الجمعة 26 أبريل 2024 مـ 12:02 مـ 17 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

شيخ الأزهر يطالب بتصنيع الصنابير الموفرة للمياه وتعميمها على الوزارات

أكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، على تأثيرِ وخطورة المياه على حياة الشُّعُوبِ حيث تنشِب أظفار موضوع المياه في كل مجالات السياسة والاقتصاد والعلاقات الدوليَّة، وما خلَّفته من أزماتٍ وصِراعاتٍ تبعثُ الحروب بين الشُّعُوب وتتربَّصُ بها هَيْمَنةً وإفقَارًا وإذلالًا.

وأشاد شيخ الأزهر، خلال كلمته المسجلة لأسبوع القاهرة للمياه، ان الأسبوع بلا أدنى رَيْب بالغُ الخطَر؛ لأنه يبحث عن وسيلةٍ جادَّة لحلِّ التحدِّيات الإقليميَّة والدوليَّة، والتي تبدو اليوم وكأنَّها «أزمةُ الأزمات»، أو عُقْدةُ العُقَد في المفاوضات الدوليَّة، وفي سبيلِ نهضة الأمَّة العربيَّةِ والإسلاميَّة، واستِعادة قوتها واللَّحاقِ بقطار التنمية والتقدُّم والرَّخاء، وذلك رُغم ما يؤكِّدهُ الخبراء من أنَّ «أزمة المياه في الشَّرق الأوسط، والأقطار الأخرى ليست أزمةً كَميَّة بقدرِ ما هي أزمةُ سوءُ توزيع، لافتا إلى أن ذلك يعني أن هذه القضية باتت تُستخدَمُ -اليوم- كورقة ضغطٍ في صناعة أزمة الشَّرق الأوسط.

وأوضح شيخ الأزهر اننا كشَّرقيِّين- نمتلكُ ثقافةً دينيَّةً راقية، فيما يتعلَّقُ بالماءِ وحُرمتِه وقُدسيتِه، وأنَّ هذه الثقافةَ أمدَّتنا بها كُتبنا المقدَّسة على مدى قرونٍ غابرة، تَعلَّمنا منها أنَّ الماءَ أصلُ الحياة، وحَفِظْنا من قرآننا الكريم قولَه تعالى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُون - وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء"، مشيرا إلى أن لفظَ الماء تكرَّر في أكثرَ من ستين موضعًا في القرآن الكريم، وفي كثيرٍ منها يرتبطُ الماء بمفهوم الحياة على الأرض، وفي بعضِها يرتبطُ الماء بالطَّهارةِ الشَّرعيَّة التي هي شرط صِحَّة العبادات: وضوءًا واغتسالًا، وأنَّ النبي كان يصف الماء علاجًـا لحـالاتِ التوتُّر العَصَبيِّ، وكان يقـول: «إِذَا غضِبْت فتوضَّأ».

وأشار شيخ الأزهر إلى أنَّ شريعةَ الإسلام نَهَتْ عن الإسرافِ، بحُسبانِه رذيلةً من الرذائلِ، نهيًا عامًّا يشملُ الإسراف في كل شيء، إلَّا أنها ركَّزَت على مسألةِ «الترشيد في استخدام الماء» بشكلٍ خاصٍّ، ووضعت لها ضوابطَ شرعيَّةً تدخلُ جُزءًا في أحكامِ الوضوء وأحكام الغُسل، ودونكم كُتُبَ الفقهِ في مختلف مستوياتِها، طالعوها في باب الوضوء وأحكام الغُسل، وغيرهما لتجدوا أنَّ الفقهاءَ بعد أن يذكروا فرائضَ الوضوءِ وفرائض الغُسل وسُننَهما يذكرون مندوباتِهما، والمندوبُ فعلٌ يَطلبه الشَّارع ويثيبُ عليه، وإن كان لا يُعاقِبُ على تَرْكِه، والفعلُ المطلوب هنا هو: تقليلُ استعمال الماء في الوضوءِ والغُسل، و «بلا حَدٍّ في التقليل»، كما يَنُصُّ الفقهاء، ويقولون: إنَّ المطلوب الشَّرعي في هذا الأمر هو: «أنْ يكونَ الماء المستعمل، الذي يجعله المتوضئ على العضو قليلًا، وليس بلازمٍ أن يتقاطر عن العضوِ المغسولِ، بل يكفي مجرَّدُ مُلامسة الماء للعضو».

وتابع شيخ الأزهر: "لَوْ قارنَّا بين هذه التَّشريعاتِ الإسلاميَّةِ المتعلِّقةِ بالماءِ حِفْظًا وترشيدًا وبين سلوكِ المسلمينَ في عباداتِهم التي تدخلُ المياهُ شَرْطًا في صِحَّتِها فسوفَ يُروعنا فاقِدُ المياهِ المسكوبةِ في المجاري، وهو أمرٌ لا يحسنُ السكوتُ عليه بحالٍ، وبخاصَّةٍ في هذه المرحلة البالغة الحساسية والتي بلغت مبلغَ الأزمةِ: سِياسيًّا واقتِصَاديًّا، الأمرُ الذي يجبُ معه وجوبًا شَرعيًّا أن تكونَ له الأولويَّةُ القُصْوَى على موائد المختصِّين من المسـؤولين والخـبراءِ في معالجـةِ هـذه الأزمـةِ.. وما أظنُّ الصورَ والرَّسَائلَ التي تبثُّها شاشات الإعلام بكافيةٍ في تثقيفِ المسلمين وتوعيتهم بهذا الموضوعِ الخطيرِ، ولا الوعظَ والإرشادَ الذي يتأثَّر به المصلُّون ثم يَنسَوْنه على أبوابِ المساجدِ وهم خارجون".

وطالب شيخ الأزهر بتصنيعُ الصَّنابيرِ التي لا تَسْمَحُ إلَّا بالقليـلِ وبكميَّةٍ إِثْـرَ أُخـرى من المياه والتـزام وزارات الأوقاف في عالمنـا العــربيِّ والإسلاميِّ بتزويدِ المساجدِ بها، بل التزام المسـؤولين باستخدامِها في دواوين العَمَل الرَّسميَّة والمنشآتِ العامَّةِ والحكوميَّة، على غِرَارِ ما نَراهُ في مطاراتِ أوروبا ومُعظَم مُنشآتها العامَّةِ والخاصَّةِ، رُغم أنَّ مواردهم المائيَّة هُناك لا تُعاني ما تُعانيه مواردُنا هُنا من مُشكلاتِ النُّدْرةِ والتَّصَحُّرِ والجدْب.