وكيل «تعليم» غير مسئول بسوهاج

استيقظنا على خبر مُفزع بتسمم مئات التلاميذ بعدد من مدارس المرحلة الابتدائية بقرية الصوامعة شرق، التابعة لمركز أخميم بمحافظة سوهاج، عقب تناولهم "الوجبة المدرسية"، وتواترت الأخبار على المواقع الإخبارية والتي رصدت عن قُرب عدد الحالات المصابة، وتصريحات المسئولين حول الواقعة والتي أعتقد أنها مشينة ومفزعة.

التغطيات الصحفية لم تكن الشاهد الوحيد على جسامة الواقعة، فالبيان الصادر من وزارة الصحة أكد أن عدد حالات الاشتباه بالتسمم الغذائي تخطى 800 تلميذ داخل القرية، وهو أيضًا رقم ضخم يستحق أن نقف عنده برهة ونمعن العقل والتفكير.

الغريب في الأمر والمثير للاشمئزاز والتصريحات غير المقبولة، والتي جاءت في غير موضعها بالمرة كانت للسيد المبجّل وكيل وزارة التربية والتعليم بسوهاج والذي صرح لوسائل إعلامية ومواقع إخبارية أن الواقعة "افتكاسة"، وما هي إلا إدعاءات من الأهالي وأولياء الأمور بعد انتشار شائعة بصرف مبلغ 5 آلاف جنيه لأسرة كل طفل ثبت تسممه.

حقيقةً .. لم أكن أتخيل يومًا أني سأكتب مقالاً عن مسئول تجرد من الرحمة ومشاعر الإنسانية، ومن الفطنة وإعمال العقل أيضًا حتى أنه سولت له نفسه أن يضرب بمُصاب الأهالي والتلاميذ عرض الحائط، ويتهمهم باللهث وراء إشاعة الـ5 آلاف جنيه.

تصريحات وكيل وزارة التربية والتعليم حول الواقعة كانت بمثابة طعنة من الخلف في ظهور أولياء الأمور المكلومين بمصاب أبنائهم، ففي الوقت الذي ساد فيه الخوف والرعب والفزع أرجاء القرية، وتوغلت سيارات الإسعاف والتي تخطى عددها الـ70 لنقل التلاميذ المصابين، فضلاً عن الجهود الذاتية للأهالي، ومجلس المدينة الذي شارك بسياراته في نقل التلاميذ إلى المستشفيات المركزية، كما يخرج على الأهالي من يُخرج لهم لسانه دون أدنى مسئولية أو ضمير، ليتهمهم بافتعال الأزمة للحصول على مبلغ 5 آلاف جنيه تعويض جراء حادث التسمم.

عزيزي المسئول .. ألم تُبصِر عيناك حالة الخوف والرهبة التي انتابت التلاميذ وأولياء أمورهم، ألم تبصِر عيناك الكم الهائل من سيارات الإسعاف التي نقلت التلاميذ المصابين إلى المستشفيات والتي إن وجدت من بينهم من لا تظهر عليه آلام المغص والتسمم ما نقلته، فلنفترض أنك لم تبصر كل ذلك، لكن،كيف يمكنك إنكار بيان وزارة الصحة والذي اعترف بالاشتباه في تسمم أكثر من 800 تلميذ من تلاميذ القرية، وكيف يمكنك التعتيم على الحدث الذي تفاعل معه القاصي والداني من مسئولين محللين بالمحافظة أو حتى على المستوى الأشمل بالوزارات المعنية، وبما تفسر أيضًا وجود عدد كبير من التلاميذ حتى الآن على أسرّة المستشفيات يتلوون من المرض والتسمم.

حقًا أقول أن الافتكاسة الحقيقية هي أن تتبوأ أنت مقعد وكيل وزارة التربية والتعليم بسوهاج، وأن يُنسب إليك مسئولية تربية، وتعليم آلاف التلاميذ والطلبة.