الخميس 18 أبريل 2024 مـ 02:27 مـ 9 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

النحالون ومربيو الدواجن ومصدّرو الإغذية في زمن ”كورونا”

ثمة قرارات حكومية حصيفة تمليها الأزمات، تحتاج إلى مفسرين بعدد المسؤولين المعنيين بتنفيذها، خاصة ما يتعلق بنقل كل ماهو غذاء، سواء زراعي أو حيواني طازج، أو مصنّع عبر كمائن المرور، أو بوابات رسوم الطرق السريعة.

وضمن إدارة الأزمات أيضا، يتطلب الأمر تفعيل دور وزارة التجارة في تخصصها الذي يتعلق ببند التجارة الخارجية، وذلك لمتابعة ما يحدث لصادراتنا الزراعية والغذائية في العالم، خاصة الدول العربية، التي يتعنت مسؤولون فيها بإصدار قرارات تضر بالاقتصاد الزراعي، وبالتالي المزارعين الذين هم صمام الأمن المجتمعي المصري.

وفيما يخص المذكرات التفسيرية لقرار السماح بنقل بعض المواد في أوقات حظر التجوال، يحتاج رجال حفظ الأمن في الكمائن المرورية ومنافذ الرسوم على الطرق العامة، إلى مفسرين لفقه القرارات المتعلقة بنقل الحاصلات الزراعية، والدواجن الحية، ونحل العسل وخلاياه، وهي قرارات لا تصدر إلا من رئيس الجمهورية، أو من رئيس الحكومة، وتصبح بقوة القوانين، واجبة النفاذ، بموجب الدستور.

بعض رجال المنافذ، خاصة أمناء الشرطة، يمنعون سائقي نقل المواد غير المذكورة صراحة في القرارات، بحجة أن قرار رئيس مجلس الوزراء لم ترد فيه كلمة "الدواجن"، ولا "النحل"، ما يعني أن هؤلاء كانوا في حاجة إلى مذكرة تفسيرية تعينهم على فهم طبيعة الدواجن كغذاء، ما دفع اتحاد منتجي الدواجن إلى رفع مذكرة إلى مجلس الوزراء، ليصدر قرار استثناء الدواجن صراحة، وليظل النحل كمنتِج للعسل في حاجة إلى قرار مثيل بالإفراج عنه، لوجوب تحريكه حاليًا في موسم التزهير والربيع، أي موسم رزق النحالين.

ومع المطالبة بتدخل وزير الزراعة لإصدار قرار بإدخال النحل وخلاياه ومنتجاته من الشمع ومستلزماته، ضمن قائمة المواد المسموح بنقلها ليلا، ينتظر نحو 50 ألف نحال مصري إصدار قرار واضح، لا يحتاج إلى مذكرة تفسيرية في كمائن المرور، وذلك لنقل نحو ثلاثة ملايين خلية إلى مزارع الموالح في الظهير الصحراوي.

ثلاثة ملايين خلية نحل تعين الاقتصاد المصري في موسم الموالح فقط، على محورين، الأول زيادة إنتاجية محصول الموالح بزيادة العقد الثمري بنسبة لا تقل عن 20%، والثاني إنتاج حصة لا تقل عن 12.5 ألف طن من العسل، الذي يصنف كغذاء ودواء، لاحتوائه على فيتامين سي، المطلوب لرفع مناعة الإنسان في زمن "كورونا".

كل ما يطلبه النحالون المصريون، كتابة كلمة "النحل" وخلاياه ومستلزماته، ضمن قرار واضح، يتيح لرجال الأمن في الكمائن، وبوابات الرسوم، السماح لتحريكه دون محاضر ولا غرامات مالية، كون هذا البند يعيش عليه أكثر من 50 ألف أسرة مصرية، تحقق الاكتفاء الذاتي لمصر من عسل النحل، وتضيف للاقتصاد نحو 25 مليون دولار سنويا، هي فاتورة تصدير نحو 1.5 مليون طرد نحل حي سنويا، أي نصف صادرات العالم من هذا الصنف.

رجل الأمن ومن في حكمه، معني في المقام الأول بتنفيذ القرارات، ولذا يصبح في حاجة إلى قراءة قرار واضح لفظا وديباجة وتفصيلا، وأمام الصياغة الإجمالية التي تشمل الحاصلات الزراعية والمواد الغذائية والأدوية، يتطلب القرار مذكرة إلحاقية تتضمن النحل، حتى لا يُتَهم رجل الأمن بالتفريط أمام وزارة الداخلية في حالة السماح بالمرور، ولا بالتعنت من النحالين في حالة منع المرور، وهو الأكثر حاليا.

ومثلما حدث التجاوب مع مطالب اتحاد منتجي الدواجن بالسماح بنقل الدواجن ليلا، لظروف تتعلق بعدم القدرة على الإمساك بها في عنابرها، إلا في الظلام، كما أن نقلها نهارا يعرضها للنفوق أثناء النقل بفعل الحرارة الجوية المرتفعة، يتطلب الأمر إصدار قرار إلحاقي بجزئية تحريك خلايا النحل، وليس لهؤلاء اتحاد محلي، أو نقابة تحميهم وترفع مطالبهم إلى صانع القرار، وهو ما دفعهم إلى طلب هذا الأمر من وزير الزراعة ـ الأب الشرعي لهذه الصناعة حاليا.

ما يجب لفت نظر وزارة الداخلية إليه أيضا، تعرّض أصحاب مزارع الدواجن والتجار والسماسرة لمشكلة التعدي على مركباتهم بالسرقة على الطرق العامة ليلا، كون هذه الطرق تصبح بلا دوريات أمنية خلال ساعات حظر التجوال، وذلك لتمركز القوات والأفراد عند كمائن المرور، لرصد المخالفات ومنعها.

وفيما يتعلق بصادراتنا الزراعية والغذائية، فإن أزمة "كورونا" التي اجتاحت العالم أفرزت العديد من القرارات التي تتعلق بظروف كل دولة على حده، دون النظر إلى معطيات أرض الواقع، ولذا لابد من التمثيل الفني التخصصي في عضوية لجان إدارة الأزمات، خاصة ما يتعلق بالقرارات التي تنظم حركة نقل الأغذية والأدوية وتداولها، وذلك لتحقيق التوازن بين ما يمكن أن تتحمل الدولة خسارته، وما يعطيها الحق في التكسب منه، ومثال على ذلك حركة الصادرات الزراعية والغذائية للخارج.

شكاوى كثيرة متداولة حاليا من تعامل دول الخليج العربي مع الصادرات الزراعية المصرية، حيث يتم الكيل بأكثر من مكيالين في هذا الخصوص، إذ فرضت وزارة التجارة السعودية تسعيرة جبرية على وارداتنا إليها من الموالح والبصل والليمون، والبطاطس، في الوقت الذي لم تنظر فيه إلى تضاعف أسعار نولون النقل البحري، وزيادة تكاليف عمالة الفرز والتجهيز في محطات الموالح والبطاطس ومفارش البصل والثوم، بفعل الإجراءات الاحترازية لمجابهة فيروس "كورونا"، ومع أهمية هذا الإجراء لمحاربة الجشع في زمن الأزمات، يصبح الأمر في حاجة أيضا إلى دراسة تكاليف وصول هذه السلع إلى أسواق استهلاكها.

وحفاظا من المصدرين المصريين الذين تربطهم علاقات تجارية وطيدة مع مستوردين سعوديين وكويتيين، يضطر هؤلاء إلى استمرار إرسال شحناتهم إلى نظرائهم المستوردين في هذه الدول، حفاظا على الحصة المكتسبة من سنوات ماضية، طبقا للاتفاقيات التجارية بين البلدان، لكنهم لن يكونوا مضطرين للصبر على الخسائر المستمرة أمام الإصرار على التسعيرة الجبرية، التي تخالف قاعدة العرض والطلب.

وفي ظل افتتاح أسواق روسيا وأوكرانيا مبكرا هذا العام أمام بعض الصادرات الزراعية المصرية، يجد المصدّرون الفرصة سانحة أمامهم لتعويض الخسائر التي لحقت بهم جراء إعادة السعودية شاحنات الترانزيت إلى الكويت والبحرين والإمارات، ما يجبرهم على التعامل مع الروسيين والأوكرانيين، خاصة فيما يتعلق بالبصل الأبيض الذي كان قد تعرض للركود قبل أزمة كورونا، لتتحقق مقولة: مصائب "كورونا" فوائد للمزارعين هذا العام.

وبقراءة المشهد، تظهر الفرصة سانحة للمجلس التصديري للحاصلات البستانية، والمجلس التصديري للصناعات الغذائية، للعمل على زيادة صادراتنا الزراعية والغذائية هذه الأيام، لجلب المزيد من العملة الصعبة، خاصة أنها "الكوتة" الأكثر حظوة في زمن "كورونا".

موضوعات متعلقة