الجمعة 29 مارس 2024 مـ 08:17 صـ 19 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

رحلة سيرفيس من ”سونستا” إلى مطعم ”أم هاشم”

مصر بخير .. للجنيه قيمة عظمى في الأقصر

الحنطور.. وسيلة ترفيه سياحية بالأقصر
الحنطور.. وسيلة ترفيه سياحية بالأقصر

لايزال للجنيه المصري الفضي أو الورقي قيمة كبيرة في أحد أهم المدن السياحية في العالم، وهي مدينة الشمس، أو طيبة القديمة، عاصمة مصر الأولى - الأقصر.

انعقدت النية على تناول وجبة الغداء في مطعم شعبي شهير - في السوق القديم لمدينة الأقصر، ولم تكن المسافة بالسهولة التي يصلح معها المشي، فطلبنا الحنطور - الوسيلة الأكثر إتاحة في الشارع السياحي المصري.

طلب صاحب الحنطور 50 جنيها لمشوار لا يزيد على 3 كيلو مترات عبر شارع يشق جسد المدينة عموديا على شارع النيل حيث تقع معظم الفنادق ذات النجوم الخمسة، وهي أجرة تزيد على ضعف بونديرة التاكسي الأزرق الخاص بالأقصر.

فجأة، ظهرت سيارة ميكروباص بلون تاكسي العاصمة السياحية، فأغرانا بعض مقاعدها الخاوية، لنجد أنفسنا منساقين تجاه تجربة الاستمتاع بمزاملة راكبي السيرفيس.

الاستعداد النفسي في عاصمة مثل الأقصر، يهيئك لقبول دفع 5 جنيهات على الأقل "كأجرة ميكروباص داخلي لنفر"، في المدينة التي تشارك أسوان في ثلث آثار العالم، لتفاجأ بما لا يصدقه عقل سائح.

- كم الأجرة يا شباب؟
- ردت فتاة أقصرية مستها سُمرة حتشبسوت، بصوت خافت: 2 جنيه يا مستر.
مددت يدي بورقة عفية فئة الجنيهات الخمسة نحو السائق: 2 يا اسطى.

المفاجأة الثانية كانت في رد السائق 1.5 جنيه، وكان من الطبيعي أن أعيد إليه النصف النحاسي على سبيل التصحيح، ليرد الرجل مصرحا وبصوت لا يحتمل اللبث: الأجرة 175 يا أستاذ.

- معقولة؟
كان السؤال الطبيعي لرجل نقلته الحياة من دائرة المحظوظين بنعمة بامتلاك خدمة السيرفيس الداخلي في المدن، إلى دائرة المكبلين بالملاكي التي فاقت فاتورة الانتفاع بها ما يزيد على احتمال أغلبية حائزيها، لارتفاع تكاليف الوقود ورسوم الترخيص وغرامات المرور وإتاوات مواقف الشوارع.

- يا بيه: الأجرة دي غالية بالنسبة لنا كركاب سيرفيس.
كان هذا رد رجل خمسيني استحوذ على مقعد الصف الأمامي بجوار السائق، ليبدأ حوار فضولي مثير:

- المحرر: أومال كانت قبل كدا كم؟
- الراكب الأقصري: كانت السنة اللي فاتت زي دلوقتي جنيه بس.
- المحرر: بس دي بلد سياحي والجنيه ما يعملشي فيها حاجة.
- الراكب الأقصري: يا مستر .. الأقصر بلدنا من 3 سنين أصبحت بلا سياح.

صدمتني الجملة الأخيرة، لكنها لم تفقدني شغف الاستمرار في الحوار:
- المحرر: إذن كيف يعيش الأقصريون حاليا؟
- الراكب: خلاص .. الرزق ضاق .. بس الرزاق موجود وكريم.
- المحرر: بس مفيش مكان في مصر بيتعامل بفكة الخمسة جنيه حاليا.
- الراكب: الجنيه في الأقصر بيشتري 20 رغيف مدعم، وساندويتش فول وطعمية حتى الآن.

وعند معلومة ساندويتش الطعمية أبو جنيه في الأقصر، كان السرفيس قد تلوى مع طبيعة الشوارع الداخلية في الأقصر القديمة، ليمسك الفرامل عند ناصية جانبية معلنا بلوغنا محطة مطعم "أم هاشم"، الذي أصبح قِبلة زائري الأقصر، سواء من داخل مصر، أم عرب وأجانب.

وفي مطعم أم هاشم السياحي، كانت الترجمة الحقيقية لصدق حديث الأقصري الطيب عن قيمة الجنيه في الأقصر - أكثر المقاصد السياحية العالمية شغفا وأملا في التحمم تحت أشعة شمسها، وبين أعمدة معابدها، وجوار تلال مقابر برها الغربي، حيث كانت فاتورة الغداء لرجلين صحيحين 360 جنيها، لسفرة ازدحمت بالكباب والريش والكفتة وأطباق اللحوم المسلوقة، والأرز والخضار والأرز، مع "شاي الحبسة بالنعناع"، وهو مبلغ لا يُشبع شخصا واحدا في أقل مطعم مشويات في القاهرة الساهرة الساحرة العامرة بكل الغرائب.