موقع الأرض

فكرة ”داجنة” من ”داخل صندوق” بنوك مصر

-

على مدار سنوات عديدة مضت، فشلت محاولات جادة لتنفيذ مقترح بإنشاء شركة مساهمة مصرية لتسويق الدواجن، تكون مهمتها المختصرة والمحددة تجسير المسافة بين عنابر التربية والمجازر وثلاجات البيع للجمهور، بما يكفي صناعة المنتجات الداجنة شرور تقلبات الأسعار وخراب الديار.

ولأن مصر تنتج نحو 3.8 مليون دجاجة يوميا، بإجمالي 1.4 مليار طائر سنويا، فقيمة هذا الكم الهائل من اللحوم البيضاء غنية الغذاء قليلة الكوليسترول تقدر بنحو 42 مليار جنيه (30 جنيه متوسط تكلفة الطائر). هذا المبلغ يمثل رأس المال الدوار الذي يغذي صناعة عملاقة تبدأ بالبيضة، ولا تنتهي عند "الفرخة"، حيث تتشكل دائرة عملاقة تضم: زراعة الذرة والصويا بدلا من استيراد نحو 25 مليون طن منهما، ماكينات أكثر من 1200 مصنع أعلاف، و220 مصنع لإضافات الأعلاف، نحو 323 مجزر آلي ونصف آلي ويدوي، ومفرخات تنتج سنويا نحو 1.54 مليار كتكوت من أكثر من 13 مليون أم.

ولا تدور دائرة صناعة الدواجن بدون صناعة الأدوية واللقاحات البيطرية، وشركات تصنيع العنابر المحلية وصيانتها، وأساطيل النقل بأحجامه المختلفة، وبداخل الدائرة نحو 5 ملايين عامل يتعايشون على ضجيج تروس قوامها المالي الإجمالي نحو 100 مليار جنيه. مبلغ الـ 42 مليار الذكور سابقا، يتعرض للتناقص سنويا بفعل تذبذبات الأسعار، وتهديدات الأوبئة، وأخطرها وباء استيراد الدواجن ومجزءاتها، وهذا التناقص غالبا ما يقصم ظهور صغار المربين، ونسبتهم لا تقل عن 70٪ مع التربية المنزلية الريفية، ما يتسبب في إقلاع عدد كبير منهم عن التربية، وعجزهم بالتالي عن سداد مديونياتهم. الحل لن يتوافر إلا من "داخل الصندوق"، وهو تأسيس كيان مالي مصري عملاق لتسويق الدواجن، يُبنى على أساس فصل الملكية عن الإدارة، وهي فكرة تجاذبتها وقطعتها وسلختها اجتماعات عديدة بين العاملين في هذه الصناعة، واتحاد منتجي الدواجن ووزارة الزراعة، والنتيجة "صفر" حتى الآن، ولذا نقترح البديل الموازي:

- طرح محفظة ائتمانية في جميع بنوك مصر، لتمويل مشروع "تسويق دواجن مصر"، على مدار العام، لإقراض المجازر المرخصة في عموم البلاد، لتمكينها من شراء إنتاج العنابر الصغيرة والمتوسطة (من 2000 إلى 40 ألف طائر)، ونسبتها في الصناعة نحو 55٪، وبذلك يضمن المربي ثمن قطيعه "كاش"، دون عبء على المجزر الذي يرتبط بدورة تسويقية مدتها نحو 90 يوما مع سلاسل الإمداد للمستهلك.

- إدخال هذه القروض ضمن مبادرة البنك المركزي المصري، وبحث آلية تخفيض فوائدها إلى حد 1٪، كونها قصيرة الأجل (90 يوما)، ستبدأ وتنتهي بنهاية هذه الفترة القصيرة، التي تضمن إتمام تحصيل عوائد البيع من سلاسل الإمداد.

- بحث آلية استثمار عوائد "حساب تعويضات المضارين من مربي الدواجن" التابع لوزارة الزراعة، في آلية التسويق التي ستفرزها المنظومة المقترحة، وذلك من خلال البنك الزراعي المصري، وهي فرصة لتنمية موارده بدلا من طريقة "خذ من التل".

- رفع مذكرة إلى وزير الزراعة بطلب إعفاء حساب تعويضات الدواجن من نسبة الـ 20 في المائة التي تخصم من عوائده لصالح وزارة المالية، لرفعها إلى رئيس مجلس الوزراء، كون الخصم غير قانوني، لأن تمويله يأتي من رسوم واردات الصناعة، كتبرعات تأمينية، وكما هو معلوم فإن أوعية التأمينات معفاة من الضرائب.

- بحث آلية إشراك التعاونيات الزراعية في منظومة التسويق المقترحة، وذلك بتأسيس منافذ لبيع الدواجن المبردة والمجمدة في أكثر من 7 آلاف جمعية تعاونية زراعية في قرى مصر، ولدى الاتحاد القدرات الشرائية والتجهيزية، وهي فرصة للاستفادة من تعديلات قانون التعاون الذي أتاح للجمعيات إنشاء شركات ربحية، في نطاق عملها أو خارجه. نأتي لإيجاز الفوائد في التالي:

- القضاء على سماسرة الدواجن الذين يبخسون المربين إنتاجهم، ويتسببون في إفقارهم، مع عدم تجيير الفائدة للمستهلك، وبالتالي إمكانية تفعيل بورصة فنية حقيقية لتسعير الدواجن، تضع في الحسبان سعر التكلفة، وفقا لأسعار المدخلات ومتوسط نسب النفوق. - تشغيل مجازر الدواجن بطاقتها الكاملة، حيث تشير المعلومات إلى أنها لا تعمل إلا بربع طاقتها، وبالتالي تعطيل 75٪ من حجم استثماراتها المليارية.

- توفير الخزن الاستراتيجي للدواجن على مدار العام، بمعدلات متوازنة، تضمن السعر العادل للمنتج والرحيم بالمستهلك.

- توفير الفائض من الإنتاج المحلي (نحو 200 ألف دجاجة يوميا حاليا) للتصدير، خاصة بعد أن اعتمدت منظمة صحة الحيوان العالمية 14 منشأة مصرية كمناطق معزولة آمنة من الأوبئة، وتقدم أوراق 24 منشأة أخرى للاعتماد.

- حقن خسائر الصناعة، بما يضمن توفير فائض للمربين لتطوير عنابرهم دوريا وتحديثها وفق آليات الأمن الحيوي المحكمة، لتقليل نسبة النفوق على مدار العام، وفي ذلك زيادة الإنتاج بنسبة 10٪ تضاف إلى الـ 1.4 مليار طائر لاحم سنويا، بتكلفة "صفر".

- توفير المناخ العام المطمئن عن واقع صناعة الدواجن ومخاطرها، بما يشجع شركات التأمين على شمول نشاط التربية بالحماية التأمينية، وهي حلقة مهمة في دائرة المناخ العام الآمن لأي استثمار.