الصادرات الزراعية المصرية تقتحم أسواقاً جديدة عالمياً

تمثل الصادرات الزراعية المصرية أحد أبرز قصص النجاح الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، بعدما تجاوزت حاجز 10 ملايين طن وفق تقديرات رسمية، لترسخ مكانتها كركيزة استراتيجية تدعم الاقتصاد الوطني وتثبت قدرات القطاع الزراعي المصري على المنافسة عالمياً. ويرجع هذا التقدم إلى سياسات حكومية محكمة وإجراءات رقابية صارمة تضمن سلامة المحاصيل وجودتها قبل خروجها إلى الأسواق الدولية.
استراتيجية الصادرات الزراعية المصرية تدعم التوسع العالمي
أكد الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن النمو المطرد في الصادرات بدأ بوضوح منذ جائحة كورونا، بدعم مباشر من وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، خصوصاً جهاز الحجر الزراعي الذي يمثل خط الدفاع الأول عن جودة الحاصلات الموجهة للتصدير.
وأشار كمال إلى أن الوزارة تطبق منظومة التكويد والتتبع لضمان مراقبة الثمار منذ زراعتها وحتى وصولها إلى المستهلك، مستندة إلى استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 التي تعزز التنسيق بين وزارات الزراعة والتجارة واتحادات المنتجين والمصدرين والهيئات الرقابية.
وكشف أن مصر نجحت في فتح أسواق جديدة في دول مثل نيوزيلندا وأستراليا والصين واليابان وجنوب إفريقيا وموريشيوس وشيلي، مؤكداً أن هذه العملية تتم عبر مفاوضات طويلة وزيارات ميدانية دقيقة للحدائق ومحطات التعبئة، وهو ما يعكس ثقة الدول المستوردة في المنظومة الرقابية المصرية.
ورغم هذا التوسع، لا تزال بعض التحديات مؤثرة على منظومة التصدير، وعلى رأسها عدم انتظام الشحن البحري خاصة باتجاه الأسواق الإفريقية، إضافة إلى مشكلات التمويل والتنافس القوي مع دول الاتحاد الأوروبي والدول المتوسطية.
ولفت كمال إلى أن قائمة أبرز الصادرات الزراعية المصرية تتصدرها الموالح بأكثر من 2 مليون طن، ثم البطاطس بنحو مليون طن، تليها النباتات الطبية والعطرية والفاصوليا الخضراء والعنب والمانجو والبصل والفراولة.
منظومة رقابية متكاملة لضمان جودة الصادرات
من جانبه، كشف الدكتور محمد المنسي، رئيس الحجر الزراعي المصري، أن عدد الأسواق المستوردة للحاصلات المصرية تجاوز 100 سوق عالمي، وأن من أهم المنتجات المصدرة العنب والبطاطس والبصل والثوم والكركديه والجزر، إلى دول مثل أوزبكستان والفلبين والمكسيك وفنزويلا، مع استمرار العمل على فتح أسواق جديدة.
وأوضح المنسي أن منظومة الرقابة تشمل:
تسجيل المزارع ومحطات التعبئة ضمن نظام تتبع كامل.
الفحص الحقلي قبل الحصاد للتأكد من خلو المحصول من الآفات والأمراض.
الرقابة داخل المحطات بدءاً من الفرز والتدريج والغسيل والتعقيم والتعبئة تحت إشراف مباشر للحجر الزراعي.
تحليل المتبقيات بالتعاون مع هيئة سلامة الغذاء ومعامل معتمدة دولياً.
إصدار الشهادات الصحية النباتية المطابقة لاشتراطات الدول المستوردة.
مراقبة سلسلة التبريد للحفاظ على جودة الفاكهة الحساسة أثناء النقل والشحن.
كما أكد التزام مصر بتطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية مثل IPPC وSPS ومعايير ISPMs، إضافة إلى لوائح الاتحاد الأوروبي والمعايير الخليجية ومتطلبات كل دولة مستوردة، مع الالتزام الصارم بحدود متبقيات المبيدات المتفق عليها دولياً.
إجراءات مشددة لمنع أي تلوث أو مخالفات
وأشار المنسي إلى أن الجهات الرقابية تعتمد منظومة صارمة تشمل:
تطبيق أعلى مستويات النظافة والتطهير داخل محطات التعبئة.
استخدام المبيدات المصرح بها فقط وبجرعات آمنة.
الفحص المستمر لمتبقيات المبيدات والمياه المستخدمة في الغسيل والرش.
ضمان الفصل بين المنتجات لمنع أي تلوث تبادلي.
متابعة النقل والتخزين والتبريد للحفاظ على سلامة الشحنات.
وأضاف أن السياسات العامة للرقابة تتضمن التسجيل الإلزامي للمزارع والمحطات، والفحص المسبق قبل التصدير، وتحديث اشتراطات الدول المستوردة، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تصحيحية فورية في حال المخالفات، حفاظاً على سمعة الصادرات المصرية عالمياً.
كما تعمل الدولة على تعزيز البنية التحتية للمعامل وزيادة قدراتها للفحص السريع والدقيق، إلى جانب دعم المصدرين والمزارعين ببرامج تدريبية مكثفة، وتشجيع التحول نحو الزراعة النظيفة، وتيسير إجراءات التصدير عبر التحول الرقمي.
مخاطر المبيدات على الصادرات وضرورة ترشيد استخدامها
من جانبها، حذرت الدكتورة هند عبد اللاه، مدير المعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية، من الإفراط في استخدام المبيدات، مؤكدة أن التزام المزارعين بالممارسات الصحيحة يضمن عدم وجود أي آثار جانبية على المحصول أو المستهلك.
وأوضحت أن الالتزام بفترة الـ PHI بين الرش والحصاد يضمن اختفاء أي متبقيات ضارة، مشددة على أن تجاوز الحدود المسموح بها قد يسبب رفض الشحنات ويؤثر سلباً على الصادرات الزراعية المصرية. كما دعت المصدرين إلى إجراء الفحص المسبق قبل التصدير، واستخدام معامل حكومية معتمدة، وإجراء اختبارات دورية لضمان مطابقة المنتجات للمعايير الدولية.

