الأرض
موقع الأرض

إدارة المناخ الزراعي في خدمة الزراعة بمصر

مقال للدكتور محمد عبد ربه
-

يؤثر ويتأثر‎ ‎القطاع الزراعي سلبا وإيجابا بالبيئة المحيطة به وأي اختلال في هذا ‏التوازن يترتب عليه حدوث خسائر في الإنتاج الزراعي تؤدى إلي انخفاض دخول ‏المزارعين والمشتغلين بهذا القطاع والذي ينعكس بالسلب على الدخل القومي الذي ‏ينعكس بدوره على ميزان المدفوعات نتيجة زيادة الواردات من السلع الزراعية. و من ‏ناحية اخرى فإن استغلال العوامل المناخية تحسن من الانتاجية و تساعد على حصول ‏المزارعين على دخول عالية و ذلك من خلال اتباع ما يطلق عليه الزراعة الذكية ‏مناخياً و التي تعمل الجهات المعنية بوزارة الزراعة و مركز البحوث الزراعية على ‏تطبيقها مع المزارعين من خلال توفير التقاوي المناسبة لكل منطقة فيما يعرف ‏بالخريطة الصنفية للمحاصيل الاستراتيجية بحيث يتم زراعة الصنف المناسب لكل ‏منطقة و بالتالي تجنب اصابة النباتات بالامراض و زيادة معدلات النمو و الانتاجية و ‏هو مجهود بالفعل كرست له الجهات المعنية مجهودات كبيرة خلال السنوات القليلة ‏الماضية لتوفير التقاوي المعتمدة للمزارعين مما يسهل تطبيق نظم الزراعة الذكية كما ‏تم تطوير العديد من نظم الري و العمل على تطهير الترع و المساقي و المصارف ايضاً ‏لتوفير الظروف المناسبة للنباتات و تجنب تدهور الاراضي خصوصاً بمنطقتي الدلتا و ‏الوادي.‏
وهناك هدف رئيسي لتبني الزراعة الذكية فيما يطلق عليه تطبيقات الأرصاد ‏الجوية الزراعية وهو مساعدة المزارعين على أن‎ ‎يديروا على النحو الأمثل الموارد ‏المناخية، والتي تتكون أساساً من ضوء الشمس،‎ ‎والأمطار أو المياه.فالاستخدام الأمثل ‏للمياه يعني زراعة المحصول المناسب لكمية‎ ‎المياه المتوفرة بحيث يستعمل المحصول ‏القسم الأعظم منها مع الحد من تعرية التربة وفقد الأسمدة الناجم عن‎ ‎الجريان المائي. ‏وفى معظم الحالات التى يتعرض فيها المحصول للمخاطر فإنه يمكن تلافى هذه المخاطر ‏أو على الأقل تقليل أثرها إذا ما تم توقع المناخ القادم وأخذت التدابير اللازمة لتلافى ‏ضرره أو تحجيمه مثل إقامة مصدات الرياح وغير ذلك من العمليات الزراعية الهامة و ‏التي توصى بها وزارة الزراعة و مركز البحوث الزراعية على مدار اكثر من ثلاثين ‏عاماً. حيث ان كافة المزارع تتعرض للظروف المناخية المغايرة لكن المزارع التي تقوم ‏بعمل التدابير المناسبة و اهمها اقامة مصدات رياح تؤدي الى تقليل او انعدام التأثيرات ‏السلبية للرياح المحملة بالاتربة على المزروعات. ودور المعمل المركزي للمناخ ‏الزراعي في هذا الخصوص هو توفير بيانات أو معلومات الطقس السائد في المناطق ‏المختلفة وتأثير ذلك على الاستهلاك المائي وما يستتبع ذلك من استهلاك للأسمدة ‏والمبيدات وخلافه ويتعدى دور المعمل المركزي للمناخ الزراعي هذه النقطة إلى ‏تطبيقات الإدارة اليومية للمساحات المنزرعة بالري الحديث و الري بالغمر وتم انتاج ‏برامج حاسب آلى تستخدم فى حسابات الري والتسميد والمكافحة المتكاملة للأمراض ‏والآفات. و تم تدريب العديد من المزارعين على تلك التطبيقات كما تم انتاج بعض ‏التطبيقات تعمل بنظام الاندرويد مما يسهل على المزارع استخدام تلك التطبيقات. و لا ‏يعني انتاج تلك التطبيقات توقف عمل الارشاد الزراعي لكن تعتبر كعامل مساعد ‏للمساهمة في نشر الوعي و سهولة توصيل المعلومة في الوقت المناسب. كما قام العديد ‏من العاملين بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي باقسام المعمل المختلفة بانشاء صفحات ‏علمية على منصات التواصل الاجتماعي للمساهمة في توصيل المعلومة للمزارعين في ‏اسرع وقت حتى تصل المعلومة الى المزارع في الوقت المناسب. ‏
و مع التطور الكبير في مجالات الاتصالات اصبح من الممكن تكامل هذه ‏الإمكانات في منظومة معلومات تعطى نصيحة للمزارع عن حاله الطقس في المستقبل ‏القريب وما يجب أن يتخذه من تدابير بناءاً على هذه البيانات وعلى ما يراه الخبراء ‏المتخصصون كل في تخصصه وذلك بالنسبة لمعظم المحاصيل على مستوى ‏الجمهورية. حيث ان تجنب كارثة أو على الأقل تقليل أو الحد من خطورتها كفيل بتوفير ‏ملايـين الجنيهات على مستوى الدولة وكذلك الحد من الإحباطات التي يمكن أن تحدث ‏لكثير من صغار المزارعيـن نتيجة للأسباب المناخية بطريقه مباشرة أو غير مباشرة . ‏ويوجد لدي المعمل شبكة ارصاد جوية تغطي كثيراً من المساحة الزراعية فى مصر بما ‏فى ذلك الأراضي القديمة والمستصلحة حديثاً وكذلك بحوث تتعلق بالتطبيقات المختلفة ‏لبيانات الأرصاد الزراعية اليومية لخدمة النشاطات الزراعية فى المدي القريب والبعيد.‏

‎ ‎وعلى جانب أخر ، فان التقنيات الحديثة ترتبط مباشرة بالمناخ الزراعي.‏‎ ‎وعلى سبيل ‏المثال؛ الزراعة اللاأرضية تتأثر مباشرة بالمناخ السائد المحيط بنظم تلك التقنية من زراعة ‏هوائية وأخري تحت التربة ، ولا شك انه توجد حاجة ضرورية لاستخدام هذه التكنولوجية ‏لتكثييف الانتاج وتفادي وقوع مخاطر من جراء الظروف غير المواتية واستخدام هذه التقنيات ‏فى زراعة أسطح المنازل فى المدن لتعديل مناخها. و تعتبر الزراعة بدون تربة و زراعة ‏الاسطح من التقنيات التي اخذت صدارة بعديد من البلدان نظراً للكفاءة العالية في استخدام المياه ‏و بالتالي انتاج غذاء بكميات مياه قليلة جدا مقارنةً بالزراعة التقليدية. و يقوم المعمل بعقد العديد ‏من الدورات التدريبية في هذا المجال بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.‏
ومن الاتجاهات الأخري ذات الأهمية فى هذا النطاق هو نظم تعديل مناخ الزراعات ‏المحمية بما يشمل من أبحاث تتعلق بالانتاج فى الصوب وانتاج محاصيل تناسب الزراعة تحت ‏ظروف الحرارة العالية والمنخفضة.‏‎ ‎ويهدف تعديل المناخ الي دراسة العلاقة بين المناخ ‏والزراعة والهياكل المعدنية والحاصلات البستانية والمحاصيل غير التقليدية وتعديل الغازات ‏ويجري دراسات علي تطوير مناخ الصوب من تهوية وتبريد وتدفئة وتظليل وذلك لاطالة موسم ‏النمو داخل الصوب مع الوصول الي افضل نموذج رياضي لتحديد طريقة التهوية وتوزيع ‏الضوء ودراسة إمكانية التبريد الأفقي للصوب ذات المراوح وكذلك إدخال محاصيل غير ‏تقليدية بما يتلاءم مع الظرف المناخية وكيفية تعديل المناخ بما يتلاءم مع احتياجاتها. ويعقد ‏المعمل دورات تدريبية على الزراعة المحمية.‏
ومن الاتجاهات المرتبطة بالمناخ الدقيق هو الزراعة الحيوية ، حيث انه فى السنوات ‏الأخيرة زاد الاتجاه لخفض كميات الكيماويات فى الزراعة بصورة واضحة ، حيث ان الادراك ‏الجيد للعلاقة بين الكائنات الدقيقة المحيطة بالنبات أو فى مكمورة المخلفات سيعمل على زيادة ‏اهمية هذا المجال واجراء التطبيقات المناسبة لتعظيم الانتاجية. ‏
-------------------------
مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي