موقع الأرض

نقوط فني واجب لوزير الزراعة الجديد

-

على نهج العقلاء، نشارك في فرح إخلاء قصر وزارة الزراعة من كتيبة جمدت فيه الإبداع، وأعدمت في قطاعاته الإنجاز، وزرعت في مكاتبه الكراهية والعنصرية والفُرقة، حتى كانت النتيجة: صفرا في باب الإنتاجية، وهدرا لأموال وزعت كمكافآت بلا إنجاز، وحوافز دونما استحقاق.

وعلى نهج الكرام، نشارك في حفل تتويج الوزير الجديد، بنقوط فني، نتعشم في أن يكون نافعا، وحسبنا أننا ننطلق من قاعدة شرعية تأمر باستباق الخيرات.

ولأن العريس/ الوزير الجديد محاسب من العيار "الثقيل"، وذا شخصية قوية ثابتة، وله باع ليست قصيرة في مجال الاقتصاد التنموي، سواء الصناعي أو الزراعي، فسنجتهد في أن يكون النقوط نافعا له، إذا أراد، وأظنه ممن يستمعون القول فيتّبعون أنفعه للناس والوطن.

- أول ورقة في مظروف النقوط، نذكِّره فيها بأن حقيبته الجديدة، معنية بإنتاج الغذاء (نباتي، حيواني، داجني، سمكي)، أي أنه وزير الأمن القومي الغذائي في دولة تستورد غذاءا بنحو 160 مليار جنيه سنويا، وبها أكثر من 30 مليون عامل زراعي، يحرثون ويُفلِحون 9.5 مليون فدان في ثلاث عروات.

- ورقة النقوط الثانية، نسرد فيها بعض ممتلكات وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وأهمها: قطاع الاستصلاح الذي يزيد في حجمه وآلياته على حجم وزارة خدمية متكاملة، وقد أيده الله بنصر حينما جند له نائبا بحجم المهندس مصطفى الصياد، الذي أبلى بلاء المخلصين في هذا القطاع.

- من بين الممتلكات: قطاع الإنتاج الذي يملك 37 ألف فدان في الفرافرة، و24 ألف فدان في الدلتا، والأخيرة تُروى بنحو 21 محطة رفع مياه بالكهرباء، وملحق بها عِزَب وعقارات و26 محطة تسمين مواش، لها مصنع أعلاف في المنيا بطاقة 6 أطنان يوميا.

* هذه الممتلكات تحولت إلى خرابات، بأفاعيل فاعلين، يجب إبطال سحرهم فورا، لتحيا الأرض ويعود إليها النماء، ويصلح ما فيها من زرع وضرع.

- الشركة القابضة لاستصلاح الأراضي، وشركاتها التسع، التي تحول عمالها ومهندسوها وفنيوها وسائقوها وخبراؤها إلى عاطلين ومرضى نفسيين، بينما أصبحت عقاراتها ومخازنها "شوَن" خردة، بسبب إسناد أعمال الاستصلاح وتطهير الترع وإقامة البنى التحتية الزراعية في مصر إلى جهات أخرى، تمتلك المعدات، وتفتقد الخبرات.

- الإدارة المركزية للمحطات، التابعة لمركز البحوث الزراعية، المتناثرة في عموم محافظات مصر، تُركِت محطاتها بأراضيها وعقاراتها وثرواتها "نهيبة" لحفنة من الباحثين الصغار والمهندسين السائبين، الذين يؤجرونها لمزارعين خصوصيين، مع عدم تشغيلها واستثمارها وفقا للأهداف التي تم تأسيسها من أجلها.

* ممتلكات وزارة الزراعة بالذات، عصية على الحصر، لكن بإمكان وزير قوي، ليس من كتيبة "المشتاقين"، المتشوقين للقب "معالي الوزير"، والذين ساهموا بجدارة في تفكيك قطاع الإرشاد، الذي كان بمثابة قاطرة للتجريب والتنوير، فأصبح ركنا للمجاملات، بلا ميزانية، ولا مرشدين.

- أهم هذه الممتلكات أيضا مركزي البحوث الزراعية، ومركز بحوث الصحراء، وما بهما من قامات علمية، وقيم فنية وتكنولوجية، تم تعطيلها بفعل الإهمال، حيث خضع المركزان لتجريف منظم، بوأد العلماء، وتحنيط البحوث داخل أدراج، وفوق أرفف متربة، مع تبخير ميزانيات المركزين، لتعطيل الآليات، وتحوير المعاهد والمعامل إلى مفرمة لصغار الباحثين، وأندية معاشات للمتفرغين.

- المعمل المركزي للمناخ، أحد أهم ممتلكات وزارة الزراعة، وكلف الدولة الملايين لبنائه وتأثيثه وتجهيزه، وتم تأسيسه لأهداف علمية تتعلق بتغطية فجوة بحثية في مجال المناخ وتغيراته التي تقضي على أكثر من 20٪ من الناتج المحصولي، ومع ذلك، ظلت مصر الدولة الأكثر صمتا أمام أهوال التغيرات المناخية الحادة.

- ومن أهم الممتلكات الهرمة، الهيئة الزراعية المصرية، التي تنحدر من سلالة أرستقراطية عفية كانت تعرف باسم "الجمعية الزراعية المصرية"، وصدر قانون تأسيسها عام 1956، وكانت تتبع رئيس الجمهورية.

هذه الهيئة بقوانينها، التي مر عليها عدد من الوزراء لم يقرأوا كتبها، هي الكيان الحكومي الأول المنوط به استيراد "كل" مستلزمات الإنتاج الزراعي بدون أي رسوم ضريبية أو جمركية، سواء للوزارة، أو للقطاع الخاص، لكنها أصبحت الآن محبسا لعقاب الخارجين على حدود قلب الوزير ودماغه.

- ومع تزاحم الممتلكات وتداخل اختصاصاتها، تظهر من تحت الأنقاض أيضا: هيئة صندوق الموازنة الزراعية، وفي لائحة تأسيسها ما يجعل وزير الزراعة، مستندا إلى آليات تدفعه لنجاح مهمته، ومنها: عقد اتفاقية مع الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي بجمعياته التي يزيد عددها على سبعة آلاف جمعية، لشراء المخصبات والأسمدة السائلة التي تصنعها وحدة الهيئة، لصالح المزارعين، شرط توافر الإرادة، ورسم خريطة خصوبة جديدة لأراضي مصر.

- لا يخفى على خبراء الزراعة، أن مصر لا تملك أصنافا نباتية (فاكهة أو خضر)، تعفيها من تسديد ضريبة الابتكار عن كل شتلة أو بذرة أو حبة تقاو تستوردها، أو كرتونة عنب أو موالح أو فراولة أو بطاطس تصدّرها، على الرغم من امتلاك وزارة الزراعة المصرية: إدارة مركزية لإنتاج التقاوي، ومع ذلك نستورد بأكثر من ملياري جنيه بذور وتقاو خضروات سنويا.

* كما تملك الوزارة أكبر معهد متخصص في بحوث البساتين، قال مدير سابق له ذات يوم، إنه لا يملك ثلاثة آلاف جنيه في صندوقه، لتسجيل أصناف ابتكرها ورباها باحثون مصريون، أنفقت عليهم الدولة تعليما وتدريبا وتمويلا لبحوثهم، وأحيلوا إلى التقاعد، دون أن تُسجَّل أصنافهم لصالح مصر.

- يبقى في مظروف النقوط الواجب إلى وزير الزراعة الجديد، النصح بعملية تطهير واسعة دون تشف، وأيضا بلا تهاون، فالمدير الفني الواثق هو من يختار فريقا من الأقوياء ليسدد الأهداف في شباك التحديات.

- وما أحدثه الوزير السابق من الاستعانة بالأقارب والمعارف والحواريين والفاشلين، تكفّل بتعطيل قافلة الزراعة وتحلل آلياتها، وتجميد الحركة في قطاعاتها الفنية والمالية والإدارية، طمعا في تستيف فاتورة مجاملات مستقبلية لبلده سوهاج.

- ربما تكون الثقة في المحاسب السيد القصير، قد بُنيِت على ما لديه من قوة الشخصية، والحنكة الإدارية التي تعينه على إنجاز هذه المهمة بسرعة، كما أن الحكمة في تعيين المهندس مصطفى الصياد نائبا له، كفيلة بإعادة الروح إلى القصر الذي خيم الجهل على أروقته، وجمدت روح النطاعة سبل تقدمه، وفسخت العنصرية البغيضة روابط مبدعيه، فتراجعت هيبته، وتقزم دوره بدلا من أن يتحول إلى مقر وزارة سيادية.

- وآخر دعوانا: أحسنوا للزراعة ل"تحيا مصر"