الخميس 25 أبريل 2024 مـ 11:32 صـ 16 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

المربي المصري نجح في تحقيق إنتاجية تعادل المُنتِج الأمريكي في معامل التحويل

إياد حرفوش :مصر الأعلى على مؤشر العدالة الاقتصادية في مجال الإنتاج الداجني


- المربي الصغير ينافس الكيانات العملاقة بعنبر متواضع

- صناعة تجند 200 ألف جنيه لخلق فرصة العمل .. وحضن آمن للعائدين من رحلة الاغتراب

- المربي المصري نجح في تحقيق إنتاجية تعادل المُنتِج الأمريكي في معامل التحويل
- تسمين الدواجن المصرية يستوعب مئات المربين الصغار سنويا كلاعبين أساسيين

- دلالة العدالة الاقتصادية في صناعة الدواجن: منتجو المرحلة الواحدة يملكون 70 ٪ من الإنتاج اليومي

- 2500 جنيه الحد الأدنى لأجر العاملين المهمشين في صناعة الدواجن

- الإنتاج الداجني يستغرب طيفا واسعا من مستويات المهارة والتأهيل، خلافاً لصناعات أخرى كالغزل والنسيج أو التي تقتضي مستويات أعلى نسبيا من المهارات اليدوية

 

أكد الدكتور إياد حرفوش الرئيس التنفيذي لمجموعة iFT، أن صناعة الدواجن في مصر تحقق مبدأ العدالة الاقتصادية، وهو الأمر الذي يثير الاهتمام في صناعة الدواجن المصرية كونها تجمع بين مقومات الصناعة المتطورة إلى جانب إنها عادلة اقتصادياً في آن معاً.

وأوضح أن تطور الصناعة متحقق بالفعل، بسبب امتلاكنا بنية تحتية تحقق الاكتفاء الذاتي وفائض للتصدير ببعض القطاعات، وكثير من منتجينا يحققون معدلات تحويل ومعايير أداء تماثل أقرانهم في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة، بشهادة شركات السلالات العالمية ذاتها.

ولفت إلى أنه على الرغم من كون العدالة الاجتماعية كمفهوم ومصطلح شائعةً على ألسنة النخب والجماهير في مجتمعنا لأكثر من نصف قرن، فأن أحد ركائزها البنيوية تكاد تكون غائبة كمفهوم ومصطلح إلا في صفوف الأكاديميين وهي "العدالة الاقتصادية" (Economic Justice).

وأشار إلى أن العدالة الاقتصادية تعرف بكونها "مجموعة من القواعد التي ترتكز عليها البنية التحتية للاقتصاد، لخلق بيئة من تكافؤ الفرص الاقتصادية، حيث يتمكن جميع الأفراد من تحقيق حياة كريمة ومنتجة وخلاقة"، وبمنظور علم الاقتصاد، فلو كانت العدالة الاجتماعية غاية نهائية، فالطريق نحوها يمر بالضرورة عبر العدالة الاقتصادية، حيث تهتم العدالة الاقتصادية بتكافؤ الجهد الإنتاجي مع العائد المادي عليه، وإتاحة الفرص الاستثمارية لرؤوس الأموال الصغيرة ومتناهية الصغر، وخلق فرص عمل لطيف واسع من الكوادر الماهرة ومحدودة المهارة.

ودلل حرفوش على العدالة الاقتصادية في صناعة الدواجن بعدة نقاط وهي :


العدالة الاقتصادية في الإنتاج الداجني المصري
1. هناك صناعات كصناعة الحديد والصلب، يصعب فيها على صغار المنتجين منافسة كبار المنتجين، لأن التطبيق الحدي لقاعدة اقتصاديات الحجم (Economy of Scale)، يؤدي لفشل المنتج الصغير في تقديم السلعة بسعر ينافس المنتج الكبير. في صناعة الدواجن بالمقابل يتمكن صغار المربين من المنافسة أمام كيانات عملاقة. لأن آليات الإنتاج تجعل قاعدة اقتصاديات الحجم أقل تأثيرا، وإن بقيت مؤثرة بطبيعة الحال. لهذا تستوعب تربية التسمين سنويا المئات من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة ومتناهية الصغر كلاعبين جدد!


2. هناك صناعات لا يتمكن فيها منتجو المرحلة الواحدة من منافسة منتجي المراحل المتعددة، بحكم قاعدة اقتصاديات المجال (Economy of Scope)، أما في صناعة الدواجن، فلا تتجاوز الحصة السوقية لمنتجي المراحل المتعددة (جدود، أمهات، وتسمين) 30% من دجاج التسمين على سبيل المثال.

3. يستوعب الإنتاج الداجني طيفا واسعا من مستويات المهارة والتأهيل، خلافاً لصناعات أخرى كالغزل والنسيج وغيرها تقتضي مستويات أعلى نسبيا من المهارات اليدوية. والدخل الشهري للعامل في عنبر التسمين أو مصنع العلف لا يقل عن 2500-3000 جنيه لمحدودي الخبرة والمهارة. وهو دخل معقول نسبيا لو قيس بالفرص البديلة لهذا المستوى من المهارة والخبرات.

4. صناعة كثيفة العمالة، فعنبر التسمين المفتوح وغير المميكن الذي ينتج عشرة آلاف طائر في الدورة (500-600 ألف جنيه عائد البيع) يحتاج إلى ثلاثة عمال مقسمين على ورديتين. أي أن معامل الإنتاجية للفرد العامل بحدود 166-200 ألف جنيه! بهذه الخصائص استوعبت صناعة الدواجن عددا مؤثرا من العمالة العائدة من الخليج العربي وليبيا، وتلك التي تركت مجال السياحة في أوقات تباطؤها النسبي.


5. تمثل التربية المنزلية نشاطا جانبيا للأسرة الريفية، وبعض الأسر الحضرية وتحت الحضرية. إذ تمثل دخلا دوريا مضافا يقلل من شظف العيش على أسر تقع معظمها تحت خط الفقر، وهو 875 جنيه للفرد في 2020م وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.


وتابع "هل صناعة الدواجن في مختلف الدول والمجتمعات عادلة اقتصادياً؟ هناك بون شاسع في هذا الأمر وفقا للظروف المجتمعية والإنتاجية لكل دولة. فلو نظرنا لصناعة الدواجن السعودية على سبيل المثال سنجدها صناعة تكاملية مركزة في عدد محدود من كبار المنتجين، ومثلها – وإن كانت بدرجة أقل – صناعة الدواجن الأردنية. لهذا فسمة العدالة الاقتصادية بهذا المستوى هي سمة تتفرد بها صناعة الدواجن المصرية، ربما لأن تربية الدواجن أصبحت بمرور القرون مكونا ثقافيا في الريف المصري! حيث بدأ تدجين الطيور المنزلية في مصر القديمة بعهد الدولة الوسطى حوالي عام 2100 ق.م.، وبدأت تربية الدجاج تحديداً بعهد الدولة البطلمية قرابة 305 ق.م.، وتطورت التربية المنزلية لنشاط اقتصادي مهم! والأدلة على هذا كثيرة:
(1) قرابة 400 ق.م. ابتكر المصري القديم أفران تفريخ البيض، والتي وصفها "أرسطو طاليس" بالابتكار الخارق للعادة. هذه الأفران تدل على توجه إنتاجي تجاوز منذ القدم تلبية احتياجات الأسرة، وتحول إلى نشاط اقتصادي.
(2) في كتاب "مصر: وصف الأرض والبشر والإنتاج" والصادر في 1839م، إشارة إلى عوائد ضريبية كبيرة جنتها الدولة من ضرائب على الإنتاج الداجني!
(3) في تقرير القنصلية الأمريكية في عام 1895م إشارة أخرى للإنتاج الداجني في مصر كنشاط اقتصادي مؤثر.
هكذا، ووفقا لعلم الأنثروبولوجيا الاقتصادية (Economic Anthropology)، تحولت تربية الدواجن إلى مكون ثقافي في المجتمع المصري، وهو ما شكل علاقات الإنتاج، وحافظ على الإنتاج الداجني في صورته الراهنة والتي نراها عادلة اقتصادياً!

وتابع حرفوش"يرتكز الأمن الاقتصادي (Economic Security) للمجتمع، وفقا للمفوضية الدولية للصليب الأحمر على خمسة ركائز أساسية يطلق عليها مقومات المعيشة الرئيسية (key livelihood outcomes)" وهي:
(1) الأمن الغذائي، ومناسبة ما يستهلكه السكان من غذاء لسد حاجاتهم الغذائية
(2) إنتاج الغذاء: نسبة ما ننتجه لمجمل ما نستهلكه.
(3) الدخل الشخصي وقدرته على سد حاجات المعيشة.
(4) ظروف المعيشة، ومناسبتها للحياة الكريمة.
(5) القدرات التكافلية لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني.

وبنظرة منصفة للدور الذي تقوم به صناعة الدواجن في المجتمع المصري، نجدها مؤثرة بصورة مباشرة وفعالة في ثلاثة مقومات من المقومات الخمسة! لهذا، لا نكون منصفين لو وصفناها بأنها صناعة أمن غذائي، فهي بالمفهوم الأشمل واحدة من أهم صناعات الأمن الاقتصادي في مصر! وبهذا المفهوم ينبغي أن تتعامل معها مؤسسات الدولة المختلفة! وهكذا يجب أن نراها، ليس لأننا نحبها أو ننتمي إليها، ولكن لأننا أهل منطقٍ ودليل، وحيثما مال الدليل نميل!!