السبت 18 مايو 2024 مـ 09:16 مـ 10 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

كيف نحمى غذائنا من مخاطر التغيرات المناخية؟

محيي الدين: مؤتمر شرم الشيخ يهتم بتحقيق التحول في قطاع الزراعة والغذاء للتصدي لتغير المناخ

أيمن أبو حديد: الحل فى استخدام البيوتكنولوجي لاستحداث أصناف جديدة من المحاصيل تلائم ظروف المناخ

تعتبر الزراعة وجميع العناصر القائمة عليها وخاصة الأسرة الريفية، من أكثر القطاعات والفئات المتأثرة بمخاطر التغيرات المناخية، خاصة فى ظل وجود أزمة غذاء عالمية، تعانى منها الدول، بل وهناك كثير من الدول التى دخلت حيز الفقر المائي ونضوب الكثير من بحيراتها وانهارها، والأمر الذى أثر بالسلب على القطاع الزراعى هناك بشكل عام، كما هو الحال فى أوروبا وقلة إنتاجية بعض المحاصيل التى اشتهرت بها عدد من الدول مثل البرازيل في إنتاجية محصول البن.

والحقيقة الواضحة حاليا؛ أن العالم يواجه أزمة غذاء طاحنة، تزداد سوء كلما فرضت تداعيات ومخاطر التغيرات المناخية نفسها على الكرة الأرضية، ومع وضوح هذا جليا، بات السؤال يطرح نفسه؛ كيف نواجه هذه الازمة العالمية، وما هى اهم الحول لمواجهتها.

فى البداية ينبغي للزراعة لكي تكون مستدامة، أن تلّبي احتياجات الأجيال حاضرًا ومستقبلًا، مع ضمان الربحية وصحة البيئة والإنصاف الاجتماعي والاقتصادي، وتسهم استدامة الأغذية والزراعة في الركائز الأربع للأمن الغذائي كافة - وهي توافر الأغذية، والحصول عليها واستخدامها واستقراراها - وفي أبعاد الاستدامة الثلاثة أي البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وتشجّع منظمة الأغذية والزراعة استدامة الأغذية والزراعة لمساعدة البلدان في جميع أنحاء العالم على تحقيق هدف القضاء التام على الجوع وسائر أهداف التنمية المستدامة.

ويعتمد إنتاج الأغذية والزراعة على الموارد الطبيعية، وبالتالي تتوقف استدامة الإنتاج على استدامة الموارد نفسها، ويمكن عمل الكثير للحد من الآثار السلبية ولتعزيز حالة الموارد الطبيعية، في حين أن التكثيف يؤثر تأثيراً إيجابياً على البيئة من خلال تقليص التوسع الزراعي والحد بعد ذلك من التعدي على النُظم الإيكولوجية الطبيعية، فإنه ينطوي أيضاً على آثار سلبية على البيئة، وتشمل أكثر نماذج التكثيف الزراعي انتشاراً استخداماً مكثفاً للمدخلات الزراعية، بما فيها المياه والأسمدة ومبيدات الآفات، وينطبق نفس الشيء على الإنتاج الحيواني وتربية الأحياء المائية وما يترتب على ذلك من تلوث للمياه، وتدمير لموائل المياه العذبة، وتغيير خصائص التربة، وأدى التكثيف أيضاً إلى خفض شديد في التنوع البيولوجي للمحاصيل والحيوانات، ولا تتفق تلك الاتجاهات في التكثيف الزراعي مع الزراعة المستدامة وتشكِّل خطراً يهدِّد الإنتاج في المستقبل.

من ناحية أخرى يمكن لضمان إتاحة إمكانية وصول المنتجين إلى الموارد الإنتاجية وسيطرتهم عليها بشكل كافٍ، والتصدي للفجوة بين الجنسين، أن يسهم بدور كبير في الحد من الفقر وانعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية، فالزراعة هي النشاط الأكثر كثافة في العمالة من بين كل الأنشطة الاقتصادية، وتوفر الزراعة بصورة مباشرة وغير مباشرة، مورد رزق للأسر الريفية التي يبلغ عدد أفرادها 2.5 مليار نسمة، غير أن الفقر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالزراعة، وتمثل الزراعة أكثر أنواع الأعمال عرضة للمخاطر، ولا يمكن للزراعة أن تصبح مستدامة ما لم توفِّر ظروف العمل اللائق لمن يزاولونها في بيئة صحية ومأمونة اقتصادياً وماديا.

"المؤثرات الزراعية"
وتؤثر الظواهر الجوية الشديدة وتقلبات السوق والنزاعات المدنية على الزراعة، ويمكن أيضاً للسياسات والتكنولوجيات والممارسات التي تبني قدرة المنتجين على الصمود في وجه التهديدات أن تساهم في تحقيق الاستدامة.

وكشفت عدة إشارات في الماضي القريب عن المخاطر التي يمكن أن تمثلها الصدمات بالنسبة للزراعة والحراجة ومصايد الأسماك، وتؤثر التقلبات المناخية المتزايدة، سواءً أكانت متصلة بتغيُّر المناخ أم غير متصلة به، على المزارعين وعلى إنتاجهم.


من الناحية الأخرى يؤثر تقلب أسعار الأغذية على المنتجين والمستهلكين الذين لا تتاح لهم بالضرورة وسائل مواجهة تلك الصدمات، وربما شجِّع ازدياد العولمة على سرعة نقلها إلى مختلف أرجاء العالم وازدياد آثارها التي لا يمكن التنبؤ بها على نُظم الإنتاج، ولذلك تغدو القدرة على الصمود محورية في التحول نحو زراعة مستدامة ويجب أن تشمل الأبعاد الطبيعية والبشرية على السواء.


ولا يمكن أن يتحقق الانتقال إلى الإنتاج المستدام إلا عندما يكون هناك توازن سليم بين مبادرات القطاعين الخاص والعام فضلاً عن المساءلة والمساواة والشفافية وسيادة القانونو، ويحمل تعميم الاستدامة في نُظم الأغذية والزراعة في طياته إضافة البعد المتعلق بالمنفعة العامة إلى المشاريع الاقتصادية، وتمثل الزراعة وستظل تمثل نشاطاً اقتصادياً مدفوعاً بحاجة من يزاولونه إلى إدرار الربح وضمان معيشة لائقة من مزاولة تلك الأنشطة، ويحتاج المزارعون والصيادون والمشتغلون بالحراجة إلى حوافز سليمة تدعم تطبيق الممارسات المناسبة على الأرض، ولن يتسنى تحقيق الإستدامة إلاّ من خلال الحوكمة الفعالة والمنصفة، بما يشمل سياسة مناسبة وتمكينية وبيئات قانونية ومؤسسية تحقق التوازن السليم بين مبادرات القطاعين العام والخاص، وضمان المساءلة، والمساواة، والشفافية، وسيادة القانون.

أهداف مؤتمر المناخ


فى البداية قال الدكتور محمود محيي الدين، المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي ورائد المناخ للرئاسة المصرية في مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي ٢٠٢٢، إن مؤتمر شرم الشيخ يركز على تحقيق التحول في قطاع الزراعة والغذاء على أسس علمية صحيحة بما يساعد في التصدي للتغير المناخي.

وأضاف محيي الدين، أن خلق نظام زراعي وغذائي أكثر تكيفاً مع آثار التغير المناخي يتطلب الاعتماد على قواعد بيانات محدثة، وتطبيق التكنولوجيات الحديثة، واللجوء للحلول العلمية، وتوفير المهارات لكل الأطراف المشاركة في إحداث هذا التحول، فضلاً عن ضرورة توفير تمويل عادل وكاف لهذه العملية.

وأشار رائد المناخ، إلى أن التحول في قطاع الزراعة والغذاء لن يحقق الأمن الغذائي إلا إذا تم في إطار نهج شامل يراعي التوازن بين إجراءات التخفيف من آثار التغير المناخي وإجراءات التكيف مع هذه الظاهرة، كما يستلزم هذا التحول الانتقال الفوري إلى مرحلة التنفيذ الفعلي من خلال خطوات عملية يشارك فيها كل الأطراف الفاعلة، موضحاً أن مؤتمر شرم الشيخ يضع عنصري النهج الشامل والتنفيذ الفعلي للعمل المناخي والبيئي ككل في مقدمة أولوياته.

وأشار رائد المناخ إلى أهمية البعد الإقليمي فيما يتعلق بإحداث التحول في قطاع الزراعة والغذاء، وتعاون دول الإقليم الواحد في تحقيق هذا الهدف، خاصةً بعد أن أكدت التجارب أن العمل الجماعي المشترك يحقق نتائج أكثر فاعلية من العمل المنفرد، كما نوه عن أهمية البعد المحلي لعملية التحول في هذا القطاع الهام بحيث يشمل العمل كل عناصر التنفيذ بما في ذلك المزارعين وغيرهم من الأطراف الفاعلة المحلية.

وشدد محيي الدين على أهمية حشد التمويل اللازم لعملية التحول في قطاع الزراعة والغذاء من خلال تعزيز التزام الحكومات بتنفيذ هذه العملية ومشاركة أوسع من القطاع الخاص في التمويل والتنفيذ، وعقد الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتهيئة بيئة عمل جاذبة للاستثمار، والعمل على تخفيض مخاطر تمويل المشروعات اللازمة لهذا التحول، وتفعيل آلية مقايضة الديون بالاستثمار في مشروعات الزراعة والغذاء، وإنشاء أسواق للكربون تناسب أولويات اقتصادات الدول النامية والأسواق الناشئة.


من جانبه أكد الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة الأسبق أن الزراعة تعد من أهم وسائل التخفيف من آثار التغيرات المناخية، حيث استهلاك ثاني أكسيد الكربون وانتاجه على هيئة مواد عضوية بواسطة التمثيل الضوئي و بالتالي تخفف من آثار الانبعاثات الهوائية، فالزراعة في مصر لا تزيد انبعاثاتها من الغازات الدفيئة عن 14% يليها قطاع الصناعة ثم المخلفات، وتكون الغازات الناتجة عن الزراعة بفعل عمليات التخمر و معالجة الروث الحيواني و زراعة الأرز بالغمر و حرق المخلفات الزراعية، و ليس عملية الزراعة نفسها.

"الحلول العلمية"

وأشار وزير الزراعة الاسبق، إلى أهم الحلول العملية لتحقيق الأمن الغذائي و تأتي في مقدمتها استخدام البيوتكنولوجي في استحداث أصناف جديدة من المحاصيل تلائم ظروف المناخ و تتحمل درجات الحرارة المرتفعة أو ملوحة التربة فضلا عن توفير زيادة في الانتاجية، و استخدام الذكاء الصناعي في الزراعة و تقنيات الاستشعار من بعد.

كما أشار أبو حديد إلى أهمية استخدام الطاقة المتجددة في الزراعة لتوفير الكهرباء و الديزل، مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح، فضلا عن تحلية المياه و المخلفات باستخدام تقنيات النانو، واستخدامها أيضا في تصنيع السَّماد و المبيدات فهي أقوى في الفاعلية و أقل في التأثير السلبي.

ومن الاجراءات الضرورية لحماية الزراعة من التغيرات المناخية حماية أراضي الدلتا من تسرب الملوحة من البحر المتوسط عن طريق إنشاء المصدات مثل حائط محمد على في أبو قير بالإسكندرية الذي نجح في منع تسرب المياه إلى محافظات الدلتا.

"الزراعة المائية"

و عن إمكانية مواجهة أزمة الغذاء و تحقيق زيادة في الإنتاجية و توفير المياه؛ أكد أبو حديد أن الزراعة المائية “الأكوابونيك” أو الزراعة المائية باستخدام المحاليل المغذية “الهيدروبونك” قد أثبت فاعليته في زيادة الانتاجية، فعلى سبيل المثال إذا كانت إنتاجية الفدان ما بين 4 و 10 طن من محصول الطماطم، في حين إذا تمت الزراعة بنظام الصوب يزيد الإنتاج إلى 25طن للفدان سنويا، إذا كانت الزراعة بنظام الهيدروبونك متوقع تزيد الإنتاجية إلى 50 طن للفدان، فضلا على الحفاظ على الموارد المائية لأنه لا يستهلك كميات كبيره من المياه، كما نوفر مساحة الأرض لزراعة محاصيل أخرى.

"الدلتا الجديدة"

وأضاف أبو حديد أن الدلتا الجديدة و ترعة برج العرب و الحمام من أهم المشروعات التي تقوم بها الدولة المصرية حاليا، نظرا لطبيعة المنطقة ذات المناخ المعتدل،ةفضلا عن انها مرتفعة عن سطح البحر و بعيدة عن خطر زيادة منسوب المياه أو تملح التربة، وإن كانت المشكلة تكمن فقط في مصدر المياه، حيث حصل المشروع على المياه من الصرف الزراعي المعالج أو المياه الجوفية بالمنطقة و بها نسبة ملوحة مرتفعة، وهذا يتطلب تطوير الري الحقلي الذي يوفر حوالى 11 مليار متر مكعب من المياه إذا تم التحول من الري السطحي إلى الري المتطور، إلى جانب تحلية المياه الجوفية باستخدام الطاقة الشمسية.

" التغيرات المناخية تهدد الأمن الغذائي"


أكد الدكتور محمد أرناؤط الأستاد بمركز البحوث الزراعية، ان التغير المناخي أصبح يمثل تهديدًا خطيرًا على الأمن الغذائي العالمي والتنمية المستدامة وجهود القضاء على الفقر، فالأزمة لم تعد تقتصر فقط على إحترار الأرض، بل باتت تهدد الأمن الغذائي للبشرية، إذ إنها تُعد القضية الحاسمة في عصرنا، حيث يعيش سكان مختلف دول ومناطق العالم تحولًا في أنماط الطقس يؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر، مما يزيد من أخطار الفيضانات الكارثية التي تهدد بدورها إنتاج الغذاء في العالم.


وأشار الأستاد بمركز البحوث الزراعية، الى أن قضية التغير المناخي باتت واضحة بشدة، وتأثيراتها المختلفة في تزايد مستمر وسريع، ولعل أبرز مظاهرها وأوضحها ارتفاع درجات الحرارة، وتتعدد التداعيات الناتجة عن قضية التغير المناخي، وأبرزها تلك المتعلقة بالمحاصيل الزراعية، وقد سلطت بعض وسائل الإعلام مؤخرًا الضوء على حجم الخسائر الذي تعرضت له المحاصيل الزراعية بسبب التغيرات المناخية التي تجتاح معظم دول العالم، مما أدى إلى انخفاض المعروض من هذه المحاصيل ومن ثم ارتفاعها أسعارها بشكل كبير.

وأضاف أرناؤط أن هذه الآثار لم تقتصر على المحاصيل الزراعية فقط، بل إن صيد الأسماك في المناطق المدارية قد ينخفض ما بين 40 إلى 60% ، حسب أحد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية التي يواجهها العالم.

موضوعات متعلقة