الأرض
الخميس 28 أغسطس 2025 مـ 10:44 مـ 4 ربيع أول 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تحالف وزاري لتصنيع الكتان وتعظيم القيمة المضافة

شهدت الأسابيع الأخيرة تحركات رسمية وبرلمانية مكثفة لدفع صناعة الكتان إلى واجهة الاقتصاد الوطني، بعد عقود من تصديره في صورته الخام، دون الاستفادة من قدرته الصناعية الهائلة في مختلف القطاعات.

التحول إلى التصنيع: توجه استراتيجي للحكومة

أجمع عدد من نواب البرلمان على أهمية التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، علاء فاروق، بشأن دخول الكتان مرحلة التصنيع المحلي بدلًا من تصديره خامًا، مؤكدين أن هذه الخطوة تمثل ضرورة وطنية لتعظيم الاستفادة من الموارد الزراعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل فاتورة الاستيراد، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع تكاليف الاستيراد.

وقالت النائبة إيفلين متى، عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن التصنيع المحلي للكتان أصبح أحد المرتكزات المهمة في سياسة توطين الصناعات الزراعية.

وأشارت إلى أن مصر تمتلك الأيدي العاملة المؤهلة والبنية الأساسية اللازمة لتأسيس هذه الصناعة الواعدة.

فيما شددت النائبة ميرفت الكسان، عضو لجنة الخطة والموازنة، على أن الدولة تسعى للتحول إلى دولة منتجة ومُصدّرة، تماشياً مع توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، برفع حجم الصادرات إلى 150 مليار دولار، لافتة إلى أن دعم صناعات مثل الكتان يعد ركيزة رئيسية في هذه الرؤية الاقتصادية.

أما النائب محمود الصعيدي، عضو اللجنة الاقتصادية، فقد أشار إلى أن الحكومة تتبنى خلال المرحلة المقبلة استراتيجية شاملة لدعم الصناعات التحويلية، باعتبارها محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي، ووسيلة لخلق فرص عمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات التي تُستورد حاليًا.

لقاء وزاري رفيع لبحث تطوير صناعة الكتان

وفي خطوة عملية نحو تحقيق هذا التحول، عقد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والنقل، اجتماعًا موسعًا ضم وزير الزراعة علاء فاروق، ووزير قطاع الأعمال محمد شيمي، وعدد من المستثمرين والقيادات الصناعية، لبحث تطوير سلسلة القيمة لصناعة الكتان، من الزراعة وحتى مراحل التصنيع والتسويق.

الاجتماع ناقش سبل تحسين إنتاجية الكتان المصري، ورفع جودته ليكون مؤهلاً للدخول في صناعات متنوعة تشمل الزيوت، الورق، الأعلاف، الأخشاب، والملابس الجاهزة، بما يعزز القيمة المضافة للمنتج المحلي ويُضاعف من قدرته التنافسية في الأسواق العالمية.

كما استعرض اللقاء خطط دعم زراعة الكتان من خلال توفير التقاوي والبذور والأسمدة، وتدقيق حصر الأراضي القابلة لزراعته، ما يتيح للشركات المصنعة توقع الكميات المتاحة ومواعيد الإنتاج بدقة.

استثمارات جديدة ومشروعات عملاقة تدخل حيز التنفيذ

من أبرز ما تم الإعلان عنه خلال الاجتماع، خطة شركة "كينجدوم لينين" الصينية لإنشاء مصنع لصناعة غزل الكتان بمدينة السادات على مساحة 50 ألف متر مربع، باستثمارات تقدر بـ 60 مليون دولار، ومن المتوقع بدء الإنتاج في أكتوبر 2026 بطاقة إنتاجية تصل إلى 4 آلاف طن سنويًا.

بدوره، أكد المهندس محمد شيمي، وزير قطاع الأعمال العام، أن شركة طنطا للكتان والزيوت تمثل قاعدة صناعية راسخة في هذا المجال، لكن هناك حاجة ماسة لإعادة تأهيلها وتطويرها، بالتعاون مع القطاع الخاص، وتوسيع نشاطها لتشمل منتجات مثل الأخشاب المصنعة (الخشب الحبيبي والميلامين) لتلبية احتياجات السوق المحلية والدولية.

مطالب بتقنين أوضاع الزراعة ودعم المستثمرين

وزير الزراعة علاء فاروق شدد خلال اللقاء على أهمية التصنيع المحلي للكتان، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل حاليًا على تحديد الأراضي المناسبة لإنشاء مصانع متخصصة في هذه الصناعة الحيوية، بالتنسيق مع وزارة الصناعة، لتسريع إجراءات منح التراخيص الصناعية.

كما دعا مصنعو الكتان إلى تحسين إجراءات السلامة في مناطق زراعة الكتان، خاصة في القرى التي تشتهر بتعطين الكتان مثل قرية شبراملس بمحافظة الغربية، مطالبين بتقنين أوضاع زراعة الكتان وتطوير المواصفات الفنية الخاصة به لتطابق معايير الجودة الأوروبية، بما يضمن سهولة النفاذ إلى الأسواق الخارجية.

غرفة الصناعات الغذائية تدخل على خط الدعم

وأكدت رنا جمالي، نائب رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، أن الغرفة مستعدة لتقديم برامج تدريبية متخصصة في تقنيات استخلاص زيوت الكتان، بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، إلى جانب دعم الشركات المصنعة للزيوت للامتثال لمتطلبات هيئة سلامة الغذاء، والمشاركة في المعارض المحلية والدولية.

كما أشارت إلى أن الغرفة تضم 825 شركة في شعبة الزيوت، يمكنها الاستفادة من هذا الدعم، ما يمهد الطريق لنشوء صناعة متكاملة لزيوت الكتان ذات جودة عالية، تلبي احتياجات السوق المحلية وتفتح آفاق التصدير للخارج.

نقلة نوعية لصناعة واعدة

تمثل صناعة الكتان في مصر فرصة ذهبية لإعادة رسم خريطة الزراعة والصناعة، عبر توطين الإنتاج وتعزيز التصنيع المحلي وزيادة الصادرات، في وقت تسعى فيه الدولة جاهدة لرفع العائدات الدولارية، وتحقيق تنمية صناعية مستدامة.

بدء التصنيع الفعلي للكتان لا يُعد فقط إنجازاً اقتصادياً، بل هو خطوة استراتيجية تعكس جدية الدولة في إعادة إحياء الصناعات الزراعية التي تم تهميشها لسنوات، وتحويلها إلى مصدر دخل قومي ومنافس عالمي.