السبت 18 مايو 2024 مـ 11:04 صـ 10 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

أسبوع الآلام للأطفال.. تسمم فـ اختناق فـ ميكروب قاتل

يستعدون لاستقبال أسبوع جديد يحسبونه مليئا بالحيوية والإشراق، منهم من يخطط إلى أيام تكتسي باللعب والمرح دون إعياء يقعدهم طريحي الفراش أو يودي بحياتهم، وآخرون يبشرون أنفسهم بألوان من المعرفة ينهلونها داخل مدارس يفترض أن تبث بداخلهم الأمل، غير أن حوادث عديدة عصفت بقلوب هؤلاء الصغار الذين تقطَّعت بطونهم أو ضاقت أنفاسهم أو همدت أجسادهم بفعل "المجهول". مدارس سوهاج تكتظ، كعادتها، بآلاف الطلاب مع أول يوم دراسي في الأسبوع، الساعات تمضي طبيعية ما بين خضوع التلاميذ لحصصهم الدراسية ولحظات يتبادلون فيها الضحك تسبق وقت تناول الغذاء الذي يعشقه الطلاب، فيجلس جميعهم ليختار ما بين قطع الجبن المثلثة ورغيفي العيش وبعض من الحلوى الطحينية، وما إن يعود التلاميذ إلى بيوتهم حتى تمتلئ مستشفيات سوهاج بأطفال ينتمون إلى 12 مدرسة بالمحافظة، يعانون جميعهم من آلام شديدة في بطونهم نتيجة إصابتهم بالتسمم، ليكون عشرات الطلاب قاب قوسين أو أدنى من كارثة وصفها مفتش الأغذية المدرسية بالمحافظة أنها "مجرد إيحاء". الحديث ينتقل إلى منطقة "شبرا الخيمة" بمحافظة القليوبية، الأهالي يصيبهم هلع شديد إثر إصابة أطفالهم بأعراض أشد وطأة من كونها "إنفلوانزا" عابرة، وجوههم تشحب وأجسادهم ترتفع درجة حرارتها ولا تحتفظ بطونهم بشيء من طعام يتناولونه، حتى يكون الخبر اليقين عند الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، الذي زفَّ للأهالي خبر عدم تمكن الوزارة من اكتشاف ماهية ذلك الميكروب الغامض ومعرفة طرق الوقاية منه، وأن المعلومات التي توافرت لديه هي وفاة 3 أطفال إثر إصابتهم بذلك الميكروب، ليبيت الأهالي ما تبقى لهم من أيام منتظرين خطرا لا يعلمون له مقاومة. المشهد لا يأبى أن ينتهي سوى بحادث آخر من بطولة "العواصف الترابية" التي فوجئ بها سكان مدينة ديروط، بأسيوط، لتعصف بـ30 طالبة ذهبن إلى مدارسهن دون أن يدركن أن أنفاسهن ستنحبس في صدورهن من شدة الأتربة، فيخسرن يوما دراسيا توقف تماما بأمر المسؤولين بعد إصابتهن، ليقضين لحظات صعبة داخل مستشفى ديروط العام التي تلقين فيها إسعافات أنقذتهن من موت كنّ على مقربة منه. تكرار تلك الوقائع، بصورة كبيرة، تعكس حجم الجريمة التي تُرتكب بحق الطفل المصري الذي يفتقد لأبسط حقوقه في التعليم والرعاية الصحية وفقا لـ"أحمد مصيلحي"، المحامي بالائتلاف المصري لحقوق الطفل، الذي ذهب إلى أن تلك الكوارث تعكس عدم وجود أي خطة مستقبلية لدى الدولة لحماية الأطفال وتأهيلهم لقيادة المجتمع بعد 10 سنوات أو أكثر. تسمم عدد كبير من الطلاب نتيجة وجبات غذائية يتناولونها داخل مدارسهم لا يحدث في أفقر الدول الإفريقية، بحسب مصيلحي، فالطلاب الفقراء في تلك الدول يُقبلون على التعليم من أجل الوجبات الغذائية المتكاملة الصحية التي يحصلون عليها داخل مدارسهم ولا يجدونها في بيوتهم، غير أن الكارثة الأكبر، وفقا للمحامي، تتمثل في عدم اكتشاف وزارة الصحة لذلك الميكروب القاتل للأطفال رغم وجود تحذيرات من بعض الأطباء بوجوده واحتمالية انتشاره منذ عدة أشهر. "الكرة في ملعب المجلس القومي للأمومة والطفولة".. ذلك هو الحل الذي ارتآه "مصيلحي" الذي انتقد ذلك المجلس الغائب عن دوره في مراقبة وزارتي الصحة والتربية والتعليم، والساكت عن تفعيل القانون المصري لحماية الطفل الذي يكفل أمانا كاملا للأطفال، مستنكرا ما وصفه بـ"الشمّاعة" التي يلجأ إليها المسؤولون لتبرير أخطائهم، "القانون لا يكفي تماما ولا يحتاج لتغيير، وكل شيء سينصلح إذا نفذه المسؤولون بصرامة".