الزراعة تواجه كارثة اقتصادية بسبب مستلزمات الإنتاج

أطلق الخبير الزراعي محمد الجوهري تحذيرًا واضحًا من تداعيات استمرار ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي خلال الموسم الجاري، مؤكدًا أن ما شهده الموسم الماضي (2024–2025) كان بمثابة "ناقوس خطر" يكشف عن خلل عميق في منظومة التسعير والتسويق الزراعي في مصر.
ووصف الجوهري الموسم السابق بـ"الكارثي"، موضحًا أن نتائجه تسببت في خسائر مباشرة لكثير من المزارعين، وهددت استقرار القطاع الزراعي بأكمله، في ظل غياب آليات واقعية تضمن توازن العلاقة بين الفلاح والأسواق.
أرباح خيالية لشركات... وخسائر موجعة للفلاحين
وأشار الجوهري إلى أن الطفرة الكبيرة في أسعار المحاصيل خلال العامين الماضيين خلقت فقاعة غير مستدامة، دفعت بأسعار مستلزمات الإنتاج إلى مستويات مبالغ فيها، مما منح بعض الشركات أرباحًا طائلة.
ولكن مع تراجع أسعار بيع المحاصيل هذا الموسم، انكشفت الأزمة الحقيقية، حيث بات المزارع هو الطرف الخاسر الوحيد، خاصة في محاصيل أساسية مثل:
البطاطس
البصل
الطماطم
العنب
وحذر من أن انهيار الأسعار مرشّح لأن يمتد إلى الحمضيات (الموالح) وربما الفراولة، في حال استمرت الدورة الإنتاجية دون تدخل عاجل.
تكلفة الزراعة... عبء يفوق طاقة الفلاح
وأضاف الجوهري أن الفلاح يواجه ضغوطًا متزايدة بفعل ارتفاع مدخلات الإنتاج، وعلى رأسها:
أسعار الأسمدة
المبيدات
التقاوي
إيجارات الأراضي الزراعية
وأكد أن هذه التكاليف باتت لا تتناسب إطلاقًا مع العائد النهائي للمزارع، مما يدفع الكثيرين للتفكير في تقليص المساحات المزروعة أو التوقف عن الزراعة تمامًا.
السوق يعج بالعروض... لكن الفلاح بحاجة للحكمة
على الرغم من ظهور عروض تجارية وتسهيلات من بعض شركات المستلزمات الزراعية، مثل:
خصومات على السداد النقدي
تسهيلات تمتد حتى ثلاث سنوات
تثبيت الأسعار لبعض المنتجات
إلا أن الجوهري شدد على ضرورة أن يتحلى المزارع بالحذر والذكاء في التعامل مع هذه العروض، موضحًا أن البحث عن الجودة مقابل السعر هو السلاح الحقيقي للفلاح في هذه المرحلة المعقدة.
تقليص الدعاية وتخفيض الأسعار... مطلب عاجل
وفي رسالة مباشرة إلى الشركات العاملة في القطاع، دعا الجوهري إلى إعادة توجيه ميزانيات الدعاية والأنشطة الترويجية نحو خفض أسعار مستلزمات الإنتاج، بما يساعد الفلاح على الاستمرار.
وقال إن الوضع الحالي لا يتحمل المزيد من الأعباء، ولا مجال فيه للمبالغة في الإنفاق على الحملات التسويقية، في وقت يُعاني فيه آلاف المزارعين من انخفاض العائد وانعدام التوازن في دورة الإنتاج.
مستقبل الزراعة مهدد... والمطلوب تحرك سريع
ولفت الجوهري إلى أن استمرار هذا النهج ينذر بخروج أعداد كبيرة من المزارعين من دائرة الإنتاج، ما سيؤدي إلى آثار كارثية على الأمن الغذائي في مصر، ويهدد التوازن بين العرض والطلب في الأسواق، خاصة في ظل تقلبات الأسعار العالمية.
وأشار إلى أن إعادة النظر في تسعير مستلزمات الإنتاج، وتقديم دعم مباشر للفلاحين، وتفعيل منظومة تسويق عادلة، هي خطوات أساسية لإنقاذ ما تبقّى من الموسم الزراعي الحالي، وضمان استقرار المواسم القادمة.