الأرض
موقع الأرض

مصر وزيت الزيتون.. إستثمار في المستقبل*

 أ.د عادل جير عبدالرازق            
-

من الفجوة الغذائية إلى الريادة العالمية… كيف يحوّل الذهب الأخضر اقتصاد مصر؟

فرصة وسط التحديات

تعتمد مصر على استيراد ما يقرب من 98% من احتياجاتها من الزيوت النباتية، فيما لا يتجاوز الإنتاج المحلي 2% فقط، وفق بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء. هذه الفجوة لا تستهلك العملة الصعبة فحسب، بل تجعل الأمن الغذائي عرضة لتقلبات الأسواق العالمية.

وسط هذا المشهد، يبرز زيت الزيتون المصري كحل ذكي ومستدام، قادر على تلبية جانب من الاحتياجات المحلية، وفي الوقت نفسه فتح باب واسع للتصدير. ووفقًا لتوقعات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن سوق زيت الزيتون العالمي سيصل إلى 16 مليار دولار بحلول 2030، ومصر تمتلك المقومات لدخول هذا السباق بقوة.

1. لماذا زيت الزيتون هو رهان المستقبل لمصر؟

ميزة مناخية وزراعية فريدة

• مصر ضمن أكبر 10 دول منتجة لزيتون المائدة، لكن إنتاج زيت الزيتون البكر الممتاز ما زال محدودًا.

• مناطق مثل سيناء، الساحل الشمالي، الصحراء الغربية، والوادي الجديد ملائمة تمامًا لزراعة أصناف الزيتون المخصصة لإنتاج الزيت عالي الجودة مثل البيكوال، الكوراتينا، والأربكينا.

• ملايين الأفدنة من الأراضي الهامشية يمكن زراعتها بالزيتون دون منافسة المحاصيل الاستراتيجية.

طلب عالمي في تزايد

• ارتفع الاستهلاك العالمي لزيت الزيتون بنسبة 30% خلال العقد الأخير (المجلس الدولي للزيتون – IOC).

• تراجع الإنتاج في دول رائدة مثل إسبانيا وإيطاليا نتيجة التغيرات المناخية يخلق فجوة يمكن لمصر سدها.

• اتجاه المستهلكين عالميًا إلى المنتجات الصحية والطبيعية يعزز الطلب على الزيت البكر الممتاز.

2. دروس من التجارب العالمية

إسبانيا وإيطاليا – ريادة قائمة على الجودة والتكنولوجيا

• أنظمة ري حديثة بالتنقيط توفر حتى 40% من المياه.

• معاصر حديثة بنظام العصر البارد للحفاظ على النكهة والقيمة الغذائية.

• برامج بحث وتطوير لإنتاج أصناف عالية الغلة ومقاومة للأمراض.

تونس – نموذج التعاونيات والتسويق الذكي

• تصدير 90% من الإنتاج، وتحقيق صادرات بقيمة 1.2 مليار دولار في 2023.

• تسويق ذكي يركز على الأسواق الراقية والزيت البكر الممتاز الحاصل على شهادات جودة عالمية.

3. خارطة طريق لمصر نحو الريادة

1. التوسع في زراعة أصناف الزيت عالية العائد:

o كورونيكي لتحمل الجفاف.

o أربكينا للإنتاجية العالية.

2. تطوير البنية التحتية الصناعية:

o إنشاء معاصر عصرية بنظام العصر البارد.

o استغلال مخلفات العصر في صناعات الصابون، الأعلاف، والوقود الحيوي (نهج Zero Waste).

3. تعزيز الهوية التسويقية:

o إطلاق علامة تجارية موحدة مثل "Egypt Olive" أو "زيت النيل".

o الحصول على شهادات الجودة العالمية (IOC – ISO – Organic).

4. الدعم والتمويل:

o قروض ميسرة للمزارعين والمستثمرين.

o برامج تدريب على الحصاد الآلي وأساليب التخزين المثالية.

4. ورش العمل… منصة للتكامل بين الخبرة والاستثمار

تحقيق هذه الرؤية يحتاج إلى منصات تواصل فعالة بين أطراف المنظومة:

• المستثمرون: للتعرف على الجدوى الاقتصادية العالية للقطاع.

• الخبراء والاستشاريون الزراعيون: لتطبيق أفضل الممارسات في الزراعة والحصاد.

• الباحثون ومراكز التطوير: لنقل التكنولوجيا وتحسين الإنتاجية والجودة.

• المطورون الصناعيون: لتعظيم القيمة المضافة عبر التصنيع المتكامل.

التحديات والحلول المقترحة

الحل المقترح

التحدي

تدريب على الحصاد الآلي وتخزين الزيتون في ظروف مثالية. ضعف الجودة في الحصاد

قروض ميسرة ودعم حكومي لمشاريع الزيتون الكبرى. نقص التمويل

تبسيط الإجراءات وإنشاء منصة إلكترونية للتصدير بالتعاون مع التمثيل التجاري. تعقيدات التصدير

الخاتمة: نافذة لا يجب إغلاقها

تراجع إنتاج كبار المنتجين عالميًا، وارتفاع الطلب على زيت الزيتون البكر الممتاز، يفتح لمصر نافذة ذهبية للانطلاق. لكن هذه النافذة لن تبقى مفتوحة إلى الأبد.

الطريق واضح: زراعة أوسع، صناعة متطورة، تسويق ذكي، وتكامل وطني بين الحكومة، القطاع الخاص، والبحث العلمي.

زيت الزيتون ليس مجرد منتج… بل استثمار في المستقبل، وأداة لتحقيق الأمن الغذائي، وركيزة لاقتصاد أكثر قوة واستدامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ ورئيس قسم الزيوت والدهون بالمركز القومى للبحوث