أسرار زراعة البابونج لزيادة العائد الاقتصادي

أكد الدكتور محمود عتمان، رئيس بحوث متفرغ بمعهد بحوث الإرشاد الزراعي، أن نبات البابونج يُعد من أبرز المحاصيل الطبية والعطرية التي تمتلك ميزة تنافسية عالية في السوق العالمية، حيث تحظى النورات الزهرية المصرية بقبول كبير في الأسواق الأوروبية، خاصة ألمانيا وإيطاليا، بسبب طريقة جمعها اليدوية الدقيقة التي تمنحها جودة أعلى مقارنة بالدول التي تعتمد على الجمع الميكانيكي.
وأشار د. عتمان إلى أن النورات الزهرية المصرية للبابونج تُجمع يدويًا بعنق قصير لا يتجاوز نصف سنتيمتر، وهو ما يميزها عن تلك التي تُجمع ميكانيكيًا في الدول الأخرى، حيث يكون العنق أطول مما يقلل من جودتها. هذا الفارق التقني يمنح البابونج المصري أفضلية واضحة، ويجعله أكثر طلبًا في التصدير إلى أوروبا وأمريكا، ما يعزز مكانة مصر في هذا القطاع الزراعي التصديري الحيوي.
وفيما يتعلق بالمكونات الفعالة، أوضح د. عتمان أن نسبة الزيت الطيار في نورات البابونج المصري تتراوح بين 0.6% إلى 1.6%، ويتميز هذا الزيت بلونه الأزرق الغني بمادة "الأزولين"، التي تصل نسبتها إلى 15%، وهي مادة فعالة طبياً تُستخدم في صناعة المستحضرات الطبية والعلاجية، مما يرفع من القيمة السوقية للمنتج المصري على المستوى العالمي.
وأضاف أن موعد زراعة البابونج في الأراضي القديمة يبدأ من أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر في المشاتل، أو خلال شهر أكتوبر في الأرض المستديمة، مشيرًا إلى أن الفدان الواحد يحتاج إلى 20 – 25 ألف شتلة، تنتج من نحو 200 جرام من البذور عالية الجودة، ما يجعل عملية اختيار التقاوي خطوة محورية في تحقيق إنتاج وفير.
وشدد الدكتور عتمان على أهمية معاملة البذور بالمطهرات الفطرية قبل الزراعة لمكافحة أعفان الجذور وأمراض الذبول، مع ضرورة الالتزام بأساليب الري المقنّن "على الحامي"، وتجنّب الإسراف في المياه حفاظًا على صحة النبات وجودة المحصول.
كما أكد أن انتظام التسميد، ومكافحة الحشائش، والاهتمام بالعزيق تعد من العوامل الأساسية التي تساهم في نجاح زراعة البابونج وتحقيق إنتاجية عالية.
وتابع أن موسم جمع الأزهار يبدأ من أواخر ديسمبر وحتى مايو، ويبلغ متوسط إنتاج الفدان من النورات الجافة حوالي 500 إلى 700 كجم، في حين يُستخرج من كل طن من النورات الجافة نحو 3 إلى 3.5 كجم من الزيت العطري عالي الجودة، وهو إنتاج يُعد اقتصاديًا مجزيًا عند الالتزام بالممارسات الزراعية السليمة.
وأشار د. عتمان إلى أن طريقة تجفيف الأزهار تلعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على جودة الزيت، حيث يجب أن تتم عملية التجفيف في مناشر مظللة وجيدة التهوية، وليس تحت أشعة الشمس المباشرة، لأن التجفيف الخاطئ يؤدي إلى فقدان ما يصل إلى 31% من الزيت الطيار، ما يُفقد المحصول جزءًا كبيرًا من قيمته.
ولفت إلى أن الأسواق الخارجية تُفضل النورات الكاملة كبيرة الحجم ذات اللون الأبيض ونسبة الزيت المرتفعة، وهو ما يتطلب عناية خاصة خلال مراحل الزراعة والحصاد والتجفيف، لضمان مطابقة المواصفات المطلوبة للتصدير.
وفي ختام تصريحه، أكد الدكتور محمود عتمان أن البابونج المصري لا يُعد فقط محصولًا تصديريًا هامًا، بل يساهم أيضًا في دعم الاقتصاد الوطني، نظرًا لاستخداماته الطبية المتعددة كمهدئ، خافض للحرارة، مقوٍ للأعصاب، طارد للغازات، ومضاد للتشنجات والالتهابات.
ودعا المزارعين إلى الالتزام بالتوصيات الفنية والإرشادية الموثوقة لضمان زيادة الإنتاج وتحقيق أعلى عائد اقتصادي ممكن.