الأرض
موقع الأرض

تعرف على جهود «الزراعة» لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح

الاكتفاء الذاتي من القمح
كتب - إسلام موسى: -

يقترب حلم الاكتفاء الذاتي من القمح في مصر من التحول إلى واقع ملموس، بعدما كان لسنوات طويلة مجرد طموح تصطدم به فاتورة الاستيراد الضخمة وضغوط الأسواق العالمية، إذ تشهد الدولة خلال الأعوام الأخيرة تحركات مدروسة تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح عبر التوسع الأفقي والرأسي في زراعة المحصول، والاعتماد على أصناف عالية الإنتاجية، وسياسات زراعية أكثر كفاءة.

وتكشف المؤشرات الرسمية عن قفزة واضحة في إنتاج القمح، حيث أظهرت النشرة السنوية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح خلال عام 2024 بلغت 44.3%، في تطور يعكس نتائج الجهود الحكومية لدعم المحصول الاستراتيجي الأهم.

الاكتفاء الذاتي من القمح يقترب

وأوضحت البيانات أن متوسط نصيب الفرد من القمح ارتفع إلى 162.9 كيلوجرام سنويًا خلال عام 2024، مقارنة بـ158.8 كيلوجرام في عام 2023، بنسبة زيادة بلغت 2.6%، وهو ما يعزز قدرة الدولة على تقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.

ومع دخول عام 2025، بدأت نتائج هذه السياسات تنعكس بوضوح على فاتورة الاستيراد، حيث تراجعت واردات مصر من القمح بنسبة 25% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، مسجلة 2.6 مليار دولار مقابل 3.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفق بيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، بما يمثل وفرًا يقترب من 800 مليون دولار.

وتشير هذه الأرقام إلى أن تقليل الاستيراد لم يعد هدفًا نظريًا، بل مسارًا عمليًا تدعمه خطط واضحة، في مقدمتها التوسع في استصلاح الأراضي الصحراوية، وزيادة إنتاجية الفدان من خلال استخدام أصناف محسنة، وتطوير نظم الري الحديثة، إلى جانب تقليل الفاقد أثناء الحصاد والتخزين.

وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن خطة طموحة للموسم الحالي، تستهدف زراعة 3.5 مليون فدان قمح، ضمن رؤية شاملة لضمان موسم ناجح.

وأكد علاء فاروق، وزير الزراعة، أن الدولة وضعت القمح على رأس أولوياتها باعتباره محصولًا استراتيجيًا لا غنى عنه للأمن الغذائي.

وشدد الوزير على توجيه قيادات الوزارة والمراكز البحثية والمديريات الزراعية للعمل المتواصل مع المزارعين، منذ مراحل الإعداد للزراعة وحتى الحصاد والتوريد، مع إزالة أي معوقات قد تواجههم، لضمان تحقيق المستهدفات المعلنة.

نشر الوعي بالممارسات الزراعية الحديثة

كما ركزت الخطة على نشر الوعي بالممارسات الزراعية الحديثة، مثل الزراعة على مصاطب والتسوية بالليزر، لما لها من دور مباشر في زيادة الإنتاجية وترشيد استهلاك المياه، إلى جانب التوسع في استخدام الميكنة الزراعية الحديثة، بما يحقق الاستغلال الأمثل لوحدتي الأرض والمياه.

وتحمل زيادة الإنتاج المحلي من القمح مكاسب استراتيجية عديدة، أبرزها تخفيف الضغط على العملة الصعبة، وضمان استقرار أسعار الخبز والسلع المرتبطة به، ودعم الفلاح المصري بأسعار توريد عادلة، فضلًا عن تقليل التأثر بالتقلبات العالمية في أسواق الحبوب.

وتؤكد هذه المعطيات أن طريق الاكتفاء الذاتي من القمح لم يعد بعيدًا، بل أصبح خيارًا واقعيًا تفرضه الضرورة الاقتصادية، وتدعمه إرادة سياسية واستثمارات زراعية متواصلة، بما يعزز الأمن الغذائي ويحقق تنمية زراعية مستدامة.