بالتكنولوجيا نتحكم في جودة زيت الزيتون

تشير الأبحاث الحديثة إلى أن مرحلة الخلط بالعجانة خلال عملية إنتاج زيت الزيتون تلعب دورًا محوريًا في تحديد التركيب الفينولي للزيت، خاصةً السكويريويدات، وتؤثر عوامل مثل درجة الحرارة، الوقت، التعرض للأكسجين، وإضافة الماء أثناء العجن على محتوى الزيت من المركبات الفينولية، التي ترتبط مباشرةً بالخصائص الحسية والصحية لزيت الزيتون البكر الممتاز.
أثناء عملية الخلط، تتحول الجزيئات الأكبر حجمًا، مثل الأولوروبين والليجستروزيد، التي تُنتجها ثمار الزيتون بشكل طبيعي، عبر تفاعلات إنزيمية إلى مركبات أصغر ذات نشاط حيوي أقوى، مثل الأوليوكانثال والأولياسين، التي تمنح الزيت حدّته ومرارته وتُعزز قدرته المضادة للأكسدة.
ويؤثر الخلط بشكل جوهري على الطعم، الاستقرار، والقيمة الغذائية للزيت، مما يجعله غنيًا بالفينولات التي تحقق فوائد صحية كبيرة.
إلى جانب دور الفينولات في تعزيز مذاق الزيت، وخصوصًا النكهة الخضراء والمرارة المحببة للمستهلك، تُساهم السكويريويدات في رفع القيمة الصحية لزيت الزيتون البكر الممتاز.
لهذا السبب، تم تطوير برنامج متخصص في معاصر الزيتون بين عامي 2019 و2022، يهدف إلى تحسين استخلاص الفينولات عبر دراسة تأثير التأخير في العجانات، ومدى حساسية التحول الحيوي الأنزيمي وفقًا لصنف الزيتون.
من خلال التجارب، ظهر أن الصنف الجيني للزيتون هو العامل الأكثر تأثيرًا على التركيبة الفينولية للزيت، إذ لا يمكن تطبيق درجة حرارة أو وقت واحد لجميع الأصناف بنفس النتائج.
فقد أظهرت دراسات زراعة عشرات الأصناف تحت نفس الظروف اختلافات كبيرة في محتوى الفينولات، حيث أن زيت الأربيكينا، المعروف بانخفاض محتواه الفينولي، سجل نتائج غير متوقعة في بعض البيئات، مثل صحراء ألميريا في الأندلس والبرازيل، إذ تجاوز مستوى الفينولات 1000 ملليجرام لكل كيلوجرام، مما يؤكد دور الظروف المناخية والزراعية في تعزيز تخليق الفينولات.
إلى جانب التأثير البيئي، يُؤثر الاستقرار التأكسدي بشكل مباشر على جودة زيت الزيتون، حيث تختلف كفاءة المركبات الفينولية في تثبيت الزيت وحمايته من التأكسد، وفقًا لتركيبها الكيميائي، على سبيل المثال، زيت أربيكينا يحتوي على الأولياسين والأوليوكانثال بنسبة أعلى، لكنه لا يُثبت الزيت بنفس كفاءة الألوروبين غلوكوزيد الموجود في زيت بيكوال، ما يؤثر على المذاق وقابلية التخزين.
كما أن درجة حرارة المعالجة تلعب دورًا جوهريًا، حيث أظهرت التجارب أن درجات الحرارة المعتدلة بين 20-30 درجة مئوية تُعزز استخلاص الفينولات، بينما يؤدي ارتفاع الحرارة إلى تدهور المركبات الفينولية، إضافةً إلى ذلك، لوحظ أن إزالة الأكسجين أثناء الاستخلاص يُقلل من تحلل الفينولات، حيث أظهرت بعض الاختبارات الصناعية باستخدام التفريغ الهوائي زيادةً تتراوح بين 25% إلى 48% في محتوى الفينولات، مما يُثبت فعالية تقنيات التحكم في الأكسجين للحفاظ على الجودة.
أما فيما يتعلق بإضافة الماء أثناء الطحن والعجن، فقد كشفت الأبحاث أن الماء يمتص المركبات الفينولية من الزيتون، مما يؤدي إلى انخفاض محتوى الفينولات في الزيت المستخرج، لذا يُفضل تقليل إضافة الماء قدر الإمكان للحفاظ على المركبات الفينولية.
أخيرًا، تبرز تقنيات الاستخلاص الحديثة، مثل الحقول الكهربائية النبضية، الموجات فوق الصوتية، والموجات الدقيقة، كحلول واعدة لرفع مستويات الفينولات وزيادة الإنتاجية دون التأثير السلبي على الطعم، مما يُمكّن المنتجين من تحقيق أعلى جودة ممكنة من زيت الزيتون البكر الممتاز.