروع WSPA العالمي الذي رُفض رغم تمويله الكامل وقدرته على خفض أعداد الكلاب الضالة في مصر.
وتلفت إلى أن تراكم الكلاب في الشوارع يسبب مخاطر عديدة تشمل الأمراض المشتركة، والعض، والسلوك العدواني، وحوادث الطرق، وافتراس المواشي.
متى يصبح القتل الرحيم ضرورة؟
وفقًا للمعايير الدولية، يُلجأ إلى القتل الرحيم فقط للكلاب المريضة أو المسعورة أو شديدة الشراسة، بينما تُترك باقي الكلاب المقبولة اجتماعيًا بعد تعقيمها وتحصينها ضد السعار.
تغذية الكلاب في الشوارع… عادة خطيرة
تحذر أباظة من إطعام الكلاب في الشارع لأنه يجذب أعدادًا أكبر ويعرضها للقتل من أشخاص يريدون إيذاءها، إضافة إلى إزعاج السكان. وتقترح اختيار أماكن بعيدة عن المناطق السكنية وتوعية من يطعمون الحيوانات بآثار هذه السلوكيات.
الكلاب الشرسة وقوانين الحظر العالمية
تشير أباظة إلى أن سلالة “البيتبول” تتصدر قائمة الكلاب الأكثر خطورة عالميًا، ما دفع عشرات الدول إلى حظر تربيتها أو تقييدها بشدة لحماية المواطنين.
ومن بين الدول التي تمنع أو تحد من تربية هذه السلالة: الأرجنتين، النمسا، بيلاروسيا، بلجيكا، فنلندا، إسرائيل، اليابان، ماليزيا، النرويج، البرتغال، رومانيا، روسيا، إسبانيا، سويسرا، أوكرانيا، الإمارات، والمملكة المتحدة.
خارطة طريق لإنقاذ الإنسان والحيوان
تختتم أباظة بأن الحل يكمن في:
دعم جهود الحكومة وتوفير تمويل مستدام لبرامج التعقيم.
توسيع حملات التطعيم.
الاستفادة من الخبرات الدولية.
تقنين عمل الجمعيات ومراجعة مصادر تمويلها.
إطلاق برامج توعية تحمي السكان وتضمن حياة آمنة للحيوانات.
وتؤكد أن التعاون الحقيقي بين الدولة والجمعيات والطب البيطري والمواطنين هو الطريق الوحيد لإدارة هذا الملف بما يحقق المنفعة للجميع.


.jpg)











