البيزنس القذر.. منافذ متنقلة تبيح لحوما ومنتجات غذائية فاسدة باسم الجيش والزراعة والتموين

كتب شعبان بلال
تجار وموردو لحوم وجزارون يبيعون منتجات فاسدة للمواطنين عبر منافذ متنقلة بالتعاون مع مسؤولين بـ"الزراعة"
وزارة الزراعة تعطي ترخيصا لجمعية تعاونية متهمة في سرقة عجول منحة الإمارات وبيع لحوما فاسدة
مدير تفتيش السويس: المنافذ المتنقلة مخالفة للقرار الوزاري 517.. ووسيلة ليع اللحوم الفاسدة ومنتهية الصلاحية
مفتشة بطب بيطري الجيزة: انتقال أمراض السل والحمى القلاعية والفيروسية لعدم التزامها بالاشتراطات الصحية
أمين نقابة البيطريين: المنافذ المتنقلة لا تخضع للإشراف البيطري.. وتقطيع اللحوم وتغليفها يتم في مصانع بير السم
مسؤول بمنفذ للقوات المسلحة: ضبط عشرات السيارات التي تبيع باسم الجيش وتم معاقبتهم قانونيا
رئيس الخدمات البيطرية يعترف بعمليات الغش.. ويؤكد: حملا تفتيش لضبط المخالفين
يقف مشمرا عن ذراعيه، مرتديا جلباب أبيض به رقع دم، يبدو عليها آثار عمليات الذبح وتقطيع اللحوم، معطيا ظهره لسيارة محملة باللحوم المعلقة في سقف السيارة، المكتوب عليها "تحيا مصر، معا ضد الغلاء، منفذ بيع متنقل، إشراف جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة"، أبوابها مفتوحة من الخلف، يسيطر على اللحوم المعروضة للبيع بها سواد لونها، مع ريحة غريبة تفوح منها، وقطرات مياه تتساقط أيضا.
هذا المشهد يجسد حال أحد سيارات المنافذ المتنقلة، في 6 أكتوبر في منطقة الحصري، والأمريكيين، ومثلها العشرات من السيارات في المحافظات، والتي تحولت إلى بيزنس قذر –وفقا لأحد مفتشي الطب البيطري- يديره موردين وتجار لحوم وجزارين، عن طريق استغلال شعار المنافذ المتنقلة التي تديرها وزارات الدفاع والتموين الزراعة، في نشر لحومهم الفاسدة في سيارات عليها نفس الشعارات في مختلف المحافظات، دون وجود رقابة أو إشراف من الجهات الرقابية.
وكشفت مستندات رسمية ومحاضر عن وجود مافيا للحوم، تستغل اسم وزارات الدفاع والزراعة والتموين، والمحافظات، في بيع لحوم مغشوشة، وغير صالحة للاستهلاك الآدمي، عن طريق توزيع سيارات تحمل شعار الجهات السابق ذكرها، وهو ما يعرف بالمنافذ المتنقلة، التي أكد خبراء بيطريون أنها مخالفة لقوانين الطب البيطري المعمول بها، وأنها الطريق الجديد لتسريب اللحوم والكبدة الفاسدة ولحوم الحمير.
وقائع عديدة حصلت "الأرض" على تفاصيلها من مصادر خاصة بمديريات الطب البيطري بالمحافظات، أولها نجاح مفتشي الطب البيطري بمحافظة الإسكندرية بالتعاون مع مباحث التموين في ضبط منفذ بيع متنقل بتاريخ 11 يونيو 2016، تحت اسم " معا ضد الغلاء" تحت إشراف وزارة التموين، يبيع القائمون عليه كميات لحوم بقري مجمدة مستوردة و محلولة من التجميد خارج الكراتين الخاصة بها وتباع للمستهلك علي أنها لحوم بلدية.
وكشفت تقرير مديرية الطب البيطري، أن كمية اللحوم التي بلغت 46 كيلو بدائرة حي شرق الإسكندرية، بها تغير في الخواص الطبيعية، وذلك داخل منفذ بيع متحرك عبارة عن سيارة بيك آب، وأنه تم تحرير محضر بقسم شرطة سيدي جابر والتحفظ علي اللحوم بأحد الثلاجات والتحفظ علي السيارة بديوان قسم شرطة سيدي جابر لحين صدور قرار من النيابة المختصة بشأن المضبوطات، المخالفة للقانون ٢٨١ لسنة ١٩٩٤ و للمواصفات القياسية المصرية الخاصة باللحوم وبالبيانات المدونة عليها.
وفي ظهر 7 من شهر يونيو الماضي، نجحت حملة من الطب البيطري والتموين، في ضبط 20 كيلو لحوم مفروم وقطع لحوم مجمدة وكبدة مجمدة ومستوردة محلولة من التجميد وتباع المنتجات علي أنها لحوم بلدية، وذلك بسيارة نقل تعمل كمنفذ متحرك لبيع اللحوم بميدان محطة مصر بمدخل شارع الخديوي، يدريها محمد عبد الوهاب عبدالله.
وفقا لطب بيطري الإسكندرية، فإن المنتجات التي تم ضبطها موضوعة في أقفاص بلاستيكية وأطباق فوم داخل السيارة وهي غير صالحة للاستهلاك الآدمي، ومدون علي السيارة أنها تحت إشراف مديرية التموين بالإسكندرية خلاف الواقع، وتم تحرير محضر بالواقعة من إدارة تموين وسط بقسم شرطة العطارين وتم تحرير تقرير طبي عن المضبوطات برئاسة الدكتور طارق يوسف رئيس قسم التفتيش علي اللحوم والتحفظ على المضبوطات والسيارة
بينما شهد اليوم السابع من شهر مايو الماضي بالتحديد يوم الأربعاء، ضبط أيضا مفتشو الطب البيطري والتموين، كمية من اللحوم المفرومة واللحوم المجمدة معبأة داخل أكياس مدون عليها وزارة الدفاع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وأكياس مدون عليها "الشركة الوطنية المصرية تحيا مصر" وذلك بأحد سيارات البيع المتنقلة، وذلك لبيعها علي أنها لحوم بلدية بغرض التربح الغير مشروع ولإيهام المستهلك أن المنتجات هي منتجات وزارة الدفاع خلاف الحقيقة وذلك بعزبة إسكوت قسم شرطة ثان المنتزة، وذلك وفقا لتقرير الطب البيطري.
من ضمن الوقائع الكارثية التي حصلت "الأرض" على تفاصيلها هي ضبط منافذ متنقلة للجمعية الزراعية بالإسكندرية، تبيع لحوما فاسدة، هذه الجمعية هي أيضا المتورطة في قضية سرقة عجول منحة الإمارات، وهي ايضا الجمعية التي منحها وزير الزراعة الحالي ترخيص بيع اللحوم بسعر 58 جنيها، في منافذ متنقلة.
وقال مصدر بوزارة الزراعة، إن بعض موردي اللحوم منهم "محمد. ر"، و"إبراهيم. ح"، و"أحمد. ح"، و يعملون في منافذ وزارة الزراعة، عن طريق علاقة غير قانونية بمسؤولين بقطاع الإنتاج التابع للوزارة، عن طريق سيارات خاصة بالموردين مكتوب عليها شعار وزارة الزراعة، والشيء الوحيد الذي تفعله الوزارة ممثلة في إدارة التسويق هو تحديد المكان الذي تقف فيه الوزارة، وخاصة وأن هناك موردين لديهم عقود مع وزارة الزراعة يستغلونها في البيع باسم وزارة الزراعة وغش اللحوم.
جميع منافذ توزيع اللحوم المتحركة على جميع المستويات بدعة مخالفة لأسس وقواعد نقل وتداول اللحوم المنظمة بالقرار الوزاري 517 لسنة 1986، وتفتح باب الغش على مصرعيه بتصريف اللحوم منتهية الصلاحية أو وشيكة الانتهاء لعدم إمكانية توقيع المتابعة الرقابية على اللحوم من حيث الجودة والصلاحية ودرجة حرارة حفظ وتداول اللحوم وسهولة الهروب والزوغان من موقع التوزيع، هذا ما أكده الدكتور لطفي شاور مدير مجازر السويس السابق لـ"الأرض".
وقال مدير مجازر السويس، ومدير تفتيش اللحوم سابقا لطفي شاور، إن هناك عشرات المنافذ المتنقلة التي تبيع لحوم فاسدة للمواطنين، وتشتغل اسماء وزارات الدفاع والزراعة والتموين في بيع هذه اللحوم، مشيرا إلى قانون تداول اللحوم يمنع هذه المنافذ من الأساس، لصعوبة الرقابة عليها بيطريا وضبط المخالفين لسهولة التنقل من مكان لآخر، وعدم التزامها باشتراطات الصحة البيطرية.
وأشار إلى إمكانية انتقال أمراض السل والفيروسات الكبدية وغيرها من الأمراض التي يمكن أن يكون الجزار مصاب بها إلى المستهلكين، بالإضافة إلى عدم وجود التزام من قبل السيارات المتنقلة بمواصفات قانون تداول اللحوم، وأبرزها وجود مصدر مياه نظيف ومباشر، ومروحة، وثلاجات لحفظ اللحوم، ومواصفات معينة في الجدران والأرضية، وهذه العمليات يجريها جزارون وموردون لحو تحت شعارات "تحيا مصر، وجمعية مكافحة الغلاء، ومقاومة الغلاء، ومصر الحياه"، وغيرها.
حنان القرني، المفتشة البيطرية بمديرية الطب البيطري بالجيزة، كشفت عن وجود بيزنس قذر يديره موردو اللحوم بوزارة الزراعة وتجار اللحوم والجزارون، باستغلال اسم وزارة الدفاع والزراعة والتموين لبيع لحوما وكبدة فاسدة ومنتهية الصلاحية، مشيرة إلى أنه يوميا يتم ضبط عشرات السيارات المتنقلة التي لا تنتمي لأي جهة حكومية، خاصة في مناطق الهرم والطالبية والحصري والأمريكيين بـ 6 أكتوبر.
وأوضحت "القرني"، أن هذه المنافذ غير قانونية، لصعوبة الإشراف عليها بيطريا، وضبط المنافذ المتنقلة التي تبيع لحوما فاسدة، موضحة "ممكن أشتري كيلو لحمة من إحدى هذه المنافذ وتكون فاسدة، لا يمكن ضبطها لقدرتها على الانتقال من مكان لمكان، فهذا يعد تسهيلا للفساد، وبيع لحوما وكبدة مستوردة فاسدة ولحوم حمير، وهذا يدعمه أيضا الفساد الداخلي في وزارة الزراعة، والعلاقة الغير القانونية بينها وبين موردي اللحوم".
الأزمة التي أشارت إليها المفتشة البيطرية بالجيزة، هي أن الفترة الأخيرة تم استيراد كميات من اللحوم السودانية والمواشي المصابة بنوع جديد من مرض الحمى القلاعية، والذي يتنقل للإنسان عبر اللحوم، بالإضافة إلى تسعير اللحوم المستوردة المجمدة بـ 58 جنيها للكيلو وهو ما يمثل تلاعبا بالمواطن في السعر، وعدم وجود فرق كبير اللحوم المبردة المستوردة وبين اللحوم البلدية، بالإضافة إلى أن هذه المنافذ غير مجهزة بيطريا وصحيا.
وقال الدكتور علي سعد علي، الأمين العام لنقابة الأطباء البيطريين، ومدير تفتيش الطب البيطري بالفيوم، إن جميع المنافذ المتنقلة مخالفة للقانون والقرار الوزاري رقم 517 لوزير الزراعة والشروط الصحية، لافتا إلى أن شخاص يستغلون أسماء وزارات الدفاع والزراعة والتموين ومديريات الأمن بالمحافظات في تقطيع اللحوم مجهولة المصدر في مصانع بير سلم، ثم تعبئتها في علب "فل" عليها "استيكرات" مصنعة أيضا في مصانع بير سلم مدون عليها الجهات السابق ذكرها، ثم بيعها ف سيارات متنقلة علهيها بانرات جهات حكومية وسيادية .
وأضاف أمين نقابة البيطريين، أنه أيضا يتم وضع تاريخ صلاحية وتاريخ انتهاء وفقا لأهوائهم، وبيع اللحوم المستوردة على انها بلدية، وتم ضبط عدة سيارات تبيع الكبدة المستوردة الأمريكية على انها بلدية، وبيع لحوم بدون فحص أو تحليل أو إشراف بيطري، موضحا أن اللوائح والقوانين تؤكد ضرورة رؤية المنتج الأصلي قبل تغليفه، وأن كل اللحوم المغلفة التي تباع في المنافذ لحوم مجهولة المصدر قانونيا.
وطالب "سعد" بضرورة وجود قوانين رادعة، ومنح الأطباء البيطريين الضبطية القضائية، وحماية شرطية لتعرضهم لانتهاكات من قبل أصحاب المنافذ والجزارين، موضحا أنه بعد ضبط منفذ مخالف يتم أخذ عينات وعمل تقرير بيطري ومحضر بالنيابة وتشميع المنفذ الثابت أو المتحرك، والكارثة هي أن غرامة ضبط لحوم مجهولة المصدر وفك الشمع الأحمر هي 50 جنيها فقط.
من جهته قال مسؤول منفذ بيع للقوات المسلحة، إن إدارة التشغيل بالجهاز الوطني للخدمة الوطنية للقوات المسلحة ضبط العشرات من المخالفين الذين يستغلون اسم وزارة الدفاع في بيع اللحوم الفاسدة ومنتهية الصلاحية وتم محاكمتهم محاكمة عسكرية، مشيرا إلى أن أصحاب النفوس الضعيفة تسول لم أنفسهم استغلال مبادرة لخدمة المواطنين ومواجهة الغلاء لتحقيق مكاسب شخصية على حساب صحة المواطنين.
وأضاف لـ "الأرض"، أنه على المواطن أن يسأل بائعي المنتجات في المنافذ المتحركة عن هويتهم، قبل الشراء منهم، موضحا أن هناك عشرات السيارات المتنقلة المحملة باللحوم والمنتجات الغذائية المغشوشة، ولا تنتمي لوزارة الدفاع أو أي جهة حكومية، تحت الكباري وفي الميادين، وبيع لحوم هندي سعرها متدني على أنها لحوم تابعة للجيش.
من جهته قال الدكتور إبراهيم محروس رئيس الهيئة العام للخدمات البيطرية، إن هنا حملات تفتيش مستمرة من قبل مديريات الطب البيطري لضبط المنافذ المتنقلة المخالفة، لافتا إلى وجود أشخاص يستغلون أسماء الجهات المعتمدة لبيع لحوم ومنتجات فاسدة، لكن حملات التفتيش تضبط جميع المخالفين.
وتابع: فعلا فيه ناس تستغل الاسم، لكن يتم اكتشافهم، وعمل محاضر وقضايا لهم، وأن الهدف من العربيات المتنقلة هي تشغيل الشباب والوصول إلى الأحياء التي تحتاج إلى الدعم"، موضحا أن هذا النوع من المنافذ بصورة مؤقتة لحين انتهاء موجة الغلاء.