استراتيجيات علمية لمواجهة حرارة الصيف في الدواجن

كشف الدكتور عبدالمنعم صدقي، أستاذ بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني في مركز البحوث الزراعية، عن أبرز التحديات التي تواجه صناعة الدواجن خلال فصول الصيف الحارة، موضحًا أن الإجهاد الحراري يُعد أحد أخطر الضغوط البيئية المؤثرة على صحة الدواجن وكفاءتها الإنتاجية، حيث يؤدي إلى تراجع استهلاك العلف، وزيادة معدل النفوق بمقدار يصل إلى 3.7 ضعفًا، إضافة إلى نقصان الوزن بمعدل يصل إلى 150 جرامًا في الطيور المعرضة لدرجات حرارة مرتفعة.
وأشار إلى أن تأثير الإجهاد الحراري لا يتوقف عند الجوانب الظاهرة فحسب، بل يمتد ليؤثر على التوازن الحمضي القاعدي، ويُسبب اضطرابات في الأيض، وخللاً في الاستجابة المناعية، فضلًا عن التهاب الأمعاء، وضمور ملحوظ في صحة الجهاز الهضمي، واختلال الفلورا المعوية.
استراتيجيات تغذوية للتقليل من الإجهاد الحراري
وأكد صدقي أن الإدارة الذكية لتغذية الدواجن تلعب دورًا محوريًا في التخفيف من حدة الإجهاد الحراري، مشيرًا إلى عدة حلول عملية:
تقييد العلف خلال ساعات الذروة (من 8 صباحًا حتى 5 مساءً): يقلل من حرارة الهضم ويخفض درجة حرارة الجسم، مع تقليل نسبة الدهون الحشوية والوفيات.
استخدام العلف الرطب (خلط العلف بالماء بنسبة 1:1): يساهم في تحسين الاستهلاك الغذائي ويزيد من الكفاءة التحويلية، ما يخفف الآثار السلبية للحرارة.
زيادة نسبة الدهون في العلف (5–8%): تُعد وسيلة فعالة لرفع القيمة الطاقوية دون التسبب في توليد حرارة أيضية إضافية.
مكملات غذائية لتعزيز مناعة الدواجن
ولفت إلى أن إضافة بعض المركبات الطبيعية والفيتامينات يُحسن بشكل كبير من قدرة الدواجن على مقاومة آثار الحرارة، أبرزها:
فيتامين C و E: مضادات أكسدة تعزز من الحالة المناعية.
البروبيوتيك والمستحضرات النباتية (Phytobiotics): تحسن التمثيل الغذائي وتقلل من الإجهاد التأكسدي.
الإلكتروليتات والمعادن مثل الزنك والمغنيسيوم: تعمل على موازنة حموضة الدم وتقلل من آثار الإجهاد الحراري.
ابتكارات وراثية لمستقبل أكثر تحمّلًا
أوضح الدكتور صدقي أن التقدم العلمي أتاح تقنيات جديدة ذات بعد استراتيجي، من أبرزها:
التكيّف الحراري الجنيني (Embryonic Thermal Manipulation): تعديل درجات حرارة الحضانة في المراحل المبكرة من التطور الجنيني يساهم في “برمجة حرارية” للكتاكيت، تُكسبها قدرة أكبر على تحمل الإجهاد الحراري مستقبلًا دون التأثير السلبي على النمو.
اختيار سلالات مقاومة للحرارة مثل “naked neck” أو “frizzle”: تظهر نتائج مبشرة من حيث التحمل الطبيعي للحرارة، رغم أن استخدامها التجاري ما زال محدودًا ويحتاج إلى مزيد من التقييم.
إدارة بيئية ذكية داخل العنابر
بيّن صدقي أهمية البيئة المحيطة بالدواجن في مواجهة الإجهاد الحراري، مشيرًا إلى أن الإدارة البيئية المتكاملة أصبحت ضرورة وليست رفاهية:
التهوية الجيدة والتبريد بالرذاذ وتحكم دقيق في رطوبة العنبر.
تصميم العنابر وكثافة التربية بما يراعي التهوية وتوزيع الحرارة.
سلامة الفرشة ونظافتها كعامل مؤثر في تقليل الضغط الحراري.
استخدام تقنيات التقييم الحراري مثل البلوتوث الحراري أو الكاميرات الحرارية بالأشعة تحت الحمراء، ما يساعد على رصد درجة حرارة الجسم وتحديد حالات الإجهاد مبكرًا قبل تفاقمها.
مقارنة بين أبرز الاستراتيجيات المتبعة
الاستراتيجية الأثر الرئيسي مدى التطبيق العملي
تقييد العلف والعلف الرطب تخفيض حرارة الجسم وتحسين استهلاك الغذاء واسعة الاستخدام في مزارع متعددة
زيادة الدهون في العلف زيادة الطاقة دون حرارة إضافية سهلة التنفيذ
الفيتامينات والإلكتروليتات تعزيز المناعة والتوازن الأيضي شائعة الاستخدام
التكيّف الجنيني الحراري برمجة حرارية للكتاكيت واعدة بحثيًا وتطبيق مستقبلي
التهوية والتبريد البيئي تخفيض درجة حرارة العنبر ضرورية في المزارع الحديثة
اختيار سلالات مقاومة للحرارة مقاومة وراثية طبيعية طويلة الأمد وتتطلب تقييمات إضافية
الدمج بين الحلول لتحقيق أفضل النتائج
يرى الخبراء أن النتائج الأكثر فعالية تتحقق عند الدمج بين:
الإدارة التغذوية: توقيت العلف، تركيبة العلف، الإضافات الغذائية.
الإدارة البيئية: تهوية، تبريد، تحكم في الرطوبة.
الابتكار الوراثي: تكيّف حراري جنيني، وانتخاب سلالات مقاومة.
إضافة إلى الرصد المستمر لدرجات الحرارة واتخاذ إجراءات وقائية مبكرة تُعد أدوات حاسمة للحفاظ على صحة القطيع وتقليل الفاقد، وبالتالي دعم استقرار الإنتاج وتحقيق الربحية في ظل التغيرات المناخية المتزايدة.