أزمة البصل تضرب الفلاح وتهدد استقرار الأسواق

تمثل أزمة البصل واحدة من أخطر التحديات التي تواجه سوق الخضروات في الوقت الراهن، لما لها من تأثير مباشر على الأمن الغذائي ودخل الفلاح المصري واستقرار الأسعار لدى المستهلك. فرغم استمرار موسم البصل في الحقول والأسواق، فإن المشهد العام يعكس خللًا واضحًا بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع، ما يضع المزارع في دائرة الخسائر ويهدد استدامة زراعة هذا المحصول الاستراتيجي.
ويرى أشرف زكريا، أحد كبار تجار سوق العبور، أن الخضروات والفاكهة تمثل العمود الفقري للمنظومة الغذائية في مصر، إلا أن المحاصيل الكبرى مثل الطماطم والبطاطس والثوم والبصل يجب أن تحظى باهتمام خاص، نظرًا لارتباطها المباشر بحياة المواطن اليومية ودورة الاقتصاد الزراعي.
وأوضح زكريا أن أزمة البصل لا ترتبط بنقص الإنتاج كما يعتقد البعض، بل تعود في جوهرها إلى الارتفاع غير المسبوق في تكاليف الزراعة والتداول. فقد شهدت إيجارات الأراضي الزراعية، وأسعار الشتلات، وتكاليف العمالة، والأسمدة الكيماوية، والمبيدات الزراعية، بالإضافة إلى مصروفات التقليع والنقل، زيادات متتالية، رفعت تكلفة إنتاج الكيلو الواحد إلى نحو 7 جنيهات، في وقت يُباع فيه أحيانًا بأقل من 4 جنيهات، ما يعني خسارة مباشرة تصل إلى 3 جنيهات في كل كيلو.
أزمة البصل بين الحصاد والتسويق
وتزداد الأزمة تعقيدًا في مرحلة ما بعد الحصاد، حيث يتحمل المزارع أعباء إضافية تشمل إيجارات المفارش، وأعمال الرص والتغطية، والمراودة، خاصة في حالة البصل المقور المزروع في الأراضي الطينية والجبلية. هذا النوع من البصل يتم تقليعه مبكرًا ولا يتحمل التخزين لفترات طويلة، ما يفرض ضرورة تسويقه سريعًا، إلا أن الأسعار السائدة لا تتماشى مع متطلبات المصانع أو آليات العرض والطلب داخل السوق.
وأكد زكريا أن استمرار هذا الوضع يهدد بخروج عدد كبير من المزارعين من دائرة زراعة البصل، ما قد يؤدي مستقبلاً إلى نقص المعروض وارتفاع الأسعار بشكل حاد، وهو ما يضر بالمستهلك في نهاية المطاف.
وشدد على أهمية فتح حوار جاد ومتوازن يراعي مصالح جميع الأطراف، من خلال تبني سياسات تسويقية عادلة، وتدخلات تنظيمية تضمن سعراً عادلاً يغطي تكلفة الإنتاج ويحقق هامش ربح معقول للفلاح، دون تحميل المستهلك أعباء إضافية، حفاظًا على استقرار السوق واستدامة الإنتاج الزراعي.

