الأرض
موقع الأرض

خبير يكشف أسباب انتشار الحمى القلاعية

أسباب انتشار الحمى القلاعية 
كتب - إسلام موسى: -

قال الدكتور خالد فتحي سالم، أستاذ قسم البيوتكنولوجيا النباتية بمعهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية في جامعة مدينة السادات، إن الحمى القلاعية تُعد من أخطر الأمراض الفيروسية التي تصيب الحيوانات ذات الحوافر المشقوقة مثل الأبقار والجاموس والأغنام والماعز، نظرًا لقدرتها السريعة على الانتشار وإحداث خسائر اقتصادية فادحة للمربين والدول على حد سواء.

وأوضح "سالم" أن المرض لا ينتقل إلى الإنسان مباشرة، لكنه يُشكّل خطرًا غير مباشر على الأمن الغذائي والاقتصاد القومي، إذ يؤدي إلى انخفاض إنتاج الألبان واللحوم، وضعف القيمة التسويقية للحيوانات المصابة، وقد يتسبب في نفوق بعضها في الحالات الشديدة.

أسباب انتشار الحمى القلاعية

تتعدد العوامل المسببة لانتشار الحمى القلاعية، خاصة في فصلي الشتاء والربيع، إذ تساعد درجات الحرارة المعتدلة على بقاء الفيروس نشطًا لفترات طويلة. ومن أبرز هذه الأسباب:

1. نقل الحيوانات دون فحص بيطري:
انتقال الحيوانات من أسواق أو محافظات مختلفة دون التأكد من خلوها من الفيروس يؤدي إلى سرعة انتشار العدوى بين القطعان.

2. ضعف إجراءات النظافة والتطهير:
عدم تعقيم أماكن الإيواء وأدوات الحلب يجعلها وسيلة فعالة لنقل الفيروس من مزرعة إلى أخرى.

3. التحصين غير المنتظم أو استخدام لقاحات غير مناسبة:
إهمال برامج التطعيم أو استخدام لقاحات غير مطابقة للسلالة المنتشرة يقلل من المناعة داخل القطيع.

4. الاختلاط في الأسواق والمراعي:
تجمع الحيوانات في أماكن البيع أو الرعي المشترك يُعد من أخطر مصادر العدوى، حيث ينتقل الفيروس عبر اللعاب والإفرازات والماء الملوث.

5. ضعف الإشراف البيطري والوعي:
في بعض المناطق الريفية لا يتوافر الوعي الكافي بخطورة المرض، ما يؤدي إلى تأخر اكتشاف الحالات واتساع نطاق الإصابة.

الحيوانات الأكثر عرضة للإصابة

يصيب المرض جميع الحيوانات ذات الحوافر المنقسمة، لكن أكثرها تضررًا:

الأبقار والجاموس: تظهر عليها تقرحات في الفم واللسان، مع ارتفاع في الحرارة وصعوبة في المضغ والأكل.

الأغنام والماعز: تكون الإصابة أقل حدة لكنها تساهم في نقل العدوى بسرعة.

الخنازير والجمال: تصاب بدرجة أقل، لكن المرض يبقى محتمل الانتشار عبرها في ظروف معينة.

تبدأ الأعراض عادة بعد 3 إلى 5 أيام من العدوى، وتشمل الحمى، الخمول، فقدان الشهية، وظهور فقاعات مائية على الفم والقدمين والضرع، مما يؤدي إلى صعوبة المشي وانخفاض الإنتاج.

العلاج والرعاية البيطرية

لا يوجد علاج نوعي مباشر يقضي على الفيروس، لكن الرعاية السليمة تقلل الخسائر وتحد من انتشار المرض، وتشمل:

عزل الحيوانات المصابة في حظائر منفصلة.

تطهير أماكن الإيواء بالجير الحي أو الفورمالين المخفف.

تقديم أعلاف لينة وماء نظيف باستمرار.

استخدام مضادات حيوية وقائية لمنع العدوى البكتيرية الثانوية.

دهن التقرحات بمحاليل مطهرة وملطفة تحت إشراف الطبيب البيطري.

التحصين والوقاية: السلاح الأقوى

أكد الدكتور خالد فتحي سالم أن التحصين المنتظم هو الركيزة الأساسية للسيطرة على الحمى القلاعية.
يُطعَّم الأبقار والجاموس مرتين سنويًا بفاصل ستة أشهر، مع إعادة التطعيم بعد أربعة أسابيع في المرة الأولى لضمان مناعة قوية.
ويجب حفظ اللقاحات في درجة حرارة تتراوح بين 2 و8 درجات مئوية، واستخدامها فقط للحيوانات السليمة.

ويختلف نوع اللقاح حسب السلالة المنتشرة، لذلك تُحدّد الجهات البيطرية الحكومية اللقاح المناسب لكل منطقة لضمان فعاليته.

استراتيجيات المكافحة المتكاملة

للحد من انتشار الحمى القلاعية، شدد "سالم" على ضرورة تطبيق خطة وطنية شاملة تشمل:

التطعيم الدوري للحيوانات في المناطق المهددة.

فرض الحجر البيطري ومنع انتقال الحيوانات من المناطق المصابة.

تطهير الأسواق والمجازر والطرق الريفية بانتظام.

التخلص الآمن من الجثث بالحرق أو الدفن الصحي.

رفع الوعي المجتمعي بين المربين بضرورة الإبلاغ الفوري عن الحالات المشتبه بها.

الحمى القلاعية بين الإنسان والحيوان

انتقالها إلى الإنسان: المرض لا يُعد خطرًا على البشر، والإصابات نادرة جدًا.

انتقالها عبر اللبن: اللبن الخام من الحيوانات المصابة غير آمن للاستهلاك، لكن الغلي أو البسترة يقضيان على الفيروس تمامًا.

انتقالها من الإنسان إلى الحيوان: لا ينتقل الفيروس عبر الإنسان ككائن حي، لكنه قد يُنقل ميكانيكيًا عبر الأحذية أو الملابس أو الأدوات الملوثة.

يذكر أن الحمى القلاعية ليست مجرد مرض يصيب الحيوانات، بل تحدٍّ اقتصادي وصحي يؤثر على الأمن الغذائي الوطني.

ويظل الوعي البيطري، والالتزام بالتحصين، والتبليغ السريع عن الحالات، عوامل حاسمة في السيطرة على هذا الوباء.
فالمربي الواعي هو خط الدفاع الأول لحماية الثروة الحيوانية وضمان استدامة الغذاء في وطنه.