الجمعة 26 أبريل 2024 مـ 09:04 صـ 17 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

مشاتل فاكهة مؤسسة الأطلس الكبير .. مشروع تنموي بين ثقافتين مغربيتين

اليهود والمسلمون في المغرب...تعاون مثمر يتجاوز حدود الأديان

المقابر اليهودية توفر فرصة جديدة للحياة
المقابر اليهودية توفر فرصة جديدة للحياة

تساعد الطائفة اليهودية المغربية مزارعين محليين عبر التبرع بأراضٍ حول أضرحة تاريخية يهودية لزراعة مشاتل أشجار الفاكهة، والهدف إنهاء الفقر الريفي عبر التحول من الحبوب إلى محاصيل تناسب ظروف النمو المحلية.

فنمو البذور إلى شتلات يستغرق عامين، وليس للمزارعين يقدرون على إيقاف الزراعة عامين من أجل التحول لزراعة الفاكهة.

السطور التالية تسلط الضوء على مبادرة تلبي أولوية تنموية وتنشط العلاقة بين مسلمين ويهود في أراضٍ مغربية.

في عام 2010 أطلق المغرب مشروعاً وطنياً لإعادة تأهيل المقابر اليهودية في البلاد، إذ يوجد نحو 600 من القديسين اليهود مدفونين في أرجاء مختلفة من المملكة المغربية. وقد دُفِن العديد منهم منذ ألف عام أو أكثر، وشهد 167 من المواقع مباشرة العمل على حفظ القبور ومحيطها المباشر.

كما بدأت الطائفة اليهودية المغربية، ابتداءً من مراكش، بإعارة أراض إلى مؤسسة الأطلس الكبير بالقرب من سبع من هذه المقابر، من أجل زراعة مشاتل لأشجار فاكهة بيولوجية لصالح الأسر الزراعية والمدارس.

ومن بين المتبرعين الآخرين من مؤسسات القطاع العام والخاص لمبادرة مشاتل الأشجار المجتمعية التابعة لمؤسسة الأطلس الكبير: المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، والمندوبيات الإقليمية لوزارة التربية، إضافة إلى الجامعات والتعاونيات. فالتبرعات بالأراضي لا غنى عنها من أجل نجاح تنمية زراعية مستدامة وعضوية ومتكاملة باستخدام مشاتل الأشجار المجتمعية.

يتحول المزارعون المغاربة حالياً من زراعة الشعير والذرة التقليدية إلى زراعة أشجار الفاكهة الأكثر ربحاً، مما يعني ارتفاع الطلب بشكل كبير على الشتلات. ووفقاً لوكالة التنمية الفلاحية في المغرب، تُزرع الحبوب الأساسية على ما يقرب من 70% من الأراضي الزراعية في المغرب، ومع ذلك فهي لا تشكّل أكثر من 10 - 15 % من العائدات الزراعية.

والأسر الزراعية - التي تمتلك عادة مساحات صغيرة من الأرض غير ملائمة لزراعة الشعير والذرة - محرومة من التعليم (ولا سيما التعليم الثانوي) والبنية التحتية الصحية، كما تفتقر مجتمعاتها إلى سبل العيش المتنوعة.

وفي العديد من المناطق القروية، على سبيل المثال، تواصل أقل من نصف البنات تعليمهن الرسمي بعد المدرسة الابتدائية، بينما تحتاج المهاجع والمياه النظيفة والحمامات في المدارس القروية إلى قطع شوط طويل من أجل أن تتحسن.

يتم الحفاظ – من قِبَل عاملين محليين - على حضانة (مشتل) شجرة الفاكهة العضوية التي أنتجت 150 ألف شجرة من التين والرمان واللوز والليمون والعنب منذ عام 2012.

في عام 2014، أُنشِئ مشتل تجريبي على أراضي الطائفة اليهودية بالقرب من قرية آكريش، التي تقع في إقليم الحوز جنوب مراكش، بالقرب من ضريح الحاخام رافائيل هاكوهين الذي يعود تاريخه إلى 700 عاماً مضت.

وخلال سنوات ثلاث سابقة، زُرِع 150 ألف بذرة (33 ألف في عام 2018) من بذور اللوز، والتين، والرمان، والأركان والخروب والليمون في المشاتل، وما أن نضجت إلى شتلات حتى نُقِلت إلى أراض زراعية خاصة.

وفي كل أنحاء المغرب، لا تزال مياه الشرب على رأس أولويات المناطق القروية، رغم أن ذلك ينطبق أيضاً على بعض أحياء المدن، بما في ذلك حي الملاح في مراكش، وهو الاسم الذي يُطلق على الأحياء اليهودية في المدن.

وبالنسبة للقرى في منطقة الأطلس الكبير، على سبيل المثال، قد يكون للبنية التحتية للري تأثيراً يقلب الأوضاع، سواء على الصعيد الاقتصادي أو البيئي، بيد أنها، في غالبية المجتمعات القروية، لم تُنفّذ بعد.

كما أن فرص العمل لغالبية الشباب في المناطق القروية والحضرية نادرة بشكل كبير، وزراعة أشجار الفاكهة هي إحدى الوسائل التي تأمل الأسر الزراعية بالقضاء من خلالها على الفقر القروي المتفشي.

أما التدابيرُ الحيوية الأخرى فتتضمن تجهيز المنتجات، وإنشاء التعاونيات، وتأمين وصول أكبر إلى الأسواق وتوفير شهادات مكافئة الكربون وشهادات عضوية.

مبادرة متعددة الثقافات والأديان

إن زراعة أشجار الفاكهة من الشتلات على أراض يقدمها اليهود المغاربة وتوزيعها على المجتمعات القروية المهمّشة، لا يساعد فقط في تلبية أولوية تنموية رئيسية ـ بل يشكّل أيضاً مبادرة متعددة الثقافات والأديان.