الأرض
موقع الأرض

إعادة تدوير مخلفات الدواجن يخفض تكاليف الإنتاج الزراعي

اسلام موسى -

أوضحت الدكتورة زينب فاروق، الباحث الأول بقسم بحوث تربية الدواجن بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني ، مركز البحوث الزراعية، أن إعادة تدوير مخلفات الدواجن تمثل أحد المحاور الاستراتيجية لدعم الأمن الغذائي وحماية البيئة في ظل التوسع المتسارع بصناعة الدواجن، التي تُعد من أهم مصادر البروتين الحيواني منخفض التكلفة للمواطنين.

وأكدت أن الإدارة غير العلمية لتلك المخلفات تشكل عبئًا بيئيًا وصحيًا، في حين أن استغلالها بأساليب حديثة يفتح آفاقًا واسعة لتحقيق عائد اقتصادي مستدام.

تشهد صناعة الدواجن نموًا متواصلًا، يصاحبه ارتفاع كبير في حجم المخلفات الناتجة عن التربية والتسمين وعمليات الذبح والتجهيز، وعلى رأسها زرق الدواجن، إلى جانب الريش والنافق ومخلفات المجازر.

وتشير الدراسات إلى أن هذه المخلفات، حال إهمالها، تسهم في تلوث التربة والمياه الجوفية، وانبعاث الغازات الضارة، وانتشار مسببات الأمراض، إلا أنها في المقابل تمتلك قيمة اقتصادية كامنة يمكن تعظيمها من خلال تقنيات إعادة التدوير الحديثة، بما يتماشى مع مفهوم الاقتصاد الدائري وتحقيق الاستدامة البيئية.

إعادة تدوير مخلفات الدواجن والاستدامة البيئية

تتميز مخلفات الدواجن بتركيبها البيولوجي والكيميائي الغني، حيث تحتوي على نسب مرتفعة من المادة العضوية والعناصر الغذائية المهمة، خاصة النيتروجين والفوسفور. ويُعد زرق الدواجن أكثر هذه المخلفات ثراءً غذائيًا، إلا أن سرعة تحلله وارتفاع محتواه النيتروجيني قد يؤديان إلى انبعاث الأمونيا والميثان، فضلًا عن احتمالية احتوائه على ميكروبات ممرضة وبقايا أدوية بيطرية، ما يستدعي معالجته بطرق علمية قبل الاستفادة منه.

تدوير زرق الدواجن لإنتاج السماد العضوي

ويعتبر التسميد الهوائي من أنجح الوسائل المستخدمة في معالجة زرق الدواجن، حيث تعتمد هذه التقنية على نشاط الكائنات الدقيقة في وجود الأكسجين لتحويل المادة العضوية غير المستقرة إلى سماد عضوي آمن وناضج.

وتتطلب هذه العملية ضبط نسبة الكربون إلى النيتروجين، والتحكم في الرطوبة ودرجات الحرارة، لضمان القضاء على مسببات الأمراض. ويسهم السماد الناتج في تحسين خواص التربة، وزيادة خصوبتها، وتعزيز قدرتها على الاحتفاظ بالمياه والعناصر الغذائية، مع تقليل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية ذات الآثار السلبية طويلة المدى.

التحويل الحيوي لمخلفات الدواجن إلى طاقة متجددة

أشارت الدكتورة زينب فاروق إلى أن الهضم اللاهوائي يُعد من أكثر التقنيات تطورًا في إدارة المخلفات العضوية، حيث يتم تحويل مخلفات الدواجن إلى غاز حيوي غني بالميثان يُستخدم في توليد الكهرباء والطاقة الحرارية.

وتساعد هذه التقنية في خفض تكاليف الإنتاج وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، فضلًا عن إنتاج سماد حيوي منخفض الحمل الميكروبي وثابت العناصر الغذائية، ما يجعله آمنًا للاستخدام الزراعي.

الاستفادة من ريش الدواجن كمورد غير تقليدي

يمثل ريش الدواجن أحد التحديات البيئية نظرًا لبطء تحلله الطبيعي، إلا أنه في الوقت ذاته يُعد مصدرًا غنيًا ببروتين الكيراتين. وقد ساهم التطور في التقنيات الحرارية والإنزيمية في تحويل الريش إلى مسحوق بروتيني عالي القيمة يُستخدم في صناعة الأعلاف، مما يقلل من الاعتماد على مصادر البروتين التقليدية ويعزز الاستفادة من المخلفات الصلبة بأسلوب صديق للبيئة.

تدوير مخلفات المجازر وتعظيم القيمة الاقتصادية

تشمل مخلفات مجازر الدواجن الدماء والأحشاء والأجزاء غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، والتي يمكن معالجتها حراريًا لإنتاج مسحوق اللحم والعظم ومسحوق الدم، وهي منتجات تتميز بارتفاع قيمتها الغذائية واحتوائها على نسب عالية من البروتين والمعادن. ويسهم هذا التوجه في تقليل الفاقد داخل سلسلة الإنتاج ورفع كفاءة الاستغلال الاقتصادي للموارد المتاحة.

تحديات التطبيق وآفاق التطوير

رغم المزايا المتعددة لإعادة تدوير مخلفات الدواجن، إلا أن تطبيق هذه المنظومة يواجه تحديات أبرزها ارتفاع التكاليف الاستثمارية الأولية، ونقص الوعي الفني لدى بعض المربين، وضعف البنية التحتية لجمع ونقل المخلفات، إلى جانب غياب معايير جودة موحدة لمنتجات إعادة التدوير.

وتؤكد الدكتورة زينب فاروق ضرورة تكثيف البحث العلمي، وتوسيع برامج الإرشاد والتدريب، ووضع أطر تنظيمية داعمة لضمان نجاح منظومة الإدارة المستدامة للمخلفات.

الخلاصة

تُمثل إعادة تدوير مخلفات الدواجن ركيزة أساسية لتحقيق التوازن بين زيادة الإنتاج وحماية البيئة، حيث يمكن تحويل هذه المخلفات من عبء بيئي إلى موارد اقتصادية تشمل الأسمدة العضوية والطاقة الحيوية والمنتجات العلفية. ويعزز هذا التوجه كفاءة استخدام الموارد ويدعم الاقتصاد الوطني، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو الاقتصاد الدائري.

ومع توفير الدعم الفني والتشريعي المناسب، تمتلك مصر فرصًا واعدة لبناء منظومة متكاملة لإعادة تدوير مخلفات الدواجن تخدم التنمية المستدامة.