انتشار الهالوك يفجر شكاوى الفلاحين ويهدد الموسم الزراعي

أطلقت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي تحذيرًا عاجلًا للمزارعين في مختلف محافظات الجمهورية قبل انطلاق موسم زراعة المحاصيل الشتوية، بشأن خطر انتشار نبات الهالوك المعروف بين الخبراء بلقب "اللص الأصفر" لما يمثله من تهديد مباشر للإنتاج الزراعي وقدرته على سرقة غذاء النباتات وتدمير مساحات واسعة من المحاصيل الحيوية.
ويُعد الهالوك واحدًا من أخطر الآفات الطفيلية في الحقول المصرية، إذ يخدع مظهره الذي يشبه "زهرة بريئة"، بينما يعتمد في جوهره على امتصاص الغذاء بالكامل من جذور النباتات العائلة، ما يؤدي إلى إضعافها وإصابتها بالهشاشة وتركها فريسة للأمراض والآفات الأخرى.
تصاعد مخاطر اللص الأصفر على الأراضي الزراعية
ويؤكد الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ بمركز البحوث الزراعية، أن الهالوك يختلف جذريًا عن النباتات الطبيعية، فهو عديم الأوراق ولا يمتلك جهازًا جذريًا حقيقيًا، بل يستخدم ما يُعرف بـ"الممصّات" التي يخترق بها جذور النبات العائل لامتصاص العصارة، مما يؤدي إلى إنهاك النبات الأصلي وخفض إنتاجيته بشكل خطير.
ويضيف أن خطورة الهالوك لا تتوقف عند قدرته على التطفل فقط، بل تمتد إلى سرعة انتشاره الكبيرة؛ إذ تنقل الرياح بذوره الخفيفة لمسافات بعيدة، كما قد تختلط بالتقاوي أو تبقى كامنة في التربة لسنوات، ولا تنشط إلا عند توفر الإشارات الكيماوية التي تطلقها جذور المحاصيل. وما إن تنمو البذور حتى تُنشئ مستعمرة طفيلية تشبه "جيشًا أصفر" قادرًا على السيطرة على الحقل بالكامل.
أضرار جسيمة على المحاصيل وإنتاجية الفلاح
ويوضح فهيم أن تأثير الهالوك على المحاصيل الزراعية يشمل:
ضعفًا واضحًا في نمو النباتات نتيجة استنزاف غذائها.
انخفاض الإنتاجية لأكثر من نصف المحصول في الفول البلدي والبرسيم والطماطم وبعض الخضر الأخرى.
ارتفاع تكاليف المكافحة والتنقية وزيادة جهد الفلاح دون مقابل اقتصادي مناسب.
استراتيجيات المكافحة… بين العلم والممارسة الميدانية
وتشهد مصر خلال السنوات الأخيرة تطبيق عدة وسائل فعالة للحد من انتشار الهالوك، أبرزها استعمال جرعات منخفضة للغاية من مبيد الجليفوسات خصوصًا في الفول البلدي، حيث أثبتت التجارب نجاحًا ملحوظًا في الحد من الطفيل وتحسين الإنتاجية. ويلجأ بعض المزارعين كذلك لمركبات محلية ذات مواد فعالة مختلفة، مع ضرورة استخدامها تحت إشراف متخصص لضمان الأمان والفاعلية.
ويشير فهيم إلى أن مكافحة الهالوك تبدأ من الوقاية، عبر:
تنقية التقاوي والتأكد من خلوها من بذوره.
تنظيف الأرض جيدًا قبل الزراعة.
اتباع دورة زراعية تشمل محاصيل صائدة مثل العدس، التي تدفع بذور الهالوك إلى الإنبات دون وجود عائل، فتؤدي إلى موتها تلقائيًا.
ويختتم بقوله: "الهالوك ليس مجرد نبات طفيلي عابر، بل عدو شرس وسارق رزق، والتهاون في مكافحته يفتح الباب لخسائر لا يتحملها الفلاح المصري."

