الأرض
موقع الأرض

خبراء يكشفون تفاصيل انتشار الحمى القلاعية سات 1 بمصر

اسلام موسى -

تُواجه مصر تحديًا وبائيًا جديدًا بعد ظهور الحمى القلاعية سات 1، وهي عترة فيروسية تُصنّف ضمن الأمراض العابرة للحدود، ما استدعى تحركًا سريعًا من وزارة الزراعة والهيئة العامة للخدمات البيطرية للسيطرة على الوضع وضمان حماية الثروة الحيوانية باعتبارها ركيزة أساسية في منظومة الأمن الغذائي المصري.

ومع تزايد القلق بين المربين، سعت البوصلة الاقتصادية إلى رصد تفاصيل الموقف الراهن وخطط المواجهة والتحصين داخل المحافظات.

تحصين واحتواء الحمى القلاعية سات 1 يظهر كفاءة النظام البيطري

كشف الدكتور حامد الأقنص، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، أن فرق التقصي تابعت الوضع الوبائي بدقة منذ أبريل الماضي، وتمكّنت في يوليو من عزل عترة "سات 1" داخل البلاد في وقت قياسي، الأمر الذي سمح بإنتاج اللقاح الخاص بها وبدء تنفيذه فورًا.

وأشار إلى أن حملات التحصين انطلقت في 16 أغسطس، ثم تبعتها حملة موسّعة في 25 أكتوبر، بهدف حماية الحيوانات السليمة ومنع انتشار العدوى، مؤكدًا أن التحصين والتغذية السليمة يُعدّان خط الدفاع الوحيد ضد الأمراض الفيروسية.

وأوضح الأقنص أن اللقاحات المحلية أثبتت كفاءة عالية، وأن الشائعات التي تتحدث عن عدم فعاليتها عارية تمامًا من الصحة، إذ تعمل الإدارات البيطرية على مدار العام وتلتزم بإجراءات السلامة الحيوية أثناء تقديم التحصينات.

وأكد أن المرض سريع الانتقال عبر الهواء، وتظهر أعراضه في شكل التهابات في اللسان والقدم وضعف الشهية، ما يستلزم تقديم أعلاف سهلة الهضم خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.

وأضاف أن الهيئة أنتجت أكثر من 8 ملايين جرعة لقاح، وأن الوضع الوبائي تحت السيطرة، مشددًا على أن اللحوم المطروحة بالأسواق آمنة طالما كانت من مصادر معتمدة وخاضعة للفحص داخل المجازر الرسمية.

برنامج تحصينات مستمر… وجهود لتأمين الواردات

من جانبه، أكد المهندس مصطفى الصياد، نائب وزير الزراعة، أن مصر تطبق برنامجًا ثابتًا للتحصينات طوال العام، يشمل أربع حملات رئيسية تستهدف الأمراض المنتشرة عالميًا، أبرزها الحمى القلاعية.

وأضاف أن العترة الجديدة "سات 1" تم عزلها خلال أقل من 20 يومًا وإنتاج لقاحها محليًا بكفاءة، ليجري تطبيقه في مختلف المحافظات دون تسجيل أي آثار جانبية.

وأشار الصياد إلى أن التحصين يشمل أيضًا الجلد العقدي وحمى الوادي المتصدع، وأن الوزارة تُتابع الوضع الوبائي عالميًا بالتنسيق مع منظمة الصحة الحيوانية لمنع استيراد حيوانات من مناطق موبوءة. كما تخضع الحيوانات المستوردة للحجر الصحي في بلد المنشأ ثم التحصينات السيادية عند وصولها إلى مصر لضمان سلامتها.

خبرة تراكمية وتمركز علمي يواجهان العترة الجديدة

الدكتورة هند الشيخ، مدير عام الإرشاد البيطري، أوضحت أن دخول الحمى القلاعية ليس أمرًا طارئًا، فهي مرض عابر للحدود، إلا أن ظهور العترة الجديدة "سات 1" رفع مستوى الاستعداد.

وذكرت أن مصر تمتلك خبرة تتجاوز نصف قرن في التعامل مع العترات الثلاث السابقة، وأن الأجهزة المعنية رصدت انتشار المرض في دول مجاورة منذ مارس الماضي، ما سمح بالاستعداد المبكر.

وأكدت الشيخ أن المعامل المحلية نجحت في تصنيع اللقاح الجديد، وأن الحملة التي بدأت في أغسطس شملت المزارع الكبرى ثم امتدت لصغار المربين داخل منازلهم.

وشددت على أن الإصابات الحالية تقتصر على الحيوانات غير المُحصّنة، وأن التزام المربين بالحملة الشتوية المقبلة ضروري لخفض الخسائر الاقتصادية التي يسببها المرض نتيجة انخفاض إنتاج الحليب وفقدان الوزن.

وأشارت إلى أن الهيئة توفر اللقاحات من خلال 1840 وحدة بيطرية لضمان وصولها لكل المزارعين.

تأمين اللحوم والألبان… وتعويض المربين

وفي سياق متصل، أكد الدكتور إيهاب صابر، رئيس صندوق التأمين على الثروة الحيوانية، أن الحمى القلاعية تنتشر في معظم دول العالم باستثناء أربع دول فقط، وأن هناك سبع عترات رئيسية تضم عشرات الأنواع الفرعية.

وأوضح أن وزارة الزراعة تُنفذ أربع حملات قومية للتحصين بأسعار رمزية، يستفيد منها أكثر من 80% من صغار المربين.

وشدد صابر على أن اللحوم والألبان تخضع لرقابة دقيقة؛ فالمسالخ الرسمية تُجري فحصًا شاملًا للحيوانات قبل الذبح، كما يتم التعامل مع الألبان حراريًا للحفاظ على سلامتها، إضافة إلى وجود أكثر من 240 مركزًا لتجميع الألبان لضمان جودة المنتج النهائي.

وأشار إلى أن صندوق التأمين يُعوّض المربين بنسبة تصل إلى 100% في حالة النفوق إذا كان الحيوان مؤمّنًا عليه، باستثناء حالات الإهمال أو عدم الالتزام بالتحصين.

تأثير اقتصادي مباشر… وخطط مستقبلية لرفع الإنتاج

الخبير في الإنتاج الحيواني الدكتور محمد عثمان، أكد أن الحمى القلاعية تُعد من أكثر الأمراض تأثيرًا على أداء المزارع، إذ تسبب التهابات تمنع الحيوان من الأكل والشرب، ما يؤدي إلى تراجع الإنتاج.

وأشار إلى أن مصر تنتج نحو 6.7 مليون طن من الألبان سنويًا، بينما يبلغ متوسط استهلاك الفرد 62 لترًا، وهو أقل من المعدل العالمي، ما يخلق فجوة إنتاجية.

وأكد عثمان ضرورة التوسع في تربية السلالات المحلية، وإنتاج الأعلاف واللقاحات داخليًا لتقليل الاعتماد على الاستيراد الذي يُمثل 80% من مدخلات صناعة الألبان.

وتابع أن التوقعات تشير إلى وصول عدد السكان إلى 120 مليون نسمة بحلول 2030، ما يستلزم زيادة الإنتاج بنحو مليون طن إضافي من الحليب، ورفع كفاءة القطعان لتحسين الإنتاجية.