اضطراب إمدادات البرتقال المصري يربك السوق السعودية ويدفع المستوردين نحو جنوب أفريقيا

تسبب نقص إمدادات البرتقال المصري هذا الموسم في ارتباك ملحوظ في السوق السعودية، ما دفع المستوردين إلى البحث عن حلول بديلة للحفاظ على تدفق المنتج وتلبية الطلب المحلي. فقد تصاعد التنافس في السوق المصرية بين مصانع العصائر والمصدرين، بعد ازدهار صناعة مركزات البرتقال محليا، مما أدى إلى تراجع الكميات المتاحة للتصدير في النصف الثاني من الموسم، وهو ما انعكس سلبا على الإمدادات إلى الأسواق الخليجية، وعلى رأسها السعودية، التي تعد ثالث أكبر وجهة للموالح المصرية بعد هولندا وروسيا.
عبد الباسط، رئيس قسم ضمان الجودة في مجموعة "جلوبال ستار" السعودية، أشار إلى أن اضطرابات الإمداد بدأت منذ بداية الموسم. فموسم تصدير برتقال السرة يمتد من ديسمبر حتى أبريل، في حين يُصدر برتقال فالنسيا من مارس حتى يوليو. لكن منذ بداية أبريل، ظهرت فجوة حادة في الكميات المتاحة من برتقال السرة المصري، وسط نهاية مبكرة للموسم وتراجع في الجودة، في وقتٍ تضررت فيه الإمدادات الإسبانية من الفيضانات، ما دفع الكميات المتوفرة للتوجه إلى أوروبا بأسعار أعلى، تاركة السوق السعودية أمام خيارات محدودة ومرتفعة السعر.
النتيجة كانت انخفاض الكميات المستوردة من مصر بنسبة تتراوح بين 30 و35% مقارنة بالتوقعات، وتسجيل قفزات سعرية لبعض الأصناف عالية الجودة في السوق السعودية، وسط عجز واضح في التوريد. هذا النقص دفع المستوردين السعوديين، ومنهم "جلوبال ستار"، إلى اللجوء بشكل استثنائي إلى البرتقال الجنوب أفريقي، رغم أن هذا الخيار عادة لا يُستخدم في مثل هذا التوقيت.
ويؤكد عبد الباسط أن برتقال السرة الجنوب أفريقي، الذي بدأ حصاده في أبريل في مناطق كيب، دخل السوق في وقت مثالي، إذ تميز بجودة مرتفعة وتلقى استجابة قوية من السوق السعودي. إلا أن هذا التوجه لم يصمد طويلا، فمع وصول كميات كبيرة في الأسابيع 27 و28، انخفضت الأسعار بشكل حاد بسبب فائض المعروض، ما وضع ضغوطا جديدة على السوق.
أما بالنسبة لبرتقال فالنسيا الجنوب أفريقي، فما زالت الصورة ضبابية. ومع أن الأسعار مستقرة حاليا، فإن السوق لم تستوعب بعد الكميات التي لا تزال في طور الشحن، ما يجعل تقييم الأداء صعبا قبل مرور أسبوعين على الأقل.
تجربة هذا الموسم دفعت شركة "جلوبال ستار" إلى إعادة النظر في استراتيجياتها المستقبلية. فبحسب عبد الباسط، ستركز الشركة على استخدام بيانات دقيقة لتحليل الفجوات في الإمدادات من مختلف المناطق، وتوسيع قاعدة شركائها في نصف الكرة الجنوبي، مع السعي لتوقيع اتفاقيات طويلة الأمد مع المزارعين والمصدرين، وتقوية التخطيط اللوجستي لتفادي تأخيرات النقل، إضافة إلى مراقبة أحوال المناخ والإنتاج في دول المنشأ بشكل لحظي.
في النهاية، تعكس هذه الأزمة الحاجة المتزايدة إلى بناء سلاسل توريد أكثر مرونة، خاصة في ظل تغيرات مناخية تؤثر على الإنتاج، وتوترات سياسية قد تربك الشحنات في أي لحظة. فبالنسبة للسوق السعودية، لم يعد الاعتماد على مصدر واحد كافيا، بل أصبح التنويع والتخطيط الاستباقي من أساسيات تأمين الفاكهة على مدار العام.