الخميس 25 أبريل 2024 مـ 08:14 صـ 16 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي
أول رد حكومي على تجارب زراعة البن فى مصر «ضد الغلاء» تدعم مقاطعة الأسماك.. وتدعو إلى إنهائها في هذا التوقيت انطلاق فاعليات المؤتمر الدولى الثانى لدعم صناعة الدواجن في الغردقة تعرف على تفاصيل وثيقة السياسة الضريبية لمصر حتى 2030 الغرفة التجارية بالجيزة: تراجع أسعار 15 سلعة لتوازن الدولار فى الأسواق غرفة بورسعيد تؤكد تراجع أسعار الأسماك من 50 إلى 70% بعد المقاطعة منحة سويدية لحماية التجمعات البدوية من مخاطر السيول في جنوب سيناء تركيبة مذهلة لمكافحة الثاقبات الماصة حصريا من باير مصر جمعية رجال الأعمال المصريين تتعاون مع معرض الصين الدولي للاستيراد في الترويج للدورة السابعة غرفة القاهرة تشارك في المؤتمر الترويجي للمعرض الصيني الدولى وتستعرض العلاقات الإقتصادية بين البلدين الترويج للإستثمار في الطاقة المتجددة والربط الكهربائي لتحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة محافظ الجيزة يناقش طلبات المواطنين لتأجير البارتشينات الحضارية والمحال التجارية

يا ”رايح” .. لا تكثر من ”الدبايح”

- ما يحدث حاليا في وزارة الزراعة يجسد ورشة عمل موتورة، ينهمك أعضاؤها في صنع شهادة نقمة جديدة، تنضم إلى شهادات الفشل طوال عامين، خرُبَت فيها خزائن الدولة من خيرات الزراعة والمزارعين، بسبب الجهل الإداري والخواء العلمي والتنطع الوظيفي، والتسارع نحو جمع غنائم الصناديق الخاصة.

- إقالات وتنكيل بقيادات فنية وإدارية في الوزارة وهيآتها، تجسد حالة من حالات التخبط في "سكرات زوال المنصب"، أو في اللحظات الأخيرة على خط تنصيب الوزير الحالي، كما يُشاع من تغيير وزاري يشمل عددا من الحقائب تتصدرها "الزراعة" بجدارة الفاشلين، لتبدأ ورش تفصيل المكائد، لإنجاز مهمة هدم المعبد على رؤوس العابدين.

- الثابت أنه حينما يقترب الإنسان من نقطة النهاية على أي منحنى، سواء خط العمر، أو الوظيفة، أو المنصب، يرزقه الله بأحد أمرين: مكافأة النعمة، أو شهادة النقمة، والأخيرة ظهرت جلية في الأيام القليلة الماضية، التي تشهد امتحان نهاية العام لوزير الزراعة الحالي.

- لم يكتف الوزير الحالي بفشله في إنجاز ملموس يُسجَّل له في ذاكرة الأمة، ويؤهل صورته بجدارة لحجز مكانة في لوحة شرف الوزراء السابقين، لكنه انهمك وحواريوه في تعبيد طريق الخروج من قصر الوزارة إلى "زراعة جامعة القاهرة"، بعد أن أحرقوا مراكب العودة وزرعوا الطريق بأشواك دامية، حيث اتسم بالكِبر والتعالي على كل من زاملوه، أو كل من حكمت عليهم قوانين التعليم بأن يتتلمذوا أمامه، وليس على يديه.

- لم ينشغل الرجل منذ الشهر الثاني في ولايته، إلا بإصدار قرار وزاري بإعادة تعريف لقب "الأستاذ الدكتور" من جديد، حتى يفرق بين "أستاذ الجامعة" و"أستاذ البحوث"، على الرغم من أن الأخير لم يحصل على الماجستير أو الدكتوراة إلا من الجامعة، سواء كانت مصرية أم أجنبية، ويزيد على الأول أنه لم يمتهن في مسيرته غير البحث العلمي، فلا مذكرات جامعية، ولا دروس خصوصية.

- وخلال العامين اللذين كانا وبالا على الزراعة المصرية وأربابها ومساكينها، لم ينعم الله بكرمه على الوزير الحالي بصحبة الخير، بل ران على قلبه ما كسبه طوال مسيرة جامعية امتدت نحو 46 عاما، فاختار معاونين كانوا بمثابة معاول هدم وتخريب في الدولاب الفني والإداري للوزارة المعنية بالأمن الغذائي لشعب مصر.

- وحين بلغت الوزير الحالي نسائم من روائح خريف المنصب، وتأكد من زوال مكانة ظنها تدوم ما بقي حيا، تسابقت خطاه نحو المجالس الدولية، فاقتنص بسيف الحياء منصب رئيس المجلس الدولي للزيتون في 2019، ليكون فأل شؤم على زارعي محصول كان في طريقه لحصد لقب "الذهب الأخضر"، حيث أصابتهم العدوى التي فتكت بالزرع والضرع معا في عهده.

- لم ينشغل الوزير ساعة واحدة في جمع الباحثين العلماء في مركز البحوث الزراعية، كي يغربل معهم مخزن الأصناف النباتية المصرية، ليخرج بتوصيات تتعلق بتربية أصناف خضرية أو فاكهية تغنينا عن دفع حقوق الملكية الفكرية على تصدير كل صندوق موالح أو عنب، أو حتى حزمة ملوخية كانت مصرية، قبل تسجيلها "يونانية من أصل مصري".

- لم يجرؤ الوزير بموجب صلاحياته الدستورية، على خوض معركة نبيلة لإعادة الاختصاصات المغتصَبة من وزارة الزراعة، ممثلة في "الحجر الزراعي"، لصالح وزارة الصناعة والتجارة الخارجية، ممثلة في "الرقابة على الصادرات والواردات"، ليهبط تصنيف أعلى الوزارات قيمة على المؤشر القيمي للوزارات، ولتُصبِح نتائج الصادرات مجرد أرقام على أوراق في ملفات "العرض غير الأمين".

- لم يكلف الوزير نفسه عناء تفكيك القرارات المجمدة، ومنها: تجميد نشاط وصلاحيات لجنة المتابعة والرقابة وتقييم الأداء التي شكلها الدكتور البلتاجي، وأنيط بها، الرقابة على كل حلقات الإنتاج الزراعي، خاصة: المبيدات، والأسمدة، والتقاوي، والمخصبات، ومراقبة أداء المديريات الزراعية.

- ولتستيف ملفات المجاملة، عطل الوزير الحالي شغل الوظائف القيادية في الوزارة، في مخالفة صريحة للقانون، حيث ترشح لها مهندسون أكفاء بدرجة "مدير عام"، واجتازوا اختبارات لجنة القيادات بنجاح، كما أجازتهم الأجهزة الرقابية المختصة، لتصبح هذه الدرجات معرضة لتوقيع مخالفات إدارية على المسؤول المختص، لمجرد رغبته في شغل الوظائف بباحثين في الجامعة ومركز البحوث الزراعية.

- ترك الوزير الحالي جدول توزيع مقننات الأسمدة لجميع مناطق الزراعة في مصر، كما هي منذ ما قبل 50 عاما، مع اختلاف طبيعة التربة، ومصادر الري، والمناخ، لتصبح حصة الكتكوت من الغذاء، كوجبة الديك الرومي الناضج، ومقننات التربة الرملية كمثيلتها للتربة الطينية، ونصيب الأرض الصالحة كنصيب المالحة، ليستمر الهدر وتوصيف العلاج الخطأ لمريض أقعده الداء.

- لم يهتز للوزير الحالي رمش ليفتح قوانين الزراعة المعطلة، ومنها ما صدر خصيصا للفلاح، مثل قانون التأمين الصحي الذي أسدلت عليه ستائر الإهمال، لينام الحارس مطمئنا في ظلمة النفس وبرودة القلب والعصب، فيتغافل بالتبعية وزير المالية، عملا بالقاعدة التي تقول: ضاع كل حق لم يجد له مُطالِب.

- لم يشغل الوزير نفسه بالنبش في ملف التسويق التعاوني، ولا إحياء مركز الزراعات التعاقدية إحياءا حقيقيا، ولم يحمّل نفسه عناء العودة قليلا لفتح ملفات مؤتمر دعم الاقتصاد الوطني في شرم الشيخ (13 - 15 مارس 2015)، عله يعيد إلى الحياة الاقتصادية عدة أفكار لمشروعات تعيد الروح إلى قطاع الزراعة، مثل: مشروع قومي للصوامع المعدنية، أو مدن للتصنيع الزراعي في مواقع الزراعات الصحراوية، فتسقط عن هذا القطاع المظلوم تهمة "طفيل"، بعد أن كان عائلا أساسيا لمعظم قطاعات الدولة.

- ومع تصاعد حدة المطالبات بالرقابة على المبيدات، للحفاظ على صحة المستهلك المصري، ورفع قيمة الصادرات المصرية ومكانتها، لم يهتد الوزير الحالي إلى ملف قرار إنشاء الإدارة المركزية للرقابة على المبيدات والأسمدة والمخصبات، والذي أصدره عام 2007 وزير لم تكن له علاقة بالزراعة، غير الملكية الزراعية، وتجارة القطن.

- الوزير الحالي يعلم - والكارثة الأعظم في أنه يعلم، أن القطاع الزراعي الذي كان يمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري، ترنح وتهاوى بين أيدي أكثر من 10 وزراء ممن أسندت إليهم المهمة بعد الفارس النبيل الأستاذ الدكتور يوسف والي (1984 - 2004)، فهبط نصيب هذا القطاع من المساهمة في الدخل القومي للدولة إلى 13٪ فقط، لتصّاعد أطماع المستوردين منادين بقصر الزراعة على الحدائق المنزلية، وتوفير مياه الري للمنتجعات، ثم استيراد غذاء شعبنا.

- المقام يتسع هنا لتذكير من شغله التفكير في عد الوزراء العشرة الفاشلين، فنكتفي بذكر الخمسة الذين حاولوا بالخبرة والغيرة الوطنية، النهوض بقطاع الزراعة المصري، بعد يوسف والي، وهم وفقا للترتيب العُمري: الأستاذ الدكتور عادل البلتاجي، الأستاذ الدكتور صلاح عبد المؤمن، الأستاذ الدكتور أيمن أبو حديد، الأستاذ الدكتور صلاح يوسف، والمهندس محمد رضا إسماعيل.

- ومع انشغال الوزير الحالي بجمع تذاكر السفر وبدلاته، لحضور المناسبات الدولية، خاصة إلى إيطاليا وأسبانيا، ترك الساحة لحوارييه فنكلوا بالقيادات الفنية الخبيرة، ليقصوا الناجحين، ويبدلوا بهم المقربين، فيتعلمون "الحلاقة" في رؤوس الفلاحين الذين أحزنهم اليتم، وتوالت عليهم الفجائع طوال الأعوام العشرة الماضية.

- وفي اللحظات التي تسبق السكرة، غالبا ما تأتي الفكرة، وصاحب العمل الأبيض يوعد بالأفكار التي تثبته في القلوب كذكرى عطرة، لكن صاحب الصحيفة البيضاء من غير محاسن، لم يرزقه الله سوى مقترحات أصحاب السوء بقرارات تصفية الحسابات قبل الهبوط الاضطراري لرحلتهم العبثية.

- في الأيام الأخيرة لمن منّ الله عليه بنعمة الإنجازات، تبدأ مواكب التقدير والمكافأة للمستحقين المتميزين، وهي الصورة الإنسانية الناعمة لمعاقبة المقصرين، وبث الغيرة وتقليب النخوة في صدور الفاشلين، ومعه تبدأ قطاعات الوزارة في الاستعداد لاحتفالات التكريم، لكن وزير الزراعة الحالي أبى واستكبر فشطب بعنتريته سيرته من قائمة المكرمين.

- ووفقا لما أذيع من أخبار التغيير الوزاري المرتقب، لم يجد الوزير الحالي في أيامه الأخيرة المعدودة، غير تجميد علامات الفشل في رُزَم، وإلقائها في سلال الآخرين، وكطفل أحرق بيت العائلة بعود ثقاب، بدأ يكيل الاتهامات كذبا لأخته الصغرى ساعة الحساب، وهو ما نشهده حاليا من أخبار وبيانات تُعدِّد أسباب الدمار التي لحقت بالثروة الحيوانية والداجنة، كأنه كان يحكم من المريخ، ونائبته تحكم من زُحل، فيصيب الأرض ما أصابها من عطب.

- وكأي مودِّع لمرحلة من مراحل الحياة، لم يتسلح الوزير الحالي بآيات العرفان لدولة منحته لقب "وزير"، وستكرِّمه بمعاش "الوزير السابق"، لكنه مد يده للحواريين الذين يرقصون حاليا رقصة الوداع، فأسلموه سكاكين الإطاحة والتبديل والتنكيل بالأوفياء الأقوياء، ليضع في لوحة الشرف شهادة سوء الختام، وليعيد إلى الأذهان سيرة المثل الشعبي: "يا رايح كتر الدبايح".