الجمعة 26 أبريل 2024 مـ 11:57 صـ 17 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

في حوار لخبير مستتر مع "الأرض":

”الفرافرة” مفتاح الفرج .. ونجاح الـ 4 ملايين فدان مرهون بالقطاع الخاص

د. عصام فايد
د. عصام فايد
ـ عصام فايد يشغل مقعد وزير الزراعة "على ما تُفرج"
ـ أيمن أبو حديد صاحب ضربة الفأس الأولى في مشروع الفرافرة .. وحصل على ميزانيته عام 2011 من فايزة أبو النجا
ـ التوسع الأفقي مطلوب للوفاء بغذاء شعب يزداد بمعدل مليوني نسمة سنويا
ـ صيانة الأرض القديمة مسئولية مشتركة بين الدولة والفلاحين
ـ لدينا رجال أعمال قادرون على زراعة 10 ملايين فدان واحتضان جمعيات الشباب
ـ فايد وهلال والبلتاجي جمدوا بحيرة الزراعة المصرية
ـ الدولة تنفق على البنية الأساسية ثلاثة أضعاف تكلفتها بواسطة القطاع الخاص

 

أصر كالعادة على الحديث من وراء ستار، لعدم الكشف عن شخصيته، ولعدم إثارة حساسيات تؤرق الجالسين حاليا على "الكراسي" المتحركة.
هو قيادي بارز في وزارة الزراعة المصرية .. تقلد العديد من المناصب العليا فيها، وكانت له علامات بارزة مسجلة باسمه وصوته وصورته، ووثقها تاريخ طويل من العمل في خدمة قطاع الزراعة المصرية، على الصعيدين البحثي والتنفيذي.
قال إن وزير الزراعة الحالي ليس له مطلقا في "الحدوتة"، "لا محل له من الإعراب في منظومة العمل التنفيذي .. مجرد باحث ضمن أكثر من 20 ألف باحث يعج بهم مركز البحوث الزراعية، ومركز بحوث الصحراء، والمركز القومي للبحوث، وكليات الزراعة في الجامعات المصرية".
أكد أيضا في حواره مع "الأرض"، أن الدكتور عصام فايد لم يكن يعرف موقع مشروع الفرافرة الذي افتتحه الأربعاء الماضي الرئيس عبد الفتاح السيسي، كنموذج حضري لما يجب أن تكون عليه المجتمعات الزراعية العمرانية الجديدة في مشروع الـ 4 ملايين فدان المزمع إضافتها للرقعة الزراعية خلال الفترة الرئاسية الحالية.
لم يخف الرجل أن مشروع الـ 10 آلاف فدان التي دشنها الرئيس في الفرافرة، ولدت بفضل الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة الأسبق، كما تطرق إلى تفاصيل كثيرة مهمة في هذا الحوار.
إلى التفاصيل:
 
* من الواضح أن لك رأيا سلبيا في أداء وزارة الزراعة حاليا؟
ـ كيف يكون لي رأي في "وزارة بلا وزير" .. ألم تر أن الدكتور عصام فايد الذي يحمل لقب وزير الزراعة رسميا، كان يستعرض مشروع الـ 10 آلاف فدان في الفرافرة، كأنه عالم أزهري يتحدث في علوم الطيران؟
كنت أشاهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يتحدث عن المشروع، فأقع بين شعورين، الأول فرحي بإطلاق صافرة بداية مشروع الـ 1.5 مليون فدان، حيث تعتبر "الفرافرة" مفتاح الفرج، والثاني حزني الشديد على من بذلوا جهودا جبارة في هذا المشروع، منذ ميلاده في 2011، حتى تم خلعهم منه بقدوم الدكتور عادل البلتاجي في النصف الثاني من عام 2014، وأخص بالذكر هنا: الدكتور أيمن فريد أبو حديد، والمهندس أيمن المعداوي رئيس قطاع الاستصلاح السابق.
* الكل يعرف ـ حتى الرئيس السيسي ـ أن فكرة المشروع قديمة، فما الذي كان يفعله الدكتور عصام فايد وهو لم يمض أكثر من 100 يوم في الوزارة؟
ـ الدكتور عصام فايد لم يدق مسمارا واحدا في مشروع الفرافرة، فمن الطبيعي أن يكون كالطالب الذي غش الامتحان لينجح بتقدير ممتاز.
وهنا أقول، إنه كان بإمكان "فايد" أن يضع يده في كل مشاريع الوزارة، ويفتح كل ملفاتها، حتى لو كان الوقت قصيرا، فـ 100 يوم لم تكن كافية لإنجاز مشاريع من بابها، لكنها كانت كافية جدا للدخول ضمن منظومة عمل قائم، ليضع لمساته وبصماته.
ويكفي أن أحيطك علما بأن كثيرا من رؤساء القطاعات، أو الهيئات، والشركات، ومديري المديريات، لم يلتقوا الوزير حتى الآن، ولديهم ملفات عديدة في حاجة إلى مناقشة وحسم، ولا يستطيعون لقاء الوزير.
* لكنك تعرف أن الوزير الحالي ليس متخصصا في الزراعة، ولا استصلاح الأراضي؟
ـ وظيفة الوزير سياسية، وليست فنية، فالأجهزة موجودة في كل قطاعات الوزارة وهيئاتها، والوزير مجرد مخطط، وموجه سياسة عامة، وموزع أدوار، ولم يكن مطلوبا من عصام فايد أن يحمل على كتفه "شيكارة"، كما كان يفعل محمد عبد الحليم رئيس قطاع الاستصلاح الذي أقاله، بلا سبب معلوم.
* وما رأيك في مشروع الـ 1.5 مليون فدان؟
ـ كثير من الخبراء لديه تحفظات على هذا المشروع، لكنني أؤكد أن مصر في حاجة إلى أكثر من 4 ملايين فدان جديدة، للوفاء باحتياجات شعب وصل إلى 90 مليون نسمة، ويزداد بمعدل مليوني نسمة سنويا، لكن المشروع يجب ألا يكون حكرا على الحكومة، فبدون القطاع الخاص، وتحديدا الشركات ورجال الأعمال الذين لديهم سابقات أعمال في هذا المجال، لن ينجح المشروع.
* هذا الكلام يتطابق تماما مع رؤية الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة الأسبق؟
ـ نعم أبو حديد أول من وضع خطة لاستصلاح الأراضي الصحراوية، الجديدة بعد الدكتور يوسف والي، وكانت خطته مبنية على إسناد مساحات شاسعة لشركات عملاقة، بحيث تستصلحها على فترات زمنية وفق جدول محدد سلفا، على أن يسلم 20 % من الأرض بما عليها من مرافق للدولة، فتنشئ لها جمعيات أهلية أو شركات مساهمة، للشباب الخريجين، وغير الخريجين، والفلاحين غير الحائزين، والعاطلين عن العمل. وكانت فكرة أبو حديد أيضا قائمة على أساس أن تحتضن الشركات العملاقة الجمعيات أو الشركات، بحيث تنفصل عنها إداريا، لكنها تتبعها فنيا واستشاريا، وتسويقيا، بحيث تستوعب إنتاجها، سواء للتسويق المحلي، أو للتصدير للخارج.
* ولماذا لم ينفذ أبو حديد ما تفتق عنه ذهنه؟
ـ التغييرات الوزارية المتلاحقة بعد ثورة 25 يناير 2011، لم تمهل أحدا الفرصة الكافية لتطبيق رؤيته كاملة، فبعضهم وضع الخطط، وبعضهم قفز عليها، وبعضهم جمدها، وأخيرا جاء عصام فايد ليجني ثمرة ليست من صنع يديه.
ولا يفوتني هنا أن أذكر أن أبو حديد هو الذي أقنع الوزيرة فايزة أبو النجا، بتخصيص مبلغ لاستصلاح الأراضي الصحراوية الجديدة، وكان يقترح تخصيص 3 مليارات جنيه في ميزانية 2011 / 2012، لاستصلاح 100 ألف فدان، لكنها وافقته على البدء بـ 300 مليون جنيه لزراعة 10 آلاف فدان، ومن هنا جاء اختيار مشروع الفرافرة، الذي كان لأيمن المعداوي رئيس قطاع الاستصلاح آنذاك، فكرة إسناده إلى القوات المسلحة لإنجاز بنيته الأساسية كاملة، قبل طرحه للشباب من خلال شركات مساهمة لمحافظات الصعيد الستة.
* معنى هذا أن الدولة ستفشل في زراعة الـ 1.5 مليون فدان بدون القطاع الخاص؟
ـ نعم أجزم بذلك، لأن الدولة كحكومة، حتى وزارة الزراعة ذاتها، ليس لديها خبرة في الاستصلاح والزراعة، فأراضيها الخصبة بائرة، وتسجل مرتبة الأقل إنتاجية بين أراضي مصر، سواء الأراضي المملوكة لقطاع الإنتاج (16 ألف فدان)، أو محطات البحوث (14 ألف فدان)، لكن لدينا رجال أعمال وشركات متخصصة في الإنتاج الزراعي، يستطيعون زراعة 10 ملايين فدان، وليس 4 ملايين فقط، وتجاربهم خير دليل على ذلك.
* إذا كنت ترى إسناد معظم أراضي الـ 4 ملايين فدان للقطاع الخاص، فأين نصيب شباب الخريجين وغير الخريجين؟
ـ الخطة كانت قائمة على التوسع في الفرافرة على 100 ألف فدان، وتم رفع مساحتها كاملة في عهد الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وكان التفكير في إنجاز المرحلة الأولى (الـ 10 آلاف فدان التي افتتحها الرئيس السيسي الأربعاء الماضي) لشباب الخريجين بنظام المجموعات (100 مجموعة، فئة الـ 20 خريجا)، بحيث يتم تسليم كل بئر بجهاز رش محوري للمجموعة التي ستتملك أسهم 100 فدان، على أن يتبع المشروع كاملا شركة مساهمة أو جمعية تعاونية يتبعها 2000 عضو، وتتبع الوزارة إداريا.
 ويجب أن أوضح هنا أن إسناد باقي المساحة للقطاع الخاص ورجال الأعمال، كان سيتم بشرط التكفل بحفر الآبار، وإنشاء الطرق، والمرافق كاملة، ثم تسلم كل شركة 20 % من الأراضي التي تم استصلاحها بما عليها من آبار ومرافق كاملة لوزارة الزراعة، التي تنشئ بدورها شركات مساهمة للشباب، وكانت الأولية في الفرافرة لأبناء محافظات الصعيد الستة.
* ولماذا لا تتكفل الدولة بأعمال البنية الأساسية (الآبار، والطرق)؟
ـ تكاليف حفر البئر بواسطة الحكومة، يزيد بمقدار ثلاثة أضعاف على تكلفته بواسطة القطاع الخاص، فالدولة تطرح الآبار في مناقصات بمواصفات مبالغ فيها، وبالتالي تتدخل شركات عملاقة للفوز بها بمبالغ باهظة، ثم تنفذها شركات صغيرة من الباطن بثلث التكلفة، فتكون الدولة قد تكلفت الكثير، وتم التنفيذ بالقليل الذي يمثل التكلفة الحقيقية التي سينفذ بها القطاع الخاص.
وهنا يجب أن أوضح أن الدولة يجب أن تخطط فقط، وتدير، وتوفر كل ما من شأنه التيسير من أجل التنفيذ، لكن القطاع الخاص هو المنوط بدفع عجلة التنمية، شرط استيعاب التجارب الشبابية واحتضانها، وتقديم كل ما من شأنه نجاح مشاريعهم أيضا.
* ما مواصفات وزير الزراعة المطلوب في المرحلة المقبل؟
ـ مطلوب رجل معجون بطين الأرض، يعرف عدد موظفي الوزارة وتخصصاتهم، وعدد القطاعات الفاعلة في الوزارة، ودور كل قطاع .. رجل يعرف أهمية البحوث والإرشاد في خدمة الزراعة والفلاح، رجل يعرف كيف يجمع بين القدرة على صياغة رؤية فنية وتنفيذ تبعات المسئولية السياسية، وهذا لم يتوافر في الوزير الحالي، ولا الوزيرين السابقين له.
والحقيقة أن التشابه الوحيد الذي يجمع بين الوزراء الثلاثة، هو أنهم جمدوا بحيرة الزراعة المصرية، لكن الاختلافات كثيرة، حيث لا يشبه أي منهم الآخر، لا علميا، ولا إداريا، ولا فنيا، وإن كان البلتاجي لم يضيع هيبة الوزارة، فهو لم يدفعها أيضا إلى الأمام، حيث استغرق في النظريات والاستراتيجيات غير القابلة للتطبيق على أرض الواقع في الوقت الراهن.
* الدكتور أيمن أبو حديد كان فاصلا بين حقبتين، فما رأيك في أدائه خلال أربع فترات وزارية له؟
ـ أبو حديد كان رئيسا لمركز البحوث الزراعية، قبل تكليفه في حكومة أحمد شفيق كوزير للزراعة، وكان يحاول إقناع الوزير الذي سبقه (أمين أباظة) دائما بفكرة إشراك الشباب بنسبة 20 % في مشاريع استصلاح الأراضي، لكن أباظة كان مقتنعا بأنه لا صلاحية إلا لرجال الأعمال في هذا المجال، وأن تجربة الشباب كانت قد فشلت في السابق، ولا داعي لتكرارها.
وحين تم تكليفه رسميا، حاول تنفيذ رؤيته، وجاهد مع وزارة التعاون الدولي للحصول على 3 مليارات جنيه لتنفيذ مشاريع زراعية يكون للشباب فيها نصيب كبير، إضافة إلى مشاريع تطوير الري الحقلي، والتنمية الريفية، والعون الغذائي، إلى أن جاءت فكرة مشروع الفرافرة، وحينها نجح أيمن المعداوي في الحصول على ميزاينة قدرها 300 مليون جنيه من وزارة التخطيط، وتم إسناد المشروع للقوات المسلحة بما قيمته 220 مليون جنيه.
* سمعنا أنه تم ترشيحك كوزير بعد الدكتور أيمن فريد أبو حديد، فما حقيقة الأمر؟
ـ الترشيحات لوزارة الزرعة، غالبا تتجه نحو حاملي شهادة الدكتوراة، خاصة من مركزي البحوث الزراعية، ومركز بحوث الصحراء، لذا لا أعتقد تكرار تجربة المهنسين، أحمد الليثي، ومحمد رضا إسماعيل.
كما لا أظن تجربة الاختيار من أساتذة الجامعات، وإن كنت أرى أن الوزارة تتطلب مهندسا تدرج في العمل الوظيفي داخل معظم قطاعات الوزارة، بداية من "مشرف الحوض"، وحتى رئيس قطاع.