موقع الأرض

السلم والكرسي والثعبان

-

كانت هناك لعبة جميلة أسمها السلم والثعبان كنا نلعبها ونحن صغار وكانت عبارة عن لوحة من الورق مقسمة إلى مربعات عددهم مائة مربع بالأرقام وكان يلعبها لاعبين كل لاعب بيده ماركة بلون مختلف عن ماركة اللاعب المنافس ثم يبدأ أحد اللاعبين رمى النرد وعلى حسب الرقم الذى يظهر أعلى النرد كان اللاعب الرامى يضع الماركة على  المربع الذى يحمل نفس الرقم المقابل لرقم النرد ثم يتصاعد هذا الرقم فى كل مرة بقيمة الرقم الذى يظهر عند كل لعبة حتى يصل إلى الرقم مائة وهو القمة ولكن هذه اللعبة الفائز فيها يعتمد إما على الحظ أو مقدرته فى رمى النرد بطريقة معينة تأتى بالرقم الذى يريده.

ويسعى اللاعب دائما أن يصل إلى رقم بداخله سلم وهذا السلم طبقا لطوله يصعد به اللاعب إلى درجات عليا يقترب منها إلى القمة.. وهناك رقم مربع  فى بداية اللعبة  بداخله سلم كبير إن حظى به اللاعب وصل إلى القمة مباشرة من أول رمية ولكن ليس دائما الأمور تسير على هذا النحو فهناك مربعات بداخلها ثعابين لو كان حظ اللاعب سىء وصل إلى خانة الثعبان الذى سينزله إلى مكانة سفلى ليبدأ من جديد باحثا عن رقم به سلم ليصعد به وهكذا.

هذه اللعبة بالظبط تشبه لعبة السعى وراء كراسى المناصب العليا فهى نفس لعبة السلم والثعبان ولكن يتوسطهم كرسى وهو الهدف والسلالم هى الوسيلة  والبعد عن الثعابين هى المحظورات والمخاطر التى لو أرتكبها اللاعب خسر حياته إلى الأبد حتى لو كان على القمة.. والفرق بين اللعبة والحقيقة أنه عندما نلعب نفيق فى الأخر وندرك أنها حياة افتراضية نحن خلقناها لحرق الوقت.. فحياتنا تتشابة كثيرا مع تلك اللعبة؛ فحياتنا مجرد لعبة كلعبة السلم والثعبان ولكننا أضفنا لها كرسى وهو الهدف الذى نسعى جميعا للوصول إليه ولايفرق كثيرا عن كرسى اللعبة  ولكن فى الحياة الحقيقة لن نفيق ولم نستوعب أنه مجرد كرسى لم يدم لأحد ولن يدم ولا يجب أن نشكل قيمتنا من مجرد كرسى لاحول له ولاقوة ... ويجب أن ننتبه أن ثعابين الحياة ليست داخلة مربع من الورق ولكنها تسكن بداخلنا نحن ونحن من نغذيها ونكبر أنيابها ونحن من نسمح لهذه الثعباين أن تسمم حياتنا وتجعلنا أموات نعيش فوق كراسى من الوهم ستلفظنا يوما وسوف لا يعد منها غير ذكريات نحكيها لغيرنا على كراسى المقاهى والصلونات وسنعود إلى المربع الأول الذى بدأنا منه، ولكن هذه المرة اللعبة ستكون بدون نرد ولا ماركات .. ولن يتبقى معك غير قيمتك الحقيقة ومشاعرك الإنسانية ورجاحة عقلك وحب الناس وعلاقتك الروحانية بخالقك.

فالأنسان فى الطبيعة تشكله نفسيا ووجدانيا وعقليا ثلاث قوى هما الآنا والآنا الأعلى واللهو ..فالآنا هى قيمتك أنت والتى أخترتها بنفسك فى عراكك مع الحياة بصراع الآنا الأعلى وهى طموحاتك ونظرتك للمستقبل والقيم العليا بالنسبة لك مع الهوا والفجور فإن انتصرت القيم العليا على أهوائك وفجورك نتج عنها شخصيتك التى أخترتها وشكلتها بنفسك فيمنا العليا هى وجهات نظر تختلف من شخص للأخر بالتالى فثلاث أقطاب المعادلة مختلفة من شخص للاخر ولهذا فكلنا مختلفون ولكننا رغم هذا لا يختلف أثنان على هذه الأرض على المثل والقيم الراقية والتى رغم احترامنا إياها ولكن لسنا جميعا نتصارع عليها فكل منا يأخذ منها مايحقق مصلحته فقط ومنا من يستبدلها باللهو والفجور لأنه يرى أنه الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذاته ... فحياتنا بحلوها ومرها هى صنيعة أيدينا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)