الثلاثاء 16 أبريل 2024 مـ 05:23 صـ 7 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

عجن المخبوز في ”الزراعة” المصرية

تكليف كتيبة رباعية ـ وليس فرادا، في وزارة الزراعة، حقق نقلة جديدة غيرت بالفعل طبيعة عمل المسؤولين المصريين بعد 25 يناير 2011، وكانت النتيجة .. جرأة الطحن والعجن .. لكن للأسف دون إنتاج أرغفة سائغة للآكلين الجوعى، وذلك لأسباب قد تحبط الخبازين أنفسهم. لم تعد رعشة الأيدي، حالة مناسبة لوصف المرحلة الراهنة، فقد اجتهد الوزير ونوابه الثلاثة في صياغة برامج لإدارة محركات قطار الوزارة الذي بات معطلا على قضبانه قرابة عام ونصف العام، في عهد الوزير السابق، ومع أصوات المحركات الصاخبة، لم يقطع القطار شوطا ناجزا حتى الآن، لأسباب غاية في الغموض. أضواء الطابق الثالث في مبنى ديوان عام وزارة الزراعة، تشهد على سهر النائبة منى محرز المسؤولة عن الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة، حتى الثانية عشرة من منتصف الليل يوميا، وطواحين الإعلام الرسمي والمستقل والخاص، توثق دورانها اليومي بين مواقع العمل في معظم محافظات إنتاج اللحوم والدواجن والأسماك، لرصد المشاكل، وصياغة الحلول، التي منها قرارا وقعه الوزير برقم 368 لسنة 2017، وبتاريخ 12 مارس 2017, ويختص بتسهيل استخراج تراخيص تشغيل مزارع الدواجن، وبعد تأخر نشر القرار في "الوقائع الرسمية" 22يوما، بدا مبتسرا، ولا يحقق طموحات منتجي الدواجن، حيث يحتاج إلى قرار تفسيري واضح، يفيد في تقنين إقامة المزارع في الصحراء، دون الارتباط بنسبة الـ 2% المحددة لأراضي الوادي والدلتا، استنادا إلى قرار سابق محفوظ في أرشيف الوزارة. "الوقائع المصرية" لا تنظر بعين الأهمية لما يأتيها من قرارات أو قوانين، فكله في "الطابور" حسب الأسبقية، وليس حسب الأهمية، فتصبح كل القرارات سواء في طابور النشر، وذلك بعد دفع مقابل النشر (12 ألف جنيه)، ما يتسبب في إعاقة نتائج العمل عن الظهور إلى النور. ـ الخطط العاجلة، أولى بالدفع، حيث كان من الأولى تنفيذ مقترحات صغار المربين، وذلك بتعديل لائحة الصرف من صندوق تعويضات المضارين، خاصة بعد أن أصبحت "أنفلونزا الدواجن" ليست وباء، ليصبح الصرف واجبا خلال 24 ساعة لكل من تعرض لنسبة نفوق عالية، حسب رأي لجنة مختصة من اتحاد منتجي الدواجن، دون تدخل وزارة الزراعة في أمر هذا الصندوق، الذي تم إنشاؤه لغرض استثنائي عام 1996، وأصبح مخالفا للقانون والدستور، حيث أنشئ دون موافقة البرلمان. ـ أسعار الدواجن في ارتفاع مطرد، لأسباب خارجة عن استطاعة المربين الخاسرين أيضا، ومنها: عدم وجود بورصة رسمية تشرف عليها الدولة، لتضييق الفجوة بين سعر المزرعة، وسعر البيع للمستهلك، حيث كان الفارق الإثنين الماضي فقط 7 جنيهات، يلتهم منها السمسار 3 جنيهات دونما تعب. ـ من أسباب زيادة الأسعار أيضا، عدم قدرة المربين على شراء مستلزمات الإنتاج بسعر منخفض، ومنها: مدخلات صناعة الأعلاف، والمصل واللقاح، وكتاكيت الجدود، ولا سبيل للأولى إلا إذا نجحت الوزارة في خطتها لزراعة مليون فدان ذرة صفراء (مع تحميل الصويا عليها)، وحتى الآن، مع اقتراب نهاية موسم زراعة الذرة، لم تشر أي إحصاءات رسمية للوزارة إلى أي تقدم في هذا المجال، قياسا بالأعوام الماضية، على الرغم من تعدد الاجتماعات واللجان المعنية ببرنامج زراعة الذرة "تعاقديا". ـ مخالفات الثروة السمكية أيضا، تستعصى على الحل .. ملفها ملغوم .. ويقال إن من وضع اللغم قصد ألا تمتد إليه يد حتى لا ينفجر في وجهه .. وعواقب الألغام دائما وخيمة، لكنها تطال المواطن/المستهلك، قبل أن ينال المسؤول عنها جزاء ما صنعت يداه. لجنة فنية توصي بعدم صلاحية ثلاث حفارات ثمنها أكثر من 45 مليون جنيه، للعمل في البحيرات الشمالية لمصر، فيتم شراؤها رغم أنف قرار اللجنة الفنية، كأن لسان حال من اشتراها يقول إن إرادته فوق قرارات كل اللجان، ليؤكد شائعة يمررها عمدا، بأن جهة ما زرعته على رأس هيئة الثروة السمكية في عهد وزيرين، ثم أمرت بترقيته لرئاسة كل هيئات الوزارة في عهد الوزير الثالث، ثم أعادته في فاصل فارق إلى "بحره" الآمن، ليستمر في ممارسة فنونه المعهودة في عهد الوزير الرابع الحالي. ومع بلوغ رائحة فساد كل بحيرات مصر درجة لا تحتمل، حتى نفقت الأسماك، وقارب الصيادون مرحلة الموت، وناح المستهلك من ارتفاع سعر وجبة الفقراء من البلطي، لا يزال المسؤول فوق كل القوانين. ـ قطاع الثروة السمكية من القطاعات الأكثر التحاما بالغالبية العظمى من المصريين ـ محدودي ومتوسطي الدخول، كون الأسماك تمثل الوجبة الأقل تكلفة، والأسهل منالا، والأقرب إلى ذائقة المصريين، بكل درجاتهم، وكل حسب قدرته الشرائية، والاجتراء الذي تعرضت له بحيرات مصر، منذ ما بعد عام 2004 وحتى الآن، تحت مسمى "الاستغلال الأمثل"، حوّلها إلى حقول استزراع سمكي تثمن المحظوظين، وتميت المغضوب عليهم. إقامة المزارع السمكية فوق جسد البحيرات، تسبب في شيوع إحصائية مغلوطة، تؤكد أن نسبة ما تنتجه مصر من الصيد الحر من البحيرات والشواطئ، لا تتعدى 22%، مقابل 88 % للاستزراع السمكي، وبالتالي تتضاءل في نظر صانع القرار أهمية هذه البحيرات، فلا يكترث لإهمالها، أو ردمها، أو تجسيرها وتحويلها إلى مزارع محاصيل أو أسماك للصفوة، ومبان للطامعين. كثير من الدراسات التي خضعت لها بحيرات مصر، وكثير من المنح العلمية والمالية لحل مشاكلها، وكثير من اللغط السياسي والإعلامي المرتبط بدعاوى تنمية الثروة السمكية، على غرار تنمية الثروة الحيوانية، وزراعة ملايين الأفدنة، ولا تزال النتائج محلك سر، ليس لعدم قدرة المسؤولين على الإنجاز، خاصة في المرحلة الراهنة، بل لارتباط بعض النائمين على "فرامل" قطار التنمية بمحاسيب يصرون على بقائهم، رغم مخالفاتهم التي ذاع صيتها، وعبقت روائحها. وحتى يقبض الله أرواح المحاسيب، ستظل فرامل التنمية معطلة، مالم يوجه صانع القرار ضربة مباشرة لمن أمن العاقبة، فأساء التصرف.