موقع الأرض

علاء عزوز للإرشاد الزراعي ..؟

-

طال انتظار قرارات المحاسب السيد القصير وزير الزراعة، لتغيير رؤوس قطاعاتها، حتى ظن المتابعون أن كثرة النفخ في الزبادي "أفسده"، ليفاجئ من يظنوا أنهم يرون جيدا من خارج الملعب، بقرارات لم يكونوا هم أنفسهم يحلمون بها لصالح الوزارة التي شاخت، وهد العطب مفاصلها. القرار الأول كان الاستعانة بالمهندس مجدي عبد الله لرئاسة قطاع الهيئات وشؤون مكتب الوزير، وهو القطاع الذي يضبط أداء جميع زوايا مركبة الوزارة، هائلة الحجم، مترامية الأطراف، متباعدة الخلايا، كما قد تخرج منه فتائل إشعال الغيرة وتأجيج الخلافات، أو تُصرَف منه كبسولات التهدئة، وتصدر عنه إشارات العمل المتناغم. واليوم، يفاجأ المتطلعة أعينهم، والخافقة قلوبهم، بهدف من "القصير" لم يكن في الحسبان، متجسدًا في قرار تعيين الأستاذ الدكتور علاء عزوز، وكيل مركز البحوث السابق، رئيسا لقطاع الإرشاد، الذي ناخ، وشاخ، ليُصاب معه قطاع الزراعة المصرية بالتحلل والضياع. - لماذا قطاع الإرشاد؟ * هذا القطاع منوط بترجمة نتائج بحوث مركز البحوث الزراعية، بمعاهده، ومعامله، ومحطاته، إلى نشرات، شبه يومية، أو أسبوعية، أو موسمية، وتوزيعها على مراكزه التي يبلغ عددها في مصر، 300 مكتب، تركها وزراء سابقون كأشاك ولادة خاوية من الأطباء والأسرة، لتظل بها أعداد من الموظفين الإداريين، الذين لا يعلمون الفرق بين أعراض العطش ومصائب التغريق. - كان هذا القطاع في السابق يفتخر بكتيبة يعد قوامها بمضاعفات الألف، وميزانية تُقدَر بالمائة مليون سنويا، ليصيبه التسرب والإهمال، بزوال العزوة ليعد المرشدون حاليًا بالعشرات، وتقدر الميزانية بأقل من ثمن فواتير الهاتف في مراكزه ال 300. - لم يكن الفلاح المصري سابقًا يعرف محلات بيع الأسمدة والمبيدات، حيث لم تكن تتح إلا كمحل في كل مركز، وربما محافظة، لكنه أي الفلاح، كان يعتز بصداقة المرشد، الذي كان مُدرَبا ك"طبيب نباتات"، يُشخِّص العلة، ويصف الدواء، ليصرفها الفلاح من الجمعية الزراعية، أيام كنا ننعم بمنظومة تعاون زراعي تدعو للفخار. - قطاع الإرشاد في وزارة الزراعة تحديدا، ليس مجرد كلمة لفظية دارجة، ولا يجب أن تتحلل مثلما تحلل الإرشاد الديني والثقافي والاجتماعي والصحي في جميع الوزارات، لأن الأول معني بسد ذرائع الجوع، الذي يفجر كل الأعراض الداعية لتدخل الإرشادات الأخرى المشار إليها. - ولمن لا يعلم، فإن قطاع الإرشاد الزراعي، إذا صلُح حاله، معني بتدريب مهندسين شباب، لتأهيلهم كاختصاصيين نباتيين، ولدى وزارة الزراعة من اللجان والقطاعات والمشاريع الإنتاجية والمحطات البحثية والحقلية، والمعاهد والمعامل، ما يكفي لتخريج دفعات شهرية بالآلاف ليكونوا "مرشدين مسلحين بالأدوات التقنية والعلمية الخبيرة"، لإنجاز مهمة "التشخيص ووصف العلاج". - وإذا حانت خطوة صرف العلاج، فلدى الوزارة صندوق هيئة الموازنة الزراعية، الذي يُنتِج من المخصبات، ما يعين على زيادة منافذه في جميع الإدارات الزراعية، كما أن مركز البحوث لديه وحدات ذات طابع خاص في معاهده، إضافة إلى معمل الزراعة العضوية، وهي كفيلة بتأدية الغرض ذاته، وهي مخصبات مأمونة، وأسعارها منافسة، لضمان خفض تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعي. - لا تكتمل خطوة إحياء مراكز الإرشاد، دون إحياء منظومة التعاون، التي يخولها القانون بإنشاء شركات تهدف إلى الربح، لتوسيع تعاملها مع القطاع الخاص، وذلك بشراء كل مستلزمات الإنتاج، كأسمدة، ومبيدات، ومخصبات، وبذور، ومنظمات نمو، وما أكثر الشركات الموثوق فيها، في هذا المجال، ولدى "التعاون" المال الكافي، وسابقات الخبرة في دعم الفلاح. - وإذا ما وجد الوزير، صاحب الهيبة الحقيقية، عوزا في ميزانية "الإرشاد"، ، فهو الوحيد المخول قانونا بإصدار قرار وزاري لإنشاء حساب خاص لصالح قطاع الإرشاد، ويمكن أن يكون صندوقا بتشريع من البرلمان، على أن يحصل على تمويله من: لجنة المبيدات، لجنة المخصبات، والمعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات"، ثم إصدار قرار بإضافة رسم قدره 2 جنيه فقط على كل شيكارة سماد مدعم، أو بحث إضافة 5 جنيهات لصالح الإرشاد على رسوم الخدمات الزراعية الأخرى، مثل "نقل الحيازات"، وغيرها. - الدكتور علاء عزوز، الذي تعرض للظلم نتيجة "الغيرة"، واحد من كفاءات مركز البحوث الزراعية، الذي يملك من الحكمة، والعلم، والرؤى الخبيرة، ما يعينه على إحياء قطاع الإرشاد، شرط تحفيز كل الخلايا ذات الصلة، ومنها: معاهد ومعامل ومحطات مركز البحوث، المنوط بها تغطية الفجوات البحثية، لتطبيق ما يناسب مقتضى حال الزراعة المصرية. - ولا يخفى على وزير الزراعة، ولا على الدكتور علاء عزوز، أن مصر تستورد أغذية بما قيمته 160 مليار دولار سنويا، ولم يتجاوز سقف صادرتها الغذائية الزراعية 5.7 مليار دولار، "طازجة ومصنعة". - إذا صلح الإرشاد، صح الإنتاج، ولا حياة ولا رفاهية بدون المساهمة في رفع أيادي المنتجين فوق أيادي المستوردين، فوراء كل مُنتِج فرص عمل جديدة، وليس وراء الثاني سوى دفع المزيد من الخريجين إلى كراسي المقاهي، وكابينة "التوكتوك".