الأرض
موقع الأرض

انفراجة تفتح الباب للتصدير الزراعي في مصر والهند

الملاحة في البحر الأحمر
كتب - محمود راشد: -

بعد عامين من الاضطرابات التي أصابت التجارة الدولية بالشلل، تلوح بوادر الأمل في الأفق لعودة الملاحة عبر البحر الأحمر، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، والذي يمر عبره ما يقرب من 30% من حركة الحاويات العالمية. الأزمة التي اندلعت في أكتوبر 2023، نتيجة لتداعيات الحرب في غزة، تسببت في تحويل مسارات السفن حول أفريقيا، ما ضاعف أوقات العبور ورفع تكاليف النقل بشكل غير مسبوق، وأثر بشكل مباشر على تجارة المنتجات الطازجة الحساسة للوقت والسعر.


اتفاق هش يعيد الأمل

في 13 أكتوبر 2025، تم توقيع اتفاق سلام يهدف إلى إنهاء الصراع في غزة، متضمنا وقف إطلاق نار دائم. ورغم أن الاتفاق ما زال هشا، إلا أنه مثل نقطة تحول مهمة في مسار الأزمة. ومع أن الحوثيين في اليمن لم يكونوا طرفا في الاتفاق، إلا أن وقف هجماتهم البحرية أصبح ضرورة لتحقيق الاستقرار.
يقول ستيفانو إيوريني، المدير العام لمجموعة جلوبال ستار في السعودية، إن "اتفاق وقف إطلاق النار خطوة إيجابية تبعث الأمل في عودة الاستقرار إلى المنطقة. لا يزال الوقت مبكرا، لكننا بدأنا نلمس مؤشرات على تحسن الثقة في أوساط التجارة والخدمات اللوجستية".


عودة تدريجية خلال ستة أشهر

رغم التفاؤل، يتفق خبراء القطاع البحري على أن عودة الملاحة الطبيعية عبر باب المندب لن تحدث بين ليلة وضحاها. وتشير تقديرات كبار التنفيذيين في شركات الشحن الدولية إلى أن استعادة العمليات بالكامل قد تستغرق نحو ستة أشهر.

ويشرح إيوريني أن استئناف الرحلات المباشرة يعتمد على قرارات شركات الشحن والتأمين والأطراف السياسية المعنية، مضيفا أن بعض الخطوط بدأت بالفعل بتسيير رحلات مباشرة من أوروبا إلى الخليج والهند. ومع استمرار الاستقرار، من المتوقع أن تعود باقي الشركات تدريجيا إلى جداولها المعتادة.


تأثير ملموس على تجارة الفواكه والخضروات

يشكل هذا التحسن المرتقب بارقة أمل لتجار ومصدري المنتجات الطازجة الذين تضرروا بشدة من الأزمة، خاصة في الهند ومصر. ومع ذلك، قد لا يستفيد المصدرون من العنب الهندي أو الموالح المصرية من الانفراج قبل الموسم القادم، إذ يتوقع أن تعود الحركة إلى طبيعتها بحلول مارس 2026، بالتزامن مع ذروة موسم الصادرات الزراعية.

ويقول إيوريني إن استئناف الملاحة المباشرة سيعني وصول الشحنات أكثر نضارة، وجودة أعلى، وتخطيطا أكثر استقرارا. فخلال الأزمة، كان على السفن الالتفاف حول القارة الأفريقية، مما أضاف ما بين عشرة وأربعة عشر يوما إلى زمن الرحلات. أما الآن، فسيستعيد المصدرون من الهند وشرق أفريقيا إلى أوروبا والخليج تلك الأيام المهدورة، وهو ما يحدث فرقا جوهريا في جودة السلع القابلة للتلف.


تداعيات إيجابية على المنطقة

أما بالنسبة لمصر، فيتوقع أن يكون التأثير أقل على الصادرات إلى أوروبا، لكنها ستستفيد من تحسن حركة الشحن نحو الخليج والهند والشرق الأقصى، بفضل انخفاض أوقات العبور وتحسن انتظام الرحلات.

ويختتم إيوريني حديثه قائلا: "إذا استمر الزخم الإيجابي الحالي، فسنبدأ بلمس الفرق قريبا جدا. نحن نستعيد المسارات المباشرة تدريجيا، وبحلول الربع القادم سنكون قد اقتربنا كثيرا من الوضع الطبيعي. حان الوقت لترك الأزمة خلفنا والتركيز مجددا على ما يميز قطاعنا: إيصال المنتجات الطازجة إلى المستهلكين بجودة وموثوقية عالية".