الجمعة 26 أبريل 2024 مـ 02:11 صـ 16 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

رغيف القمح المبرد ”كفتة” جديدة لعبد العاطي 2

إذا كانت مصر تستورد 9 ملايين طن قمح سنويا، بنحو 33 مليار جنيه حاليا، بسعر الصرف الجديد للدولار، فليس هذا معناه أن يخرج علينا وزير الري من قمقم تخصصه، ليمد يده في ملف الزراعة ببدعة علمية مفادها إنتاج القمح مرتين سنويا في موسم واحد، ليجسد بذلك الدكتور محمد عبد العاطي "كفتة" جديدة في مجال البحث العلمي المصري. الدكتور عبد العاطي، يعيد إلينا إخراج ما تفتق عنه ذهن اللواء عبد العاطي الأول عن "كفتة" فيروس سي، دون أن يتبع أبجديات البحث العلمي، فينشر نتائج تجربته في مجلات علمية محكمة، سواء عربية أو عالمية، ليقدم مادة خام لتندر أهل العلم والخبرة في حقل الزراعة المصرية، قبل أن تتلقفنا جهات دولية فتسيء إلى سمعة مصر العلمية. الدكتور عبد العاطي الثاني استغل عاطفيا حاجة الرئيس عبد الفتاح السيسي للنهوض بالاقتصاد المصري بكل الإمكانات المتاحة في مصر، وعلى كل الجبهات، ومنها جبهة الزراعة وإعمار الأرض، فاستجاب لأحلام باحث شاب في تقصير فترة النمو الخضري لحبوب القمح، وذلك بالضحك على هذه الحبوب بمنحها الوحدات الحرارية الباردة التي تحتاجها طوال موسم القمح الطبيعي، في مدة 15 يوما فقط، وذلك بوضعها في الثلاجة تحت درجة 4 مئوية. السيد وزير الري لم يدرس في كلية الهندسة التي تخرج منها، سوى أسس الري القديم، كسدود وهيدروليك، وجسور، وتبطين، لكنه لم يدرس حتى مقننات الري للنباتات بأنواعها، فكيف إذن أن يسمح لنفسه بالتجاسر على تخصص يلزمه دراسة الخلية النباتية للتعرف على تشريحها، ووراثة النباتات للتعرف على جيناتها، كما يلزمه دراسة تربية النباتات وكيمياء وفيسيولوجيا وبيولوجيا الخلية، كي يجري بنجاح تجربة إنبات حبوب القمح في طبق "بتري" تحت ظروف تبريد ورطوبة مختلفة. لم يكن السيد وزير الري - قبل أن يهدر الوقت والمال، وقبل أن يشغل الفكر العلمي والسياسي، لم يكن يعرف ما الفرق بين القمح "الربيعي" والقمح "الشتوي"، وربما لم يجد من يضيء له الطريق حتى لا يسقط في شبر ماء، لأن الأقماح الربيعية التي تزرع في مصر لا تملك وراثيا في جيناتها خاصية "الارتباع" vernalization genes، المسؤولة عن تقصير فترة الإنبات في طور النمو الخضري فقط، وهي الخاصية التي تتمتع بها الأقماح الشتوية التي تزرع في أوروبا. حقل "الزنكلون" التجريبي في محافظة الشرقية، يوثق تجربة مخزية على الصعيد العلمي، كونه لم ينجح سوى في إنتاج محصول كوميدي لا يزيد من حيث الكم على 10 أردب من القمح غير الناضج للطحن وصناعة الخبز، وذلك خلال فترة لا تقل عن 105 أيام. ومع افتراض زراعة الأرض ذاتها بحبوب جديدة مبردة، بفاصل 10 أيام فقط بين العروتين لتجهيز الأرض، فإن العروتين ستستهلكان نحو 220 يوما، أي أكثر من سبعة أشهر، ينتج فيها الفدان نحو 20 أردب قمح غير ناضج، ربما تصلح حبوبه لصناعة "إصبعيات الكشك"، أو الفريك. مصر، من خلال مركز البحوث الزراعية، نجحت في إنتاج 24 أردب قمح للفدان في حقول الفلاحين المصريين، الذين امتلكوا خبرات في القمح قد لا تتأتى لباحثين كثيرين في مجال الزراعة. تمنيت أن يجتهد الدكتور محمد "عبد العاطي" في حث معهد بحوث المياه التابع لوزارة الري، على الاجتهاد في وضع خريطة حديثة للمياه الجوفية في مصر، بدلا من التخبط الذي كلفنا 1.5 مليار جنيه في حفر ألف بئر داخل حزام المناطق المحددة لمشروع ال 1.5 مليون فدان، وقد لا يستفاد من معظمها، بعد أن صرح سيادته شخصيا بأن المياه الجوفية في مصر لا تكفي لزراعة مستدامة إلا في 26‎%‎ فقط من مساحة المشروع، وبشرط الابتعاد عن المحاصيل التقليدية المستهلكة للمياه، مثل: البنجر، والقمح، والذرة، والبرسيم. من زار حقل الزنكلون التجريبي للقمح المبرد في "الشرقية"، تحسر على الإمكانات التي يمتلكها معهد بحوث المياه، من ثلاجات ومعامل مجهزة، ربما تم تجهيزها خصيصا لصالح "فنكوش" القمح المبرد، وكانت كفيلة بطرح سؤال عام حول عدد الثلاجات وأحجامها وسعاتها التبريدية، وعدد المولدات الكهربائية، لتبريد تقاوي قمح تكفي زراعة مليون فدان مثلا، لإنتاج أقماح غير ناضجة للطحن، ولا تصلح لإنتاج رغيف خبز طبيعي. والسؤال الذي يتجدد: هل التجريب بأموال الشعب في هذه المرحلة بالذات، ليس له مقومات أو دوافع أو آليات تنظيم، أو رقيب على الوقت والمال المستثمر فيه؟ أرجو أن تكون الإجابة على السؤال عبارة عن قرار بفتح ملف التحقيق في دوافع التجريب العلمي بغير أسس أو ضوابط، صونا لسمعة مصر في مجال البحث العلمي. - ليس عيبا أن نستعير أو نشتري الفكر والنظم، لكن العيب أن نقحم أنفسنا في ملعب، نظهر فيه كمدعاة للتنكيت، وحين يتعلق التنكيت بسمعة مصر العلمية والبحثية، فمن العبث بالتاريخ والحاضر والمستقبل، أن يظل الحبل على الغارب، لإعادة إنتاج "الكفتة". * كلمة للسيد الرئيس: مصر في حاجة فقط إلى وزير زراعة "بصحيح" يزيح عن كتفيك بعض الهموم التي تتعلق بغذاء المصريين، وهو حال الوصول إليه، سيطبق ما توصلت إليه كتيبة المشروع القومي للقمح المصري، بتعميم زراعة القمح على مصاطب، واتباع برنامج تسميد حديث يعيد الشباب إلى الأرض القديمة (6 ملايين فدان)، ويبني على أسس سليمة خصوبة الأرض المستصلحة (2.5 مليون فدان). الوزير الذي "بصحيح" متوافر بكثرة داخل جدران وزارة الزراعة ومركز بحوثها، ويجمع بين الفن، والإدارة، والسياسة، فوق أساس علمي بحثي مجرب في حقول إرشادية، ومطبقة في غيطان مصر من بحيرة ناصر جنوبا حتى مرج البحرين شمالا. مصر في حاجة سيادة الرئيس إلى تنفيذ مشروع قومي للصوامع المعدنية في عموم محافظات إنتاج القمح، كل حسب إنتاجها، ولتطمئن إلى أن هذا المشروع سيرد قيمته الاستثمارية بالكامل، مهما تعاظمت، خلال موسمي قمح على الأكثر، حيث أكدت دراسات عديدة أن الفاقد من محصول القمح المصري سنويا في مرحلة التخزين التقليدي فقط، يبلغ نحو مليون طن (20‎%‎). سيادة الرئيس: لا تترك وزارة الزراعة للسقوط، فهي صِمَام الأمن القومي الحقيقي لشعب مصر.