الأرض
موقع الأرض

أسباب انهيار أسعار البطاطس في السوق المحلي

اسلام موسى -

أكد المهندس أحمد الشربيني، عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي ورئيس الجمعية العامة لمنتجي البطاطس، أن مزارعي البطاطس تعرضوا لخسائر فادحة خلال الموسم الماضي، نتيجة الزيادة المفرطة في الإنتاج التي تجاوزت 3 ملايين طن، وهو ما فاق احتياجات السوق المحلي، رغم تصدير نحو 1.5 مليون طن إلى الخارج.

زيادة الإنتاج تُغرق السوق.. والمزارع يدفع الثمن

وأوضح الشربيني أن استيراد كميات كبيرة من تقاوي البطاطس أدى إلى توسع غير مدروس في المساحات المزروعة، ما تسبب في زيادة المعروض بشكل كبير، وبالتالي انهيار الأسعار في الأسواق المحلية.

وأضاف أن هذا الوضع يمثل "ضربة قاصمة" للمزارعين الذين لم يجدوا من يتحمل معهم تبعات هذا التوسع، مشيرًا إلى ضرورة تقنين زراعة البطاطس حتى لا تتكرر الأزمة.

الموسم الجديد في خطر.. وعزوف المزارعين ينذر بارتفاع الأسعار مستقبلاً

تشهد العروة الشتوية المقبلة تراجعًا كبيرًا في إقبال المزارعين على زراعة البطاطس، وسط مخاوف من استمرار الخسائر وارتفاع أسعار التقاوي التي تجاوزت 72 ألف جنيه للطن.

وحذّر الشربيني من أن المساحات المزروعة قد تنخفض إلى مستويات "معدومة تقريبًا"، في ظل غياب آلية لتحديد سعر ضمان للمحصول، وغياب الالتزام بالزراعات التعاقدية سواء من جانب الشركات أو المزارعين.

تكاليف مرتفعة وعوائد منهارة.. المزارعون على حافة الإفلاس

من جانبه، أكد المهندس محمود الطوخي، رئيس مجلس إدارة الجمعية العامة لمنتجي الخضر والفاكهة، أن المزارعين أصبحوا على وشك الإفلاس بسبب الفارق الكبير بين تكلفة زراعة الفدان التي تصل إلى 82 ألف جنيه، وسعر البيع المتدني.

وأشار إلى أن المزارع بدأ يتجه إلى محاصيل بديلة مثل بنجر السكر والفراولة التي توفر هامش ربح مقبول.

ودعا الطوخي إلى تبني نظام الزراعة النظيفة والعضوية، باعتبارها الخيار الأمثل للتصدير إلى الأسواق العالمية، مع ضرورة توفير الدعم الفني من خلال الإرشاد الزراعي والندوات وورش العمل لرفع كفاءة المزارعين وتحسين جودة الإنتاج.

التجار يربحون والمزارع يخسر.. والعدالة مفقودة

لفت فتحي وجيه ناصف، عضو الجمعية العامة لمنتجي الخضر والفاكهة، إلى أن مكاسب تجارة البطاطس تذهب للتجار على حساب المزارعين، الذين يتحملون وحدهم أعباء التكاليف.

وشدد على ضرورة تحديد سعر ضمان ثابت يضمن تحقيق هامش ربح للمزارع، ويدعم استمرارية زراعة هذا المحصول الاستراتيجي.

كما طالب بفتح قنوات مباشرة لاستيراد التقاوي من الدول الأوروبية، من خلال لجنة مشتركة تضم ممثلين عن وزارة الزراعة والجمعيات الزراعية، إلى جانب تفعيل دور الدولة في تسويق المحاصيل عبر منظومة منظمة وشفافة.

أزمة عامة.. وضعف في الإقبال على الزراعة الشتوية

وصف عادل عبد العليم، رئيس جمعية البطاطس بالجيزة، الأزمة الحالية بأنها "أزمة عامة" تضرب جميع مزارعي البطاطس، مشيرًا إلى أن ضعف الإقبال على زراعة العروة الشتوية بات واضحًا، وسط تراجع الطلب على التقاوي المستوردة وارتفاع تكلفتها.

وأوضح أن الكثير من المزارعين لجؤوا إلى زراعة "بطاطس الكسر" من إنتاج العروة السابقة لتقليل التكاليف، لكن مع ارتفاع أسعار الأسمدة والعمالة والوقود، أصبحت الأرباح معدومة تمامًا، ما يهدد مستقبل الزراعة في هذا القطاع.

العرض والطلب يحكم السوق.. ومخاوف من تكرار الأزمة

لفت صفوت حماد، عضو الجمعية المركزية بالجيزة، إلى أن مشكلة تسويق البطاطس ترتبط بشكل مباشر بعوامل العرض والطلب، ومع تكدس الإنتاج في الأسواق والثلاجات، فقد انهارت الأسعار بشكل لم يسبق له مثيل.

وأكد أن هذه الأزمة ستنعكس سلبًا على العروة الشتوية المقبلة التي يبدأ تجهيزها منتصف نوفمبر، حيث يتردد كثير من المزارعين في خوض تجربة الزراعة مجددًا دون ضمانات واضحة.

دعوات لتدخل حكومي عاجل

تتزايد الدعوات من قبل الجمعيات الزراعية والمزارعين إلى تدخل حكومي عاجل لإنقاذ زراعة البطاطس، من خلال وضع سعر ضمان للمحصول، وتفعيل الزراعات التعاقدية، وتقديم دعم فني وإرشادي حقيقي للمزارعين، بما يضمن استمرار زراعة أحد أهم المحاصيل الغذائية في مصر.

كما يشدد الخبراء على ضرورة إعادة هيكلة سوق البطاطس من خلال تقنين الاستيراد والتوسع المدروس في المساحات، وفتح أسواق تصديرية جديدة تساعد في امتصاص الفائض، وتحقق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.

خاتمة: مستقبل البطاطس في خطر.. والحل في التخطيط طويل المدى

تعكس أزمة البطاطس الحالية هشاشة منظومة الزراعة في مصر في غياب سياسات واضحة ومستقرة تحمي المنتج المحلي من تقلبات السوق. وإذا لم يتم التحرك سريعًا لضبط هذه المنظومة، فإن المزارع لن يكون قادرًا على الاستمرار، ما ينذر بأزمة غذائية محتملة تؤثر على المستهلك والمزارع على حد سواء.