موقع الأرض

بالأرقام وشهادة مسؤولين .. صعوبات التسويق تعرقل الزراعة وترجح إستيراد المحاصيل الزيتية

عباد الشمس
شيماء عبدالرحمن -

تقارير رسمية: مصر تستورد 97% من الزيت الخام .. ومساحات المحاصيل الزيتية لا تتعدى 3%

منتجى المحاصيل الزيتية : مساحات دوار الشمس قليلة .. وعدم تحديد الأسعار يجعل الفلاح فريسة للتجار

مسؤولون : صعوبة تطبيق الميكنة ومشاكل التسويق معضلة "المحاصيل الزيتية".. ويجب وضع خطة وتطبيق الزراعة التعاقدية

تعد المحاصيل الزيتية من المحاصيل الهامة التى لا غنى عنها فى أى دولة وتتمثل زراعات المحاصيل الزيتية المنتشرة فى مصر فى ( فول الصويا –السمسم-عباد الشمس-الفول السودانى –زيت الزيتون- نبات "الكانولا) وبجانب هذه المحاصيل توجد محاصيل أخرى ثنائية الغرض والتى تزرع اساسا لتكون الزيوت فى المرتبة التانية مثل القطن والكتان والذرة.

ووفقا لتقارير رسمية، فزيوت الطعام تقدر نسبتها بـ"65%" من استهلاك الزيوت في مصر، والتي توزع ما بين 73% منها من زيت بذرة القطن وفول الصويا، و 14% من زيوت دوار الشمس، و13% لزيت الذرة و26% من الزيوت من منتجات زيوت المسلى النباتي، وهذه تعتمد في إنتاجها على زيت النخيل المستورد بنسبة 100%، والذي تقدر كميته بـ700 ألف طن سنويًا.

وبرغم  حاجاتنا الكبيرة للزيوت النباتية إلا أن إنتاجنا المحلى منه لا يشكل سوى نسبة بسيطة، ووفقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والأحصاء، فقد تراجعت معدلات الاكتفاء الذاتى من الزيوت النباتية الغذائية من 95% فى أوائل الستينيات إلى 60% فى أوائل السبعينيات إلى 30% فى أوائل الثمانينيات، ثم انخفضت إلى 13% فى 2009، لتستقرعند 5% حتى عام 2016.

وذكرت دراسة وتقارير أعدتها وزارة التموين والتجارة الداخلية أن مصر تستورد 97% من الزيت الخام من مناشئ مختلفة، حيث يبلغ ما تستورده مصر سنويا من الزيوت النباتية ما يتعدى قيمتة 1.5 مليار جنيه سنوياً.

ويرجع إنخفاض الإنتاج المحلى من الزيوت النباتية إلى قلة المساحات المنزرعة من المحاصيل الزيتية  مقارنة بحاجات الإستهلاك المحلى.

ووفقا لآخر دراسة أعدها الجهاز المركزى للتعبئة والأحصاء عن اقتصاديات الزيوت النباتية خلال الفترة من 2006 إلى 2016، فأن المساحة المحصولية المنزرعة من المحاصيل الزيتية، لا تتعدى 3% من إجمالى المساحة المحصولية فى مصر خلال 2015/ 2016.

وبحسب تصريحات صحفية للدكتور على ناصف، رئيس قسم المحاصيل الزيتية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، فيبلغ استهلاك المحاصيل الزيتية حوالى 2.6 مليون طنا سنويا، ويتم استيراد 2.1 مليون طن سنويا، بينما يقدر الإنتاج بحوالى 500 ألف طن.

 وأوضح الجهاز المركزى للتعبئة العامة والأحصاء أن مساحات المحاصيل الزيتية شهدت تراجعا خلال السنوات الماضية، حيث تراجعت مساحات محصول عباد الشمس من 73 ألف فدان فى 1993 إلى نحو 15.2 ألف فدان فى عام 2015- 2016، أما فول الصويا فتراجع من 100 ألف فدان فى 1992 إلى 32 ألف فدان، بينما تراجعت مساحة محصول الكتان من 44 ألف فدان فى 1991 إلى 12 ألف فدان فى العام المالى 2015 – 2016، كما شهد القطن والذرة الصفراء تراجع مساحاتهما مقارنة بما كانت عليه فى فترة التسعينات، أما محصول الفول السودانى فبلغ 134 ألف فدان فى المتوسط طوال العقدين الماضيين.

ووفقا لتقارير صادرة عن وزارة الزراعة، خلال العام الماضى، فقد بلغت  المساحة المنزرعة من فول الصويا حوالى 19 ألف فدان بينما نستورد منه ما يزيد عن 2.8 مليون طن سنويًا.

أما الفول السوداني فيبلغ المساحات المنزرعة منه حوالى 156 ألفاً و390 فداناً والذرة 2.5 مليون فدان، ودوّار الشمس 16 ألف فدان، بينما يبلغ ما يزرع من محصول السمسم حوالى 64 ألف فدان، أما نبات الكانولا فلا تتجاوز مساحتها حوالى 15 آلاف فدان.

خطط منقوصة

وعلى الصعيد الحكومى، فقد أعلنت الجهات المعنية بالشأن الزراعى والغذائى عن خطط متنوعة تهدف للتوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية، ومن بين هذه الخطط التوسع فى زراعة هذه المحاصيل فى مشروع استصلاح المليون ونص فدان.

كما أعلنت وزارات الزراعة والتجارة والصناعة والتموين كما فى شهر مايو من العام الماضى المشاركة فى تنفيذ أول خطة لمراجعة التركيب المحصولى الزراعى للتوجه نحو التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية لإنتاج الزيوت، حيث تضم قائمة المحاصيل «الذرة والكانولا ودوار الشمس وبذور القطن وفول الصويا»، لتقليل العجز فى الاحتياجات المصرية من الزيوت.

ومن جهته، فقد أعلن وزير التموين، على مصلحى، أن خطة الحكومة لصناعة الزيوت فى مصر تستهدف توفير30% من احتياجاتها السنوية وتقليل الفجوة الاستيرادية مقارنة بـ97%، مشددًا على ضرورة تطوير المصانع الحكومية والخاصة بحيث يكون لدينا أراض تزرع فول صويا وعباد شمس ثم نعصر الزيت فى هذه المصانع.

وفى نفس الإطار، أعلنت وزارة الزراعة عن اتخاذها لعدة إجراءات تنفيذية من أجل التوسع فى زراعة هذه المحاصيل ومنها مراجعة التركيب المحصولى الزراعى للمحاصيل الزيتية، والتوسع فى زراعة المحصول الزيتى بالأراضى المستصلحة الجديدة، وزراعة المحصول بمشروع غرب المنيا لاستخلاص الزيتوت، وعمل برامج تربية وأصناف مبكرة النضج لزيادة الإنتاج، والتوسع فى زراعة "الذرة والكانولا ودوار الشمس وبذور القطن وفول الصويا"، وزيادة فى المساحات المنزرعة من محصول الزيتون بالأراضى المستصلحة الجديدة، التوسع فى عمل معاصر تصنيع زراعى للمساحات المجمعة وخاصة الزيتون، والتوسع فى نشر نمط الزراعة المكثفة، يسمح باستخدام النظم الآلية فى الحصاد لتحقيق إنتاجية أعلى، زيادة المساحات المنزرعة بالسمسم والفول السودانى، ودورا الشمس بالأراضى الجديدة، والوادى الجديد، والتوجه فى زراعة نبات "الكانولا" فى مصر يساهم فى زيادة الإنتاج، والتوسع فى زراعات الفول الصويا وعباد الشمش محمل على بعض الزراعات، والتوجه لزراعة نخيل الزيت، بعد تنفيذ خطة بحثية لتربية هذا النوع من النخيل.

وبرغم أن كل هذه الخطط تستهدف لزيادة الرقعة الزراعية من المحاصيل الزيتية ألا أنها لم تتضمن إجراءات تنفيذية لحل عددا من المشكلات الرئيسية التى كان لها دورًا كبيرًا فى عزوف الفلاحين وغياب رغبتهم فى التوسع فى هذا النوع من المحاصيل.

ومن أبرز تلك المشكلات التى دفعت الفلاح لعدم الأهتمام بالمحاصيل الزيتية هى صعوبة التسويق وتعرض أصناف المحاصيل الزيتية لأمراض تصيبها.

عقبة التسويق وقلة إنتاج الأصناف

تعد قلة إنتاج بعض الأصناف وعدم وجود أصناف مقاومة للأمراض، فضلا عن مشاكل التسويق من أبرز المعوقات التى تحد من التوسع فى زراعة محاصيل فول الصويا والسمسم والفول السودانى وعباد الشمس.

وأوضح احمد صالح، مدير الجمعية العامة للمحاصيل الزيتية، أن عدم تحديد جهة إستيلام المحصول وعدم توفير سعر مناسب  له جعل المزارعين ينصرفون عن زراعة المحاصيل الزيتية، مضيفا أن الشركات القابضة تطرح أسعار أقل من سعر السوق  الامرالذى يؤول بالمزارع إلى الوقوع تحت رحمة التاجر الذى يقوم بدوره بشراء المحصول بسعر لا يتماشى ما يريده الفلاح، لذا يتجه الفلاح لزراعة محاصيل أخرى بعيدًا عن المحاصيل الزيتية.

وتابعفى تصريحا له  لـ"الأرض" "مشاكل تسويق فول الصويا أقل من عباد الشمس، فعباد الشمس يجب ان يصل للمصنع بسرعة واذا لم يصل فأنه يتلف ويخسر الفلاح، لكن الوضع بالنسبة لفول الصويا مختلف، فالفلاح اذا لم يتمكن من تسويقه لأحد مصانع فأنه يقوم ببيعه لأحد المطاعم أو لمصانع البرجر أو لمحلات العطارة، أى هناك أكثر من جهة يمكنه أن يسوق محصوله إليها أما فى حالة عباد الشمس فلا مكان له سوى مصنع يتوافر به عصارة، لذلك نجد أن مساحات عباد الشمس فى مصر قليلة وتكاد تكون ميتة".

وشدد على ضرورة إعلان سعر مناسب للمحصول يتناسب مع أسعار السوق مع تحديد المصانع التى ستتولى استيلامه، مؤكدا أن تطبيق ذلك كفيل بتشجيع الفلاح على التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية بمختلف أنواعها.

ومن جهته، أكد على ناصف، رئيس قسم المحاصيل الزيتية بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، أن عدم وجود زراعات تعاقدية مع المزراع إلى المصنع، يعرقل التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية.

وأضاف، فى تصريحات صحفية، أن من ضمن العوائق الأخرى التى تعوق التوسع فى زراعة المحاصيل الزيتية هى عدم وجود جهة تسويقية معينة تتولى إستيلام المحصول.

صعوبات أخرى

وتواجه المحاصيل ثنائية الغرض والتى تزرع اساسا لتكون الزيوت فى المرتبة التانية مثل القطن والكتان والذرة، أيضا صعوبة فى تسويقها بجانب عوائق أخرى تحول دون التوسع فى زراعتها ومنها صعوبة تطبيق الميكنة نظرًا لتفتت الحيازات.

وأوضح وليد السعدنى، رئيس الجمعية العامة للقطن، أن زراعة القطن تواجه مشكلة فى تسويقه، مضيفا ان أساس مشكلة التسويق هى فى ارتفاع تكلفة الجنى اليدوى وتلوث الأقطان فى مراحل الزراعة والانتاج، الأمر الذى يقلل من اجتذاب الشركات له.

وأضاف ان اجهزة الدولة تجرى حاليا تجربة لتقليل نسبة تلوث الأقطان فى أربع محافظات بهدف تحسين صورة القطن المصرى وجذب الشركات العالمية له.

وشدد، فى تصريح سابق لـ"الأرض"، على ضرورة أن تسعى الدولة فى صناعة آلات جنى تتلائم مع أصناف القطن المصرى، مؤكدًا أن تصنيعها سيوفر الكثير من المليارات التى تصرف على الجنى اليدوى، وبالتالى ستكون أسعار القطن جاذبة للشركات سواء محلى أو تصدير، وسيشهد توسع فى زراعته.

ولا يشكل قلة الميكنة معضلة أمام التوسع فى زراعات القطن فقط، بل فى زراعات الكتان أيضا، حيث أوضح على محمد الدغيدى، عضو بالجمعية العامة لمنتجى الكتان، أن عملية تقليع الكتان يكلف الكثير من الأموال نظرا لأنها تتم  بشكل يدوى.

وأضاف لـ"الأرض" أن مشكلة الميكنة ليست المشكلة الوحيدة التى تواجه المحصول موضحا أن خصخصة القطاع العام وظهور التجار والوسطاء جعلوا زراعته تتراجع .

وأكد أن التجار يتحكمون فى أسعار المحصول وأحيانا يطرحون سعر لا يتناسب مع تكاليف زراعة المحصول لذلك لا يتشجع المزارع على زراعته.

 وناشد "الدغيدى" المسؤولين الاتجاه لميكنة زراعة وحصاد الكتان بجانب منح المزارع قروض بشكل ميسر وتوفيراراضى لزراعة المحصول.

وشدد على ضرورة تطبيق التسويق التعاونى مضيفا أن تطبيقها سيساعد فى التخلص من تحكم التجار فى أسعار الكتان.

أما بالنسبة للذرة، فيشهد المحصول مشاكل فى تسويقه، وبحسب ما ذكره حسين عطيه، رئيس جمعية تسويق المحاصيل الحقلية بالغربية، فأن مشكلة مزارعى الذرة تكمن فى شركات الأعلاف التى تفضل الإستيراد عن شراء المنتج المحلى نظرًا لانخفاض سعر الذرة المستورد.

وأوضح "عطية" لـ"الأرض" أن سبب انخفاض أسعار الذرة المستورد عن المحلى حيث قال:" الدول الأجنبية يتوافربها مقومات الطبيعية من مياه ومساحات كبيرة صالحة للزراعة  واستخدام الميكنة بجانب أن الحكومة تدهم المزارع، أما فى مصر فنجد أن مساحات الزراعة محدودة كما أن تفتت الحيازات يحول دون استخدام الميكنة بالشكل الأمثل، لذلك تكون تكلفة زراعة المحاصيل فى مصر أعلى من تكلفة زراعتها فى الدول الأخرى".

وشدد على ضرورة تطبيق الزراعة التعاقدية ووضع خطة تمكن من استخدام الميكنة فى الزراعة، مؤكدا أن تطبيقها سيحل مشاكل التسويق الزراعى.