السبت 27 أبريل 2024 مـ 06:41 مـ 18 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

المغرب يواجه أسوأ موسم جفاف خلال 3 عقود.. والحكومة تترقب تداعيات الكارثة

كشف تقرير لوكالة بلومبرج الأمريكية للأنباء عن معاناة المغرب هذا العام من أسوأ موسم جفاف لم تشهده البلاد منذ ثمانينات القرن الماضي، مشيرة إلى أن "نسبة التساقطات المطرية في المغرب هي الأدنى منذ ثلاثة عقود".

وموجة الجفاف تهم منطقة شمال إفريقيا بأكملها، بل حتى دول جنوب أوروبا خاصة إسبانيا، التي تواجه خطر التصحر.

من جانبها، أرجعت الأرصاد الجوية المغربية، ضعف التساقطات المطرية الملحوظ خلال فصل الشتاء في المغرب وجنوب أوروبا، إلى الأحوال الجوية والمناخية "غير المواتية".

وفي ضواحي مدينة تازة شرقي المغرب، يعيش عدد من المزارعين حالة من الترقب لما قد تجود به السماء خلال شهري مارس وأبريل. والكسابون بدؤوا يبيعون أغنامهم مقابل حفنة دراهم لأن الأرض شبه قاحلة وثمن العلف يكوي الجيوب.

وقد عرفت المساجد المغربية إقامة صلاة استسقاء يوم الجمعة 4 فبراير بأمر من عاهل البلاد، وألقى الأئمة خطبة موحدة تضمنت مغزى هذه السُّنة، التي دأب المغاربة على إحيائها استدرارا لرحمة الله كلما تأخر المطر في النزول.

وواصلت نسبة ملء السدود في المغرب التراجع مسجلة أرقاما متدنية بالمقارنة مع السنوات الفارطة.

وأفادت وزارة التجهيز والماء بأن نسبة ملء السدود في المغرب بلغت إلى غاية 14 يناير الجاري 34.1 بالمئة، فيما وصلت النسبة في الفترة نفسها من السنة الماضية معدل 44 بالمئة.

وانخفضت حقينة سد الوحدة، وهو أكبر سد في المغرب، إلى 2 مليار متر مكعب، بنسبة ملء بلغت 57.9 بالمئة، حيث سجلت حقينته تراجعا بنصف مليار متر مكعب مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، إذ سجل آنذاك نسبة ملء بلغت 72.1 بالمئة.

أمام هذه المعطيات المخيفة، أعرب وزير الفلاحة المغربي محمد صديقي، عن "قلقه البالغ" بشأن الجفاف، وتوقع أسوأ إنتاج زراعي في البلاد منذ عقود، بحسب ما أوردت "بلومبرج".

وفي حال عدم تسجيل تساقطات، خلال مارس المقبل، فإن الحكومة ستكون مضطرة إلى مراجعة توقعاتها بشأن معدل النمو، إذ ينتظر أن يفقد الاقتصاد 1.8 نقطة من النمو، حسب تقديرات خبراء اقتصاديين، ما يتجاوز 20 مليار درهم (أزيد من 2 مليار دولار).

وبسبب موجة الجفاف الكبيرة في المغرب، أعلنت السلطات في مدن مراكش ووجدة والداخلة عن خطط لتقنين استخدام المياه.

وقد أصدر والي جهة مراكش أسفي، قرارا يقضي بمنع غسل السيارات والشاحنات خارج الأماكن المخصصة لها، كما دعا المهنيين إلى استعمال التقنيات غير المستهلِكة للماء.

وحسب نفس القرار الصادر في 26 يناير، فقد منع المسؤول في وزارة الداخلية أيضا، غسل الطرقات والأزقة بالماء وواجهات المحلات، وسقي الملاعب، والمساحات الخضراء العمومية أو الخصوصية خلال النهار، وأعطى تعليماته بالتوقف عن ملء المسابح الخصوصية والعمومية بالمياه بطريقة غير معقلنة، مع إلزامية تجهيز هذه المسابح بتقنيات تدوير المياه.

كما حث القرار المذكور كل مسؤول عن مؤسسة حكومية أو شبه حكومية، أن يقوم بتدقيق استهلاك الماء داخل مؤسسته قبل نهاية شهر مارس 2022، مع تسطير برنامج عمل للرفع من نجاعة استعمال الماء داخل المؤسسة قبل نهاية شهر يونيو 2022، والعمل على تعميم وتركيب الأجهزة المقتصدة للمياه.

كما تطرق مجلس الحكومة المنعقد في 10 فبراير الماضي إلى إشكالية ندرة المياه وتأخر التساقطات.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن الحكومة ستطلق "قريبا" مجموعة من المبادرات تهم الموسم الفلاحي الحالي.

وأكد بايتاس، في رده على سؤال خلال ندوة صحفية أعقبت اجتماع مجلس الحكومة، أن الحكومة تتابع موضوع تأخر التساقطات المطرية "بالجدية المطلوبة"، و"ستطلق في هذا الصدد مجموعة من المبادرات قريبا".

وفي سياق متصل، ذكر بايتاس أن السنة الفلاحية الماضية كانت متميزة، وساهمت في تحقيق قيمة مضافة فلاحية مرتفعة، ومكنت من توفير إمكانيات على مستوى الكلأ والأعلاف.

هذا ويبذل المغرب جهودا كبيرة من أجل التصدي لشح المياه ومكافحة آثار الجفاف. وفي هذا الصدد قال وزير التجهيز والماء، نزار بركة، "إن المغرب يتوفر على إمكانيات كبيرة لتحلية المياه بأقل تكلفة".

وأكد بركة، في حديث خص به وكالة الأنباء المغربية الرسمية، أن التركيز مُنصب حاليا، على خيار تحلية المياه، خاصة وأن المملكة تملك واجهتين بحريتين، وبالتالي لديها إمكانيات كبيرة في هذا المجال، مشيرا إلى أنه سيتم الاشتغال أيضا على الطاقات المتجددة التي يتوفر المغرب على مكامن مهمة منها، سواء الريحية أو الشمسية، وهو ما يتيح تحلية المياه بأقل تكلفة.

وأشار المسؤول الحكومي في هذا السياق إلى أنه تم تشييد محطات مهمة في المدن الجنوبية للمملكة، (العيون وسيدي إفني)، مبرزا أن التجربة الجديدة في منطقة شتوكة أيت بها، ستمكن من تأمين الماء الصالح للشرب لأكادير، وستساعد القطاع الفلاحي من خلال سقي العديد من الهكتارات من الأراضي الفلاحية.

وأكد بركة ضمن نفس الحوار، أن كافة المدن الساحلية للمغرب تنحو نحو استعمال تحلية المياه على غرار الدار البيضاء التي انطلق المشروع الخاص بها هذه السنة وسيتم الشروع في تحلية المياه في أفق 2026-2027، وكذلك آسفي في أفق 2025، والناظور، مشيرا إلى أن الوزارة تطمح إلى تشييد 20 محطة لتحلية المياه.

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب رفع من وتيرة بناء السدود، حيث تعتزم المملكة بناء 120 سدا تليا جديدا، وفق آخر المعطيات الرسمية، في أفق سنة 2023، ليصل معدل التشييد إلى 5 سدود كل شهر.

موضوعات متعلقة