كيف تنقذ الزراعة التعاقدية الأسواق من الانهيار السريع؟

تبرز الزراعة التعاقدية كطوق نجاة حقيقي لضبط منظومة الإنتاج الزراعي، وحماية المزارع من الخسائر، وإنهاء الفوضى السعرية التي تتكرر سنويًا في أسواق الخضر والفاكهة، وهو ما يؤكد أهمية تبني هذا النظام كخيار استراتيجي لا يحتمل التأجيل.
أكد المهندس محمود الطوخي، عضو الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي ورئيس الجمعية العامة لمنتجي الخضر والفاكهة، أن الزراعة التعاقدية لم تعد رفاهية، بل أصبحت ضرورة حتمية لتنظيم الإنتاج الزراعي.
وشدد على أنها الآلية الأهم لتحقيق التوازن بين العرض والطلب ومنع الانهيارات السعرية التي تضر بالمزارع والمستهلك على حد سواء.
وأوضح الطوخي أن غياب التعاقد المسبق مع المزارعين يدفعهم إلى التوسع العشوائي في زراعة محاصيل لا يحتاجها السوق، ما يؤدي إلى تخمة في المعروض مقابل ضعف الطلب، فتنهار الأسعار بشكل حاد، كما حدث خلال الموسم الحالي في عدد من المحاصيل، وعلى رأسها البطاطس والطماطم.
وأشار إلى أن تكرار هذه الخسائر يدفع المزارعين إلى العزوف عن زراعة بعض المحاصيل في الموسم التالي، محذرًا من مخاوف حقيقية بارتفاع أسعار عدد من المحاصيل خلال العام المقبل، خاصة الطماطم والبطاطس، نتيجة إحجام المزارعين عن زراعتها بعد الخسائر الفادحة التي تكبدوها هذا العام.
الزراعة التعاقدية لضبط السوق الزراعي
وأضاف الطوخي أن الدولة تتجه حاليًا إلى إعادة تطبيق نظام التحويط والدورة الزراعية، بما يضمن زراعة المحاصيل وفق الاحتياجات الفعلية للسوق، ويحد من الإفراط في استخدام الأسمدة والمبيدات، مؤكدًا أن التدخل الحكومي المنظم أصبح ضرورة لا غنى عنها لضبط إيقاع الإنتاج الزراعي.
وشدد على أهمية تعاقد الدولة مسبقًا على احتياجاتها من المحاصيل الزراعية، من خلال خطة واضحة تقوم على الحصر والدراسة والرؤية الشاملة، بما يحقق معادلة التوازن بين حماية المزارع من الخسائر، وحماية المستهلك من تحكم الوسطاء وتقلبات الأسعار الحادة.
وأوضح أن تنفيذ هذه المنظومة يتطلب تنسيقًا كاملًا بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ووزارة التموين والتجارة الداخلية، ومعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، على أن تتولى الحكومة إعداد الخطة وعرضها على المزارعين قبل بدء مواسم الزراعة، لضمان وضوح الرؤية واتخاذ قرارات إنتاجية مدروسة.
ولفت الطوخي إلى أن تفتت الحيازات الزراعية وتقزم مساحاتها يمثلان أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، لما لهما من تأثير سلبي مباشر على كفاءة الإنتاج، مؤكدًا أن التوسع في الزراعة المجمعة يمثل الحل الأمثل، بما يسهم في ضبط المساحات المزروعة وتحقيق التوازن بين العرض والطلب وفق احتياجات السوق الحقيقية.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور خالد جاد، المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الدولة تمتلك خطة طموحة للتوسع في المحاصيل الاستراتيجية التعاقدية، موضحًا أن النموذج الأبرز للزراعة التعاقدية في مصر يتمثل في محصول القمح.
وأشار إلى أن القمح يُعد أول محصول تعاقدي فعلي في مصر، حيث تتولى الدولة تحديد سعر التوريد قبل موسم الزراعة، والإشراف الكامل على عمليات الحصاد والتوريد، بما يشجع المزارعين على التوسع في زراعته، ويضمن لهم عائدًا عادلًا، وفي الوقت نفسه يؤمن احتياجات الدولة من السلع الاستراتيجية، ويعزز الأمن الغذائي الوطني.

