ماذا لو ابتلع طفلك مادة سامة؟ .. بقلم: د. أمال صبري

لو كنت مسؤلةً في التربية و التعليم لأضفت مادة "الإسعافات الأولية" للمناهج الدراسية، في جميع المراحل، حسب القدرة الاستيعابية للتلميذ ثم الطالب.
فكثيراً ما يتعرض أناسٌ إلي أشياءٍ عرضية قد تفقدهم حياتهم، إذا لم يستطع المحيطون بهم إسعافهم خلال دقائق، خاصةً إذا كانوا أطفالاً.
فماذا نفعل لو ابتلع طفل مادة سامة من تلك الموجودة في منازلنا، مثل مساحيق النظافة، أو المواد الحارقة، التي قد تترك مفتوحة، أو أن تكون سهلة الفتح؟
ومن هذه السموم: المنظفات الكيميائية، المبيدات الحشرية، ملمعات المفروشات والدهانات والتنر، مزيلات البقع ومزيلات طلاء الأظافر، وغسولات الفم الطبية، هذا غير الأدوية والفيتامينات.
وكيف تعرف الأم أن طفلها تناول هذه المواد؟
ربما تشاهد بجوار الطفل إحدى عبوات تلك المواد فارغة، وتتأكد من وجود بقع للمادة على ملابسه، أو تظهر ألوان حول فمه، أو حروق بداخله.
ومن الأعراض التي تؤكد ابتلاع الطفل مادة سامة: سيلان اللعاب بغزارة، مع تغير رائحة الزفير، أو وجود ألم حاد في البطن أو قيء وغثيان دون ارتفاع درجة الحرارة، وأحياناً الهياج والقلق بشكل مفاجئ، أو حدوث تشنجات أو تغير في وعي الطفل دون ارتفاع الحرارة أو صعوبة التنفس.
وعلى الأم حينها أن تقوم بنزع ما أمكن من المادة السامة من فمه وتحافظ على أي بقايا لها وعبوتها الفارغة وأن تحتفظ بقيء الطفل إذا وجد لعرضها على الطبيب في مركز السموم حتى يتيسر تحليلها، لوصف العلاج المضاد في الحال.
يجب أن تتصل الأم بمركز السموم لتلقي التعليمات اللازمة لحين وصولها إليه أو وصول الإسعاف.
وهنا يأتي دور الإسعافات الأولية التي يجهلها الكثيرون، والتي تهدف إلى تخفيف المادة السامة بأقصى سرعة ممكنة وطلب المساعدة الطبية والمحافظة على سلامة التنفس والدورة الدموية لدى المصاب لحين وصول الإسعاف.
وسوف نتناول في هذه الحلقة المواد المطهرة والمنظفات المنزلية.
فإذا كان ما شربه الطفل أحد المنظفات المنزلية مثل الكلور, الفلاش أو البوتاس، فستكون الأعراض: حروقا على الفم، وآلاما شديدة بالبلعوم والصدر نتيجة احتراق المريء.
فإذا كان الطفل واعيا ويتنفس بصورة طبيعية، فلابد من إعطائه لبنا باردا، مع بياض البيض، وإذا كانت الحالة مصحوبة بألم، فيجب أن يعطى مسكنا قويا.
وفي هذه الحالة، يمنع إعطاء الطفل أي أحماض، مثل الخل وعصير الليمون في حالات التسمم بالقلويات مثل الفلاش.
ومن الخطورة أيضا، محاولة إجبار الطفل على التقيؤ، لما ينتج عنه من حدوث حروق في المريء والمعدة، وكذلك يُمنع غسيل المعدة.
أما إذا كان الطفل فاقدا للوعي، فيجب فحص تنفسه وعمل الإنعاش القلبي الرئوي إذا لزم الأمر، وسوف نتعرض له فيما بعد.
أما المواد المطهرة والمعقمة مثل الفينيك، والديتول أو الفورمالين، فثبت أن كثرة التعرض لها باللمس أو الاستنشاق قد يؤدي إلى التسمم، لذا يجب الحرص على تهوية المكان جيدا عند استخدامها.
وإذا بلعها الطفل يفضل إعطائه شرابا يعينه على التقيؤ، مثل "عرق الذهب"، وذلك بناءً على إرشادات الطبيب إذا كان الطفل واعيا.
وفي حالة تلوث جلد الطفل، يُغسل بماء وفير ثم كحول نسبته 10%، والأفضل بزيت الزيتون أو الخروع ونقله فوراً إلى المستشفى.
ودائماً نؤكد على أن الوقاية خير من العلاج، فبإمكاننا تجنب كل هذه الحوادث التي قد تودي بحياة أطفالنا بوضع الأدوية والمواد السامة في عبوات محكمة الإغلاق وبعيدة عن متناول أيديهم، والتخلص من الأدوية غير اللازمة فوراً بتفريغها في البالوعات وعدم وضع السوائل الخطيرة في غير عبواتها المخصصة وعدم وضعها في أواني وزجاجات الطعام الفارغة.
ونسأل الله السلامة والعافية لنا ولأطفالنا.