الأرض
الأربعاء 3 سبتمبر 2025 مـ 03:50 صـ 10 ربيع أول 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

برنامج قومي ينقذ القمح المصري من تحديات المناخ

اللبرنامج القومي لتربية القمح
اللبرنامج القومي لتربية القمح

يخوض البرنامج القومي للقمح في مصر معركة استراتيجية لتعزيز الأمن الغذائي الوطني، وسط تحديات بيئية ومناخية غير مسبوقة، أبرزها ارتفاع درجات الحرارة، وملوحة التربة، ونقص الموارد المائية.

أكد الدكتور خالد جاد، أستاذ بقسم بحوث القمح بمركز البحوث الزراعية وعضو البرنامج القومي لتربية القمح، أن المساحة المزروعة بمحصول القمح خلال الموسم الزراعي 2024/2025 بلغت نحو 3.1 مليون فدان، بمتوسط إنتاجية 19.6 إردب للفدان، ما أسفر عن إنتاج إجمالي يُقدّر بـ 9.6 مليون طن. في المقابل، يصل الاستهلاك المحلي إلى 21 مليون طن، مما يُنتج فجوة غذائية حادة تُقدّر بـ 11.4 مليون طن، يتم تغطيتها من خلال واردات خارجية تتجاوز 12 مليون طن سنويًا.

تطور الإنتاجية وجهود الاستنباط

وأوضح جاد أن إنتاجية القمح شهدت تطورًا ملحوظًا منذ عام 1921، حيث كان متوسط إنتاج الهكتار لا يتعدى 1.7 طن، بينما وصل في الموسم الماضي إلى 7 أطنان للهكتار (أي ما يُعادل قرابة 19.5 إردب للفدان)، وهو ما يُبرز الطفرة البحثية والعلمية في مجال استنباط الأصناف.

وأضاف أن مصر قامت مؤخرًا باستنباط 5 أصناف تجارية جديدة من القمح، منها أربعة مخصصة لإنتاج الخبز (سخا 95، مصر 5، مصر 6، مصر 7)، وصنف مخصص لإنتاج المكرونة (سوهاج 6)، مع وجود 4 أصناف أخرى قيد التسجيل الرسمي.

وأشار إلى أن مصر تزرع نوعين من القمح:

قمح الخبز: يُزرع في مختلف محافظات الجمهورية ويُسمى وفقًا لمحطات الإنتاج أو التصنيفات الرسمية.

قمح المكرونة: يُزرع في محافظات الصعيد، من بني سويف وحتى أسوان، نظرًا لملاءمة الظروف المناخية، ويُطلق عليه اسم المحافظة التي خرج منها، مثل "سوهاج" أو "بني سويف".

تحديات تواجه زراعة القمح في مصر

ورغم التقدم الكبير في الإنتاج، لا تزال زراعة القمح في مصر تُواجه عدة تحديات جوهرية، في مقدمتها:

التغيرات المناخية العنيفة خلال السنوات الأخيرة.

ارتفاع درجات الحرارة.

ملوحة التربة خاصة في دلتا النيل، التي تضم أكثر من 2 مليون فدان متأثر بشدة بالملوحة.

نقص مياه الري وقلة خصوبة التربة.

الزيادة السكانية المطردة.

أمراض الأصداء، وعلى رأسها الصدأ الأصفر، الذي يُعد أحد أهم المعوقات لزراعة أصناف مرتفعة الإنتاجية.

وأوضح جاد أن بعض الأصناف الجيدة تم استبعادها من زراعة الدلتا بسبب إصابتها بالصدأ، وهو ما فرض ضرورة العمل على استنباط أصناف مقاومة للأمراض والإجهادات البيئية.

استراتيجية علمية لمواجهة التحديات

وللتغلب على هذه التحديات، قال الدكتور جاد إن البرنامج القومي يعمل على كسر حاجز ثبات الإنتاجية من خلال:

توسيع القاعدة الوراثية بإدخال نحو 2000 سلالة جديدة ضمن برامج التربية.

الاعتماد على الهجن النوعية والتعاون مع منظمات دولية (مثل: سيمت، إيكاردا، أكساد).

استخدام التكنولوجيا الحيوية منذ التسعينات في برامج استنباط السلالات.

وأشار إلى أن مصر تمتلك حاليًا أكثر من 15 صنفًا من قمح الخبز، و6 أصناف من قمح المكرونة، ذات إنتاجية مرتفعة ومرونة في التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة.

كما يتم تحديث التوصيات الفنية للمزارعين بانتظام، بما يشمل مواعيد الزراعة، وبرامج الري، والتسميد، لتحقيق أفضل استغلال للموارد.

محطات بحثية متخصصة ومخطط توزيع جغرافي

ويُنفذ البرنامج القومي لتربية القمح في محطات بحثية موزعة جغرافيًا على مستوى الجمهورية، كل منها يختص بتجارب نوعية:

شمال الدلتا: محطة سخا – أكبر المحطات – تختص باختبارات الملوحة والصدأ الأصفر.

وسط الدلتا: محطات الجميزة، إيتاي البارود، كفر الحمام – لاختبار الأصناف مرتفعة الإنتاجية ومنخفضة المدخلات.

مصر الوسطى: الجيزة (لتجارب الجفاف)، وسدس (لصفات الجودة وأصناف المكرونة).

صعيد مصر: محطة شندويل (لاختبار الحرارة العالية وجودة القمح المكرونة).

غرب الدلتا: النوبارية (لاختبارات الجفاف وصدأ الأوراق والأصناف المنخفضة في التغذية).

برامج تربية قصيرة وطويلة المدى

ويعتمد البرنامج على مسارين متوازيين في التربية:

1. برنامج قصير المدى: لاختبار قدرة الأصناف على التكيف ومقاومة الأمراض خلال فترة زمنية وجيزة، بدعم من تحالفات دولية.

2. برنامج طويل المدى: يعتمد على التربية التقليدية والانتخاب الوراثي، وصولًا إلى التجارب النهائية قبل التوصية بالأصناف.

ولكي يُعتمد صنف جديد من القمح، يجب أن يُثبت استقراره في مختلف البيئات الزراعية على مستوى الجمهورية.

التركيز على مقاومة الأصداء والملوحة

من أبرز الأولويات التي يركز عليها البرنامج القومي:

إعادة إدخال أصناف عالية الإنتاجية بعد …