* تسويق .. وتسوئ .. مصر ! *

ذهبت أم كلثوم إلى باريس ، فى أعقاب النكسة ، لتغنى على مسرح الاولمبياد أكبر وأعظم مسارح فرنسا والعالم ، كانت مصر منكسرة ، ومهزومة ، والمرارة تملأ الحلوق ، لكن أم كلثوم امتطت صهوة صوتها العبقرى ، ووقفت شامخة لتهتف فى اسماع الدنيا كلها « أعطنى حريتى أطلق يديا » ! .
كانت فنانة الشعب تسوّق لمصر من خلال فنها الراقى ، وتعرض للدنيا عظمة مصر ، رغم علقم الكأس والهزيمة المريعة ! .
هكذا يكون حب مصر فى أحلك أيامها ، ومن بشر كانوا على قدر مستواها ! .
لكنك ، حين تطالع الفن اليوم وأهله ، تجده يسوّئ لمصر ، ويسئ إليها ، ويهين حضارتها ، ويدنس ثوبها ، ويلوّث شرفها ، فلايعرض غير المخدرات والبلطجة والدم والثأر والخيانات وزنا المحارم ، لاشئ يفرح ، لاشئ يدعو للأمل والتفاؤل ، لابقعة ضوء واحدة ، فكيف بالله عليكم يطمئن رجل أعمال أن يستثمر أمواله فى مصر ، كيف يفعل ذلك ، وهو يرى تلك اللوحة العبثية ، والصورة السوداء ، ويتابع إعلامنا فيشعر أننا على مشارف حرب أهلية ، وكيف يقدم سائح إلى ربانا ، وهو يسمع فضائيات الإخوان تصور الجيش والشرطة وكأنهم يقتلون الناس فى الشوارع ، وأن أزيز الرصاص لاينقطع ، والرعب يملأ القلوب ، والقبض على الناس عشوائيا ، والدم انهار تجرى ، فكيف يأتى إلى بلد لا أمن رحابه ولا أمان ، كما يروّج الكثيرون منا ! .
مصر بلد عظيم ، لكننا لانجيد تسويقه ، إنما نجيد تسويئه ، واهانته ، وتشويه كل جميل فيه ، مؤيدون ، ومعارضون ، ومحبون ، وكارهون ، سواء بسواء ! .